2012/07/04
إيناس عبد الله وإياد إبراهيم – الشروق
البعض وصفها بالردة الفنية وهناك من أكد أنها مجرد شو إعلامى، إلا أن الجميع من أهل الفن استنكر أن يهب أحد نواب البرلمان الذى اصطلح على تسميته «برلمان الثورة» وهو النائب ياسر القاضى ليقدم طلب إحاطة حول دراما رمضان ويستدعى وزير الإعلام لمناقشته فى محتوى الأعمال مهددا فى تصريحاته أن المجلس التشريعى سيتدخل لوضع حد للأعمال التى تلهى الجمهور عن هذا الشهر الكريم أو تخرج عن آداب وتقاليد المجتمع، من وجهة نظره.
الفنان صلاح السعدنى حرص على أن يبعث برسالة إلى النائب صاحب طلب الإحاطة حول دراما رمضان قال فيها:
«على الجميع أن يعلم أن الفن هو من يبحث فى تفاصيل الحق والخير والجمال ونحن أبناء الجيل الذى نشأ فى عصر النهضة والحقبة الناصرية، جيل صلاح جاهين ومحمود دياب وعلى سالم وإحسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وكل القامات التى تربينا معها وعلى يدها ــــ قادرون بالحفاظ على الهوية المصرية الحقيقية بعاداتها وتقاليدها وقادرون على أن نقدم فنا حقيقيا يعد جزءا من ضمير الأمة، وأنا على ثقة أنه مهما كانت هناك انفلاتات فى بعض الأعمال فالفنانون أنفسهم هم الأقدر على رفضها وهم اول من يلفظها، ودائما نحاول كجموع الفنانين ان نقدم رسالة على قدر الرسالات التى قدمها اساتذتنا على مدى اكثر من ثمانين عاما والذين تركوا لنا أعمالا تحمل توقيع أسماء كتبت حروفها من النور فى تاريخنا المصرى العريق أمثال توفيق الحكيم ومحمد عبدالوهاب وام كلثوم وسعد الدين وهبة, فاتركونا نعمل ونجتهد فنحن الأقدر فى الحفاظ على هوية هذا البلد العريق.
ودعا المخرج محمد فاضل وزير الإعلام قبل أن يذهب إلى مجلس الشعب لمناقشة هذا الطلب ان يصطحب معه اثنين من المتخصصين من اساتذة الفن لإعطاء هذا النائب درسا فى ماهية الفن والدراما وماهية حرية التعبير والتأكيد انهم الذين اشادوا باختيارات الجمهور المصرى لهم كنواب فى البرلمان فعليهم ان يواصلوا هذه الاشادة بأن هذا الجمهور قادر على اختيار الاعمال التى تناسبه وتحترم عقليته وعاداته دون محاولة فرض اى وصاية عليه وإما ان يقدموا على إنتاج اعمال يعتقدوا انها ستحظى على اقبال الجمهور ولنعرض أعمالنا والأيام بيننا ستثبت أى الأعمال ستحظى على اقبال جماهيرى.
وقال: لست مع الفن الهابط بلا شك ولكنى ضد اى محاولة للتدخل فى عمل المبدعين فهذا مجالهم وهم اولى به من غيرهم وأعتقد أن صاحب هذا الطلب لا يهدف إلا لجذب الأضواء اليه فى مزيد من الشو الإعلامى الذى نرصده منذ عقد جلسات مجلس الشعب وعليه لست قلقا أو متشائما واعيدكم إلى السبعينيات حينما اخترق رأس المال السعودى والخليجى السوق الدرامية المصرية وحاول رفض شروطه ومنها الا يتضمن العمل الدرامى به رجلا وامرأة دون محرم وشروط غريبة إلا أن هذه المحاولة لم تفلح فلم يستجب الفنانون المصريون الذين وقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا التدخل ودعمهم الجمهور وفشلت المحاولة وهو نفس ما سيحدث إذا حاول البعض فرض شروطه علينا وعليهم فقط أن يرجعوا للتاريخ.
ووصف السيناريست مصطفى محرم طلب الاحاطة هذا بأنه ردة فنية قائلا: مثل هذه الطلبات لابد ان نضعها فى متحف ونتفرج عليها فهذا ضد حرية الابداع واسال اين جبهة حرية الابداع التى شكلها جموع الفنانين من هذه الامور المهينة التى ترتكب ضد الابداع وأين المبدعون من هذا التيار الرجعى الذى يريد ان يعيدنا إلى العصور المظلمة، لابد ان نقف بحزم ضد هذا الفكر والخوف هنا من المؤلفين اصحاب النفوس الضعيفة الذين يلعبون على كل الحبال ورجال كل الانظمة الذين قد يستجيبون لمثل هذه المهاترات كما كانوا يفعلون فى ظل النظام السابق وأذكر أننى حينما قدمت مسلسل «الحاج متولى» وقفت ضد سوزان مبارك التى ازعجها نجاح مسلسل يحكى قصة رجل يتزوج أكثر من مرة وهى التى كانت تدعى مساندة قضايا المرأة الا اننى وقفت صامدا رافضا كل التدخلات وهو ما سأفعله فى كل زمن فلا يصح الا الصحيح ولن يوجهنا احد ولن يرسم لنا أحد مهما كان خارطة طريق لكتابة اعمال على هواه ووفقا لأيديولوجياته.
السيناريست مجدى صابر قال: هذا كان متوقعا لدينا ككتاب ومبدعين ولذلك شكلنا لجنة الدفاع عن حرية الابداع وذهبنا للمجلس فى اول يوم لانعقاده وقدمنا رؤيتنا ضد اى قيود على الابداع من منظور دينى لأن البعض يتصور ان الدين هو رفض الابداع والفنون عموما وهى نظرة خاطئة وقاصرة.
ويضيف: ما يحدث مجرد زوبعة فى فنجان ومعادلة لإثبات الوجود وأرى أن مهمة المجلس تشريعية ورقابية على اداء الحكومة وليس من مهامة مراقبة الفنانين وأرجوهم ان يهتموا بقضايا الوطن المصيرية وهى كثيرة كانهيار المؤسسات وأزمة الخبز والوقود والغاز وغيرها فهى قضايا أهم من مراقبة أعمال رمضان..
وأشار صابر إلى ان مهمة الفن هى تسليط الضوء على قضايا المجتمع فهو ضميره وقال «أعتقد أن الفن المصرى لعب دورا كبيرا قبل الثورة فى كشف كثير من الفساد والعشوائية والفقر الذى يعيشه الشعب والفساد الذى غرقت فيه مصر ولذلك فالفن ليس فى حاجة إلى وصاية من احد. كما ان الفن يعتبر مهنة كغيرة من المهن فيه الكثير الجيد والقليل الخبيث ولكننا كمبدعين نطارد الابتذال والتردى الفنى ونرفضه قبل اى شخص من خارج المجال، وضمير المجتمع نفسه يقف امام تلك الاعمال ولذلك لسنا بحاجة إلى من يعلمنا الاخلاق او يفرض بها قانونا وأعتقد أن مجلس الشعب نفسه وما به من متدينين ليسوا ملائكة ليعلمونا الاخلاق وقد ظهر منهم من كذب وادعى اشياء لم تحدث لإخفاء عملية تجميل وأؤكد فى النهاية اننا سنوقف اى قانون يفرض قيودا أو وصاية على الابداع.
اما النجم فتحى عبدالوهاب فوصف طلب الإحاطة بالحدث السنوى من بعض النواب وما يحدث الآن يحدث كل عام وكأننا نعيد الزمن إلى الوراء وقلل من أى فرص للرقابة على الدراما بهذا الشكل وقال: هم الآن يتحدثون عن رقابة التليفزيون ولكن ماذا عن الفضائيات؟!! وإذا كانت لديهم القدرة على السيطرة على القمر الصناعى المصرى، النايل سات، فماذا سيفعلون مع العرب سات او القمر الاوروبى وغيرهما؟ لذا أرى أنه ليس هكذا تدار الامور، خاصة وان لدينا أجهزة رقابية عديدة مخصصة للدراما وغيرها ولدينا لوائح رقابية تحتوى العديد من البنود التى أفهم بعضها واتعجب من البعض الآخر!
ويتعجب فتحى من الاهتمام بالدراما واهمال ملفات مصيريه أخرى ويقول: أنا أريد حلولا لمشاكل أكثر إلحاحا كمشكلة التلوث مثلا فهل يستطيع سيادة النائب أن يجد حلا لها وأن يخرج لنا بإحصائيات تشير إلى الأمراض التى يسببها التلوث وكم تكلف الدولة من اموال.. واسال النائب ايضا ماذا فعلتم لمرضى السرطان والكبد وسكان المقابر وما يتردد الآن عن رغبة صندوق النقد لتخفيض الجنية 20 %؟!
صاحب طلب الإحاطة: لماذا لا نقدم عمرو دياب وهو يصلى؟
دافع النائب ياسر القاضى عن تحمسه لتقديم طلب إحاطة حول دراما رمضان قائلا: «ما دفعنى لتقديم هذا الطلب هو ما نشاهده كل عام على شاشة التليفزيون فى الشهر الكريم من أعمال تحاول إلهاء الشعب المصرى عن رمضان بل وعن كل الحياة واهتماماتها سواء رياضية أو ثقافية والعجيب أن هذه الاعمال لا تعرض إلا فى رمضان فقط وطوال العام لا نرى مثل هذه الحشد، والشاشة التى اقصدها هى شاشة التليفزيون المصرى التى لنا سلطة عليها وننتظر خلال ايام حضور وزير الإعلام للجنة الثقافة والاعلام ليعرض علينا الخريطة المنتظرة فى رمضان المقبل».
واضاف: أنا لا أريد أن يُفهم من كلامى بأننى اتتبع المشاهد الفاضحة فقط بل اريد ان اصل إلى ما هو ابعد من هذا، فأنا ابحث عن القدوة الحسنة فماذا لو تم الاستعانة بعمرو ياب مثلا فى مسلسل وظهر يصلى ركعتين فاعتقد ان شبابا كثيرين سيقلدونه لكننا نرى تخصيص مساحات كبيرة لشخصيات غير سوية مثل المرتشين ونضعهم فى مرتبة احسن من الرجل صاحب الضمير بأن نجعله فقيرا يعانى والمرتشى غنى!
وقال: سنتبع النصح والإرشاد فنحن فى دولة حريات ولن نجبر أحدا ولن أخفى اننا نريد ان نسير على نهج عدم الإجبار والقهر ولكن إذا استمر الحال هكذا فى رمضان اعتقد اننا يجب علينا التدخل كمجلس تشريعى لأنه سيكون هناك اصرار على إفساد الذوق العام ولابد للناس أن تشعر بوجود الثورة!
مصدر مسئول بوزارة الإعلام: فوجئنا بطلب الإحاطة عن الدراما وجاهزون بالرد
أبدى مصدر مسئول فى وزارة الإعلام انزعاجه أن يتبنى أحد نواب الشعب هذا الموضوع فى هذا الوقت الحرج وفى ظل قضايا أكثر حساسية وخطورة تستحق مناقشتها وإتاحة الوقت الأكبر منها مثل أداء الإعلام ومعاييره وقانون تنظيم البث المرئى والمسموع.
وقال: ملزمون بالطبع للرد على هذا الطلب ونحن جاهزون تماما فى أى وقت يتم استدعاؤنا إليه مع وضع فى الاعتبار أننا مهتمون بحرية الإبداع والتعبير ولن نقبل بفرض أى قيود عليها ما لم تتجاوز هذه الأعمال.