برنامج «أبيض أسود» يترافع عن الشيطان!

بديع منير صنيج – تشرين

«في لبنان والخليج يفضل الجمهور هيفاء وهبة على سمير صفير، أما في سورية فسيختارونني لأن الجمهور السوري مثقف»، «الجمهور الذي يحب الفن الرديء ازداد بعد أن كان لبنان مدرسة للخلق والإبداع،

وهذا الألق ذهبَ ليس لأن «الجمهور عايز كده» بل لأننا «طحبشناه» والمسؤولية تُلقى على عاتق وزارة الثقافة والسلطة الرابعة والمبدعين»، «سيمون أسمر فرض مدرسة الاهتمام بشكل الفنان منذ 15 سنة، وينبغي تدميرها، وأنا أحترم برنامج «the voice» لاهتمامه بالصوت أكثر»، «هناك كلام يُغنَى «يُطقِّقْ» من الضحك، وهناك نجوم غناء يُروّجون لكلام ضد الطبيعة»، «يقلدون شاكيرا بحركة خصرها ويغفلون ما تقوم به بحنجرتها، والأمر ذاته يفعلونه مع جينيفر لوبيز»، «أنا مُلحِّن مُفكِّر وعلى الكلمات التي ألحنها أن تندمج مع عقيدتي ورسالتي الفنية، ولست كالكثيرين لا طعم لهم ولا رائحة ولا لون»، «وائل كفوري «أكل الضرب» في اشتراكه ببرنامج «the X factor»، وإليسا ملكة النشاز، في حين ان نانسي عجرم تحترم نفسها وهي أهم من نجوى كرم»، «كيف يقنع حسين الجسمي نفسه بأن صوت «محمد الريفي» فظيع؟ أين كنوز الأصوات المغربية؟»، «لماذا يحافظ فارس كرم على مدرسة أسلوب «الجعير» كما في أغنيته (شفتا بشارع الحمرا)؟».

هذه بعض المانشيتات التي يمكن استخلاصها من حلقة برنامج «أبيض أسود» التي عُرضت عند الثامنة من مساء الأحد الماضي على قناة الـ«NBN» واستضاف فيها المُقدم «قاسم دوغمان» الفنان والملحن «سمير صفير»، حيث استفاد «دوغمان» من جرأة وصراحة الملحن اللبناني وألمه مما آلت إليه الأغنية العربية عموماً، واللبنانية خصوصاً، في ظل سيادة الفيديو كليب، والانعطافة الكبرى في تحول المغني إلى عارض أزياء، والتقليد الأعمى للغرب في الشكليات وإغفال الجوهر، فضلاً عن السرقة التي يقوم بها بعض ممن يدعون أنهم ملحنون من ألحان تركية وهندية وغير ذلك.

ضمن جميع هذه المحاور حافظ المُقدِّم على أسلوب «صب الزيت على النار»، فلم يكن هدفه التوغل في مكنونات ضيفه الفنية بقدر تحصيل مانشيتات صحفية على لسانه، بمعنى أنه لم يتم الانتقال من الخاص إلى العام، بل على العكس ظل الحديث يدور كثيراً في العموميات من دون أية محاولة للاقتراب من عقيدة «صفير» الفنية، رغم محاولة الأخير حرف الحوار للجانب الإيجابي الذي يريده من خلال أخذه أكثر من مرة موقع المُقدِّم وطرح أسئلة على «دوغمان» وقف عاجزاً عن الرد عليها من مثل «أعطني مثلاً واحداً عن أغنية طربية لنجوى كرم؟».

البرنامج لم يوازن بين الأبيض والأسود اللذين يطرحهما في عنوانه، وإنما مال إلى القتامة، أو في أفضل الأحوال حاول أن يقترب من الصحافة الصفراء وتحقيق مانشيتات مثيرة للقراء، وبقي على حد تعبير «صفير» يُروِّج للجانب الأسود من الفن أكثر من تعاطيه مع الظواهر الإيجابية من مثل السورية «فرح يوسف» المشتركة في برنامج «Arab Idol»، حيث دافع «دوغمان» طوال الحلقة التي استمرت ما يقرب الساعة والنصف ساعة عن الطرف النقيض لضيفه بغض النظر عمن هو، مُجسداً بذلك دور محامي الشيطان العارف بخطايا موكّليه، لكن المُدافع عنهم حتى النهاية؛ وبشراسة!.