2012/07/04
أحب الكوميديا وأنحاز إليها -
من خلال الكوميديا يمكن أن نعبر عن هموم الطبقة الوسطى التي تضمحل..
إنها مرافعة عن الناس البسطاء.
لست راض عن أعمالي الكوميدية فقط، بل أضفت إحساسي وخصوصيتي، وبات لي الاقتراح الكوميدي الخاص بي.
علي احمد - بوسطة
مع أن الفنان أيمن زيدان ممثل لكل الأدوار والشخصيات، إلا أنه يميل أكثر للأعمال والأدوار الكوميدية، فقد كانت له مشاريع كوميدية هامة "يوميات مدير عام ـ بطل من هذا الزمان ـ الوزير وسعادة حرمه.. " ولا نستطيع أن ننسى الشخصيات الأخرى التي برع في أدائها "مفيد الوحش ـ ابن الوهاج ـ هولاكو..". الفنان أيمن زيدان يتحدث في هذا اللقاء عن أخر مشاريعه الفنية، وعن علاقته بالكوميديا.
*ماذا تحدثنا عن تجربتك الجديدة؟
**إنجازنا مسلسل كوميدي "مرسوم عائلي"، وهو من نوع المكان الواحد أو كما يسمى ويشاع عنها "سيتكوم" كتب نصه محمود الجعفوري الذي سبق أن تعاونت معه في أعمال درامية عديدة "الوزير وسعادة حرمه ـ رجل الانقلابات ـ زمن الصمت ـ رصيف الذاكرة.." وبعملنا الجديد نتناول ثلاثين مادة قانونية من قانون العقوبات السوري المثير للسخرية، فمع أنها ظاهرة لكنها موجعة بنفس الوقت، وقد نسجنا على مادة من المواد القانونية المتخلفة الموضوعة من زمن الحكم العصملي والتي لم يطرأ عليها أي تعديل ولا تطوير وقد نسجنا من روح مادة حلقة تلفزيونية كوميدية ساخرة، من خلال عائلة مكونة من أب موظف حاصل على شهادة الحقوق، ونتيجة ضغوط الحياة وإلحاح أسرته يقرر فتح مكتب محاماة في بيته، ويواجه الكثير من التحديات، هذا هو الإطار العام للمشروع. العمل يخرجه الفنان ماهر صليبي في أول تجربة إخراجية له ويشارك في العمل كل من "سلمى المصري ـ نضال سيجري ـ شكران مرتجى ومجموعة من الوجوه الشابة الجديدة، فداء كبرا ولمى حكيم وشيروان وأحمد، بالإضافة إلى عدد كبير من الضيوف محمد حداقي ـ أندريه سكاف ـ رافي وهبة ـ نضال نجم ـ أدهم مرشد ـ سامية جزائري ـ حسام تحسين بك.. *
تعددت تجاربك مع الكاتب محمود الجعفوري، يبدو أنك متبنيه؟
**لست متبنيه، لكنني مصر على أن لديه موهبة ملفتة بالكتابة، وخاصة في مجال الكوميديا، وهذا رأي فيه، مع أن هناك بعض من مشاريعه لم تأخذ حقها من العرض والاهتمام، ورغم كل ذلك أرى أن الجعفوري من أوضح الكتاب الذي يكتبون في هذا المجال.
*الملاحظ أنك مهما ابتعدت عن الكوميديا، إلا أنك تعود إليها؟ *
*لأن الكوميديا هي الفن الأكثر قدرة على التأثير، والتواصل مع الناس، واستنباط أوجاعهم ومشاكلهم، تحت شعار "شر البلية ما يضحك" وأن هذه الحياة جديرة بالسخرية، كما أنه يمكننا من خلال الكوميديا الغوص في أعماق الناس. وربما ميلي باتجاه الكوميديا لأنني أحبها كثيراً، فهي ليست مؤثرة فقط، إنما يمكننا من خلالها أن نعبر عن هموم الطبقة الوسطى التي تضمحل، كما في عملنا وبطله البسيط. لذلك أرى الكوميديا أنها مرافعة عن الناس البسطاء، وأشعر أن من واجبي الدفاع عنهم، من خلال تسليط الضوء على مشاكلهم وهمومهم وتطلعاتهم وانكسراتهم وأحلامهم.
*هل يمكن أن تكون الكوميديا محاولة للهروب من الرقابة أو التحايل عليها؟ *
*بالعكس تماماً، فالكوميديا هي أكثر صدامية مع الرقابة، العمل الكوميدي على المستوى الرقابي يتعرض للتدقيق، وتدرك اللجان الرقابية خطورته، لأن الكوميديا تشير بالبنان لمكامن الوجع وبشكل مباشر. والنص والموقف واللحظة الكوميدية والفكرة أهم ما في المشروع الكوميدي، فلا يستطيع أي كان في المشروع الكوميدي الاختباء وراء إصبعه، أو وراء ظل ونور أو كادر ما أوجيوش وحركات، فلا يمكن أن تتوارى.. فالكوميديا واضحة صريحة، والعمل الكوميدي أما أن ينجح أو يفشل، ولا يحتمل الحلول الوسط.
*هل تفوق أيمن زيدان على نفسه بأدائه للأدوار الكوميدية؟
**لا أستطيع القول أنني أسير بهذا الاتجاه، فكما يمكننا الحديث عن مسلسل مدير عام وبطل من هذا الزمان أو الوزير، أيضاً يجب أن نتحدث عن مفيد الوحش وإسامة ابن الوهاج وهولاكو.. فأنا أنحاز للمشروع الجيد بصرف النظر عن طبيعته.
*وما هو المشروع الجيد؟
**الذي يمتلك جرعة معرفية وجمالية، وبتوافر هذان الشرطان، لا يكون لديّ مشكلة في أن يكون العمل كوميدي أو تراجيدي.
*ماذا يميز خيار الكوميديا؟
**إنها امتحان أصعب، لذلك تجد أن عدد الممثلين الكوميديين في العالم أقل بعشرات المرات من الممثلين التراجيديين أو الدراميين إذا جاز القول. ويمكنك أن تعد أسماء لا منتهية من مخرجين وممثلين يعملون في أعمال تراجيدية، لكن في المحطات الكوميدية البارزة ستجد نفسك أمام عدد محدود، وهذا بسبب صعوبة هذا الفن وتعقيده ، رغم كل البساطة الظاهرة فيه، إلا أنه وراء هذه البساطة جهد كبير جداً.
*هل تعتبر نفسك من بين هؤلاء الممثلين القلائل؟
**أحب الحديث بالأرقام، ومدى إسهاماتي في هذا المجال، لذلك أكيد أعتبر نفسي من بين هؤلاء الممثلين بكل بساطة وتواضع، وتصور أنه بعد كل هذه السنوات ألا أكون كذلك. ولماذا لا أعتبر نفسي كذلك، طالما رحلتي مع هذا المشروع طويلة، وأنا أستغرب سؤالك،
فهل أنت تشكك في ذلك.
*لا؟
**إذاً لماذا سألتني؟
*لأعرف مدى رضاك عن تجاربك؟
**لست راض فقط، بل أضفت إحساسي وخصوصيتي، وبات لي الاقتراح الكوميدي الخاص بي، وراضي عن معظم ما قدمت من تجارب كوميدية.
*هل استطاعت الكوميديا السورية أن تكون الأميز بين الكوميديا العربية؟
**لنكن أكثر وضوحاً ونعترف أن هناك تراجع عام في الكوميديا العربية، فكما قلت إنها فن صعب، لذلك لا يستطيع أحد أن يعد أكثر من أربع أو خمس محطات كوميدية واضحة منذ عشرين عاماً وإلى الآن، والكوميديا السورية إلى حد بعيد عندما تظهر تكون واضح. لكن للأسف الأعمال الكوميدية تعامل على أنها درجة ثانية، إما نتيجة صعوبتها أو لطبيعة النظر إليها والاهتمام بها من حيث المستوى الإنتاجي أو التسويقي.
*ماذا تقصد؟ *
*أقصد الموازنة المالية التي توضع للعمل الكوميدي، تكون أقل بكثير من الأعمال الأخرى، مع أن الكوميديا أصعب أو أعقد من مشاريع أخرى.
ثم يضيف زيدان: لكنني أشعر أن الساحة الكوميديا فارغة، وبين كل فترة وأخرى حتى يظهر فلاش كوميدي مؤثر، وبغير ذلك لا يمكننا القول أن الكوميديا حاضرة. سيما أن الناس تواقة لمشاهدة أعمال كوميدية. وبالتجاور معها هناك تجارب كوميدية مستسهلة وهذه نحن استثنيناها من حوارنا، لكن بصورة عامة هناك أزمة في الكوميديا العربية.
*بما أنك أكثر المتبنين للأعمال الكوميدية في الدراما السورية، وطالما أنك أحد القائمين على العملية الإنتاجية، فكيف يتم اختيار العمل الكوميدي؟
**يبدأ الموضوع عندما يتم طرح موضوع كوميدي يستفزني، ثم أقوم بالتصدي له، من خلال التعاون مع الكاتب محمود الجعفوري أو كاتب غيره، نحاول صياغة هذا المشروع، وبالنسبة لي دائم ما يكون هناك رحلة بحث عن عمل كوميدي، وهذا جزء من حياتي، لأنني أشعر أنه من خلال العمل الكوميدي أجيب على تساؤلات تؤرقني، لذلك يبقى الموضوع قرار بالتبني أو لا... مع أننا نقرأ آلاف الصفحات كي نختار مشروع كوميدي، في الوقت الذي تقرأ في عدد أقل من الصفحات لنختار أكثر من موضوع اجتماعي. فالرحلة صعبة للوصول لنص كوميدي ملفت أو يستوقفني أو يكون هام.
*هل تفضل أن تكون ممثل كوميدي؟
**أنا ممثل لكل الأدوار، ولا أحب التأطير في مجال واحد كوميدي أو تراجيدي، لكن أنحاز للكوميديا، لأنها الأكثر تأثيراً.