2012/07/04
علاء محمد- دار الخليج قبل الخوض في النقاط التي تم تسجيلها على مسلسل “باب الحارة” بعد ما عرض من حلقات من جزئه الخامس، لا بد من القول إن سبب إقفال باب هذه الحارة مع نهاية هذا الجزء ربما هو شعور المخرج أو جهة الإنتاج بعدم جدوى استمراره، خاصة بعد أن تبين أن الجزأين الأول والثاني (اللذين نجحا وحققا الجماهيرية) وإن ذيلت شارتهما باسم المخرج بسام الملا، إلا أن الحقيقة هي أن المخرج المخضرم علاء الدين كوكش هو من قام بإخراجهما بدل الملا الذي كان يعاني في تلك الفترة عارضاً صحياً فناب كوكش عنه في العمل لكنه لم ينب عنه بالاسم، وبعد الجزأين الثالث والرابع اللذين أخرجهما الملا فعلياً، عاد الأخير في الجزء الحالي ليعمل على التشاركية في الإخراج مع شقيقه مأمون الملا، مع ظهور الاسمين معاً على الشاشة . على ما يبدو، فإن الإعلان عن نهاية المسلسل هذا العام أقعد كاتبه عن الاجتهاد في إيجاد حبكة درامية مثيرة، فجاءت الحلقات التي عرضت حتى الآن، ضعيفة، بعيدة كل البعد عن السيناريو الذي أخرج في الأجزاء السابقة، فتم الإكثار والمبالغة في إظهار البيوت من الداخل، وتفاصيل الحياة اليومية لكل أسر،ة فزواج “مأمون بك” من “فريال” لا يبدو أن من ورائه أي هدف أكثر من تمضية الوقت، ومحاولة تزويج “أبو خاطر” من قبل شيخ الحارة أمر لا طائل منه، وكذلك أمر غضب عصام من زوجتيه، ذلك الغضب الذي بات مكشوفاً إذ ينتهي بانتهاء العمل، وبمصالحة تامة مهما كانت تفاصيله كارثية قبل ذلك . أما تنصيب معتز “عكيداً” للحارة في الحلقة الأولى من خلال مناداته بهذا اللقب فجاء بلا أي أثر، اللهم إذا كان القصد من ذلك التجديد في شخصيات أهل الحارة وتركيبتهم . أما مسألة إحياء الأموات التي كان بطلها الممثل عباس النوري (أبو عصام) فتبدو كأنها ليست أكثر من حركة دعائية للمسلسل قبل عرضه، لأن اسم النوري لم يظهر في شارة العمل، لكن تمت الاستعاضة عن ذلك، ومن أول حلقة، بإعادة (أم جوزيف) إلى الحياة وهي التي ماتت في آخر حلقة من الجزء الماضي بإطلاق الرصاص عليها من قبل الفرنسيين، وفي ذلك إثارة مجانية لا تقدم ولا تؤخر مهما أعطى المخرج لأم جوزيف من ثقل في المسلسل . ويصر المخرج ومنذ الجزء الأول على تقديم شخصية رئيس المخفر “أبو جودت” بصورة كوميدية هزلية مضحكة تثير السخرية وتدعو إلى الابتسامة مع كل مشهد له . لكن، ولأن كتب التاريخ والأرشيف العربي قبل الغربي، شاهدان على تلك الحقبة، فإن المنطق يقول إن أي محتل وطأت قدماه ومجنزراته وأسلحته أرضاً محتلة، كان يعين الدرك والشرطة والأمن من الرجال الذين لا يرحمون، لا يبتسمون، لا يسمحون لأحد بالابتسامة، كانوا جديين إلى أبعد حد من الجدية، جزارين، لا يصبرون يوماً واحداً على رجولة معتز وقبله خاله “أبو شهاب”، ولا على وجود رجال الحارة في بيوتهم إذا تمردوا لساعة واحدة، فالمعروف أن الفرنسيين كانوا يدمرون أي حي يخرج منه أحرار متمردون فيصبح مكان الثوار، وعلى الدوام، في بساتين الغوطة يقومون من هناك بعمليات نوعية خاطفة، سرية، لا أن يتواجدوا في بيوتهم في وضح النهار يهددون رئيس المخفر صباح مساء، فأين المنطق في نقل التاريخ؟ وهل كان الفرنسيون سيبقون في سوريا شهراً واحداً لو كانوا يعتمدون في إدارة شؤون الأحياء على شخصيات من طراز أبي جودت؟ وبدأ الجزء الخامس بمحاولة اغتيال للعكيد الجديد “معتز” على يد أحد المدسوسين من قبل أبي جودت رئيس المخفر، ولأن هذا الأمر يجب أن يكون، لكونه بداية القصة، محركاً للعمل، فقد بدا أنها كانت محاولة يائسة من قبل الكاتب ومن بعده المخرج لإشعال الجزء الخامس، لكنها سرعان ما أخمدت باختفاء “أبو طاحون” الذي برز اسمه أكثر من شكله، وهنا لا بد من قراءة الأمر بأحد احتمالين: الأول، أنه كان يجب قتل معتز، وبالتالي يشتعل الصراع في العمل بين الحارة والفرنسيين، وفي ذلك خدمة كبيرة يوجهها المخرج للمشاهد، إلا أنه لو تم ذلك لكان المسلسل خسر معتز الذي يجب ألا يخسر . أما الاحتمال الثاني، وهو الذي حصل، فإن المخرج ارتأى أن يبقي على حياة معتز من باب الإشارة إلى أهميته في الجزء الخامس، إلا انه بذلك يكون جانب خطه الذي رسمه منذ الجزء الأول من حيث إن معتز شخصية مهمة في الحارة، ولا يحتاج للتنويه إلى قيمته، إلى نجاة من اغتيال، فأين هو “أبو طاحون”؟ وأين محاولة اغتيال معتز، من الحلقات التالية التي أعقبت الحلقة الأولى؟ العمل لا يزال يعرض على الشاشات، والظاهر حتى الآن أن المخرج سينتظر حتى الحلقات الخمس الأخيرة ليفجر الوضع، بحيث تكون النتائج، كما في كل جزء، انتصاراً للحارة على الفرنسيين، وقتل “أبي جودت” على يد معتز، وصلحاً بين كل المتخاصمين، وذلك أن القائمين على المسلسل معروفون بحبهم للنهايات السعيدة، ولو على حساب المنطق .