الولادة المؤلمة من الخاصرة...سواد كثيف يكتنف عالم الشخصيات فيعمل على سحقها أكثر

اسماعيل مروة- الوطن السورية

سمعنا الكثير عن (الولادة من الخاصرة) للصديق الشاعر سامر رضوان، سمعنا وحاورنا ونشرنا، وانتظرنا عملاً مميزاً حسب قول الكاتب، وحسب رأي أغلب المشاركين في العمل.. قال بعضهم: العمل جريء، وقال آخرون: تجاوز الخطوط الحمراء، بل إن فنانة صديقة عبرت عن إعجابها بدهشة النص..

تابعت العمل، ويبدو أن مخرجته لا تزال عالقة بوخز (غزلان في غابة الذئاب) ومؤلفه لا يزال باحثاً عن طبقة الحكم والأمن التي تركها في نهاية (لعنة الطين) وسواء أكانت النهاية للمخرج أو للمؤلف فقد أفسدت نهاية اللعنة رائحة الطين العبقة بحنان الأرض عند سامر رضوان.

محاور العمل كلها مرتبطة بالفساد، أبعد ما تكون عن النبل، وهذا بحد ذاته أمر لا يصب في مصلحة العمل، أما ما تحدث عنه الجميع، وأظن أن صديقي سامر يتسع صدره لمخالفة في الرأي، ما تحدثوا عنه من جرأة ليس جرأة بقدر ما هو نقل مجمّل للواقع، والواقع فيه أكثر بكثير، ولكن هل هذا النقل جرأة؟!

منذ غزلان في غابة الذئاب لفؤاد حميرة رأى المتابعون والنقاد وتابعهم المبدعون أن شتم السلطة أو أجزاء منها هو الطريق الأمثل للوصول إلى شريحة أكبر، مع أن النقد يمكن أن يقدم فوائد أكثر، وهنا أستشهد بأعمال الرائع الصديق الراحل أسامة أنور عكاشة الذي مارس أقسى أنواع التشريح وما كان مجرّحاً يوماً، وأنا أقف مشدوهاً أمام درامانا من العشق الحرام إلى كل الأعمال التي تصرّ على الردح الشوارعي وتنقله إلى الشاشة بكل ما فيه من جرح للمشاعر، سيسال أحدهم: ألا يوجد؟ قلت سلفاً الواقع أقسى بكثير ولكن..!

قد نجد في حياتنا قوّادين يقدمون زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم، وقد نجد متسلطين لا يرعون حدود اللباقة في الاعتداء على الآخرين، وقد يقوم أحدهم بأضعاف ما نراه على الشاشات، لكن هل يعقل أن يمسك ضابط أمن لحية طبيب في عيادته ليخبره بأنه يلعب بزوجته، وعليه أن يقبل هذا الوضع، بل أن يخبره بما سيحدث في تلك الليلة!! والزوجة المكحلة تتصل بالضابط لتعطيه درساً في كيفية التعامل مع أعراض الناس، ناهيك عن السلبة في الحي الفقير والتضارب اللحظي الحاد بين الشهامة والانتهازية لعبد الهادي صباغ.. صديقنا سامر الأفكار والنص والشرائح المنتقاة والغاية قمة في الذكاء، وبناء الشخصيات وما شابه في فن القصّ بلغ عندك الغاية، والذي كنت أتمناه ألا تبلغ المباشرة حداً واخزاً يسرق بهجة النص وفكرته.. وبعض الحوارات إلى وصلت درجة من التدني غير المقبول في نص يحمل غايات نبيلة وخطّة شاعر مرهف.

أنا عرفت الأخ سامر شاعراً، وقد ظهرت بعض الملامح الشاعرية في شخصية عامر في لعنة الطين، وأنتظر عملاً يحمل الكثير من المشاعر والنبل والرومانسية لعل أرواحنا تنهض مع شاعرنا وكاتبنا من مستنقع الوحل الذي أدركنا وجوده ورأينا نتائجه.. أشيد بالنص فكراً وبأداء الممثلين المدهش دون استثناء خاصة لحظة تشويه وجه النجمة سلاف فواخرجي التي قدمت مشهداً للذكرى على ما أظن.. وبإخراج له نكهته المميزة في ميدان لا تجارى فيه رشا وهو الواقع.. مجرد انطباع قابل للنكوص وغير قابل للفرض مطلقاً.