ثبُت مؤشر الدراما السورية عند رقم محدّد بالنسبة إلى عدد الأعمال التي ستنتج كل عام. ومنذ بداية الحرب وحتى هذا العام، ينجز في كل موسم أكثر من عشرين مسلسلاً. هذا الأمر يبشّر بأنّ الحرب لم تتمكن من الإطاحة بأهم صناعة سورية، كما فعلت مع كل شيء جميل في «عاصمة البوابات السبع»، رغم أنّ الآراء النقدية تجزم بتهاوي المستوى الفني لأكثر من نصف تلك الأعمال أو فشلها في تحقيق المستوى المأمول.
كما أنّ الوقائع تشير إلى أنّ صنّاع الأعمال يعجزون أحياناً عن حجز مساحة لمنتجاتهم في الفضاء العربي، إما بسبب ضعف الميزانيات، أو لغياب أشهر النجوم عن عدد من تلك المسلسلات، أو لأسباب سياسية. غير أنّه في معظم الأحيان يكون السبب في سعي المحطات وراء المزاج السائد المتّفق مع الأعمال العربية المشتركة وما تطرحه من أفكار سطحية وسوية متهالكة.
على أي حال، بدأت بعض الصحف السورية تحتفي بنصر مؤزر تحقّق للدراما باكراً هذا العام من خلال ثباتها للمرّة الخامسة على التوالي، وإنجازها عدداً لا بأس به من المسلسلات، بعضها جاهز للعرض وبعضها الآخر لا يزال قيد التصوير أو في مرحلة التحضير. هكذا، صار من الممكن الحديث عن الخريطة الرمضانية السورية التي ستحتوي تقريباً على 26 مسلسلاً للموسم المقبل. علماً بأنّ مصير بعضها ما زال معلّقاً من دون حسم الموقف بشأن رؤيته للنور أو إلغائه أو تأجيله!
مبدئياً، ومن داخل دمشق، اقتحمت كاميرات بعض المخرجين السوريين حدود القاع الدمشقي، ليسير الممثلون بمحاذاة المعاناة الإنسانية التي تفتك بهذا الشعب. على سبيل المثال، يصوّر المخرج أحمد ابراهيم أحمد مسلسل «الزوال» (نصّ يحيى بيازي وزكي مارديني) الذي يتناول قصة حزام دمشق العشوائي في منطقة «ركن الدين» والجبل الذي يحوي في حاراته وبيوته المتلاصقة قصصاً شيّقة ومجتمع القاع المهيّأ للانفجار في أيّ لحظة. المسلسل من بطولة سلوم حداد، وباسم ياخور، وميسون أبو أسعد، وفادي صبيح.
من جهته، بدأ المخرج السينمائي جود سعيد تصوير أولى مشاريعه التلفزيونية في «أحمر» عن نصّ للزميل علي وجيه ويامن الحجلي، ومن بطولة عبّاس النوري، وسلاف فواخرجي، وديمة قندلفت، وصفاء سلطان . سنتابع في العمل المنتظر قضية مقتل «خالد» القاضي في «جهاز الرقابة والتفتيش»، حيث سيفتح تولي صديق عمره «العميد حليم» التحقيق في الجريمة الباب أمام فلاش باك يكشف خبايا الفساد في سوريا، ويقدّم خلفية متماسكة لما يحدث اليوم.
أما ناجي طعمي، فينتج مشروعاً مشتركاً بين شركته «الفارس» و«المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي » هو «لست جارية» (كتابة فتح الله عمر). يخوض المشروع في عوالم الفساد ويقدّم بحسب تصريح الكاتب لـ «الأخبار» مناقشة لـ «قضية انقلاب القيم في مجتمعاتنا العربية المعاصرة».
يستمر المخرج يزن أبو حمدة في تصوير سباعيات «عابرو الضباب» (تأليف بشار مارديني) لنشاهد بحسب البرمو، نموذجاً سورياً لدراما الأكشن وعالم الجريمة المنظمة الذي سيقتحمه، معتمداً على مجموعة نجوم بينهم سلّوم حداد، ونادين خوري، ومرام علي.
وفي سياق مشابه، يقدّم الكاتب عثمان جحى مع المخرج فهد ميري قصة بوليسية في «بلا غمد»، نتابع من خلالها التخطيط لتنفيذ عمليات تفجير محكمة في قلب دمشق من قبل جماعات مسلّحة بغية خرق المؤسسات الرسمية بما فيها الأمنية.
على ضفة مختلفة إلى حدّ ما، يدخل المخرج صفوان نعمو ضمن الحدث السوري من خلال قصص حبّ تدور رحاها على نار حامية في ثلاثيات «مدرسة الحب» (تأليف مازن طه، ونور شيشكلي). العمل تصل حلقاته إلى ستين، وتشارك فيه مجموعة نجوم منهم ورد الخال، وحسن الرداد، وعابد فهد، وباسم ياخور، وأمل عرفة، وعبد المنعم عمايري.
يبدو أنّنا لن ننجو من المسلسلات الشامية هذا الموسم أيضاً، إذ يصوّر محمد زهير رجب مسلسل «عطر الشام» (تأليف مروان قاووق) لنكون على موعد مع اجترار للكليشيهات نفسها لهذا النوع من الدراما. وكذلك الأمر بالنسبة إلى «خاتون» (لطلال مارديني وتامر اسحاق) الذي اشترته mbc سلفاً، وسمحت للشركة المنتجة «غولدن لاين» باستقدام عدد كبير من النجوم بينهم سلوم حداد، وباسم ياخور، وكاريس بشار، وسلافة معمار، ويوسف وورد الخال، وآخرون.
وينتظر جمهور النجم دريد لحام إطلالته في مسلسل «أحلى عالم» (إنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي») الذي كتب نصّه «غوّار» بنفسه وسيلعب بطولته، فيما يخرجه السينمائي محمد عبد العزيز في أولى تجاربه الإخراجية للتلفزيون.