2012/07/04
محمد رفعت - مصراوي إذا كان المسرح هو أبو الفنون فإن السينما هى فن القرن العشرين بامتياز، ومنذ بدايات هذا الفن الوليد وقتها استفاد كثيراً من المسرح لدرجة أن الأفلام الأولى لم تكن فى الحقيقة إلا تسجيلاً للمسرحيات الشهيرة لكبار النجوم والنجمات مثل الفرنسية ذائعة الصيت (سارة برنار). لم يكن هناك أى نوع من الإعداد السينمائى للمسرحيات، ولكنها كانت تقدم كما هى أمام الجمهور على خشبة المسرح! وكانت المشكلة الأكبر أن الكاميرا ثابتة ومن زاوية واحدة وكأنها تحل محلّ متفرج يجلس فى الصف الأول. وفى مصر لم يختلف الأمر كثيراً حيث كان نجوم السينما الأوائل هم نجوم المسرح الكبار، وفى وقت مبكر استفادت السينما من تحويل مسرحيات نجم المسرح الأشهر «يوسف وهبى» إلى أفلام كما فى «أولاد الفقراء» الذى اشترك فيه نجوم مسرح رمسيس مثل «أمينة رزق»، كما قدم «يوسف وهبى» تجربة فريدة هى مسرحية «كرسى الاعتراف» التى أعدّ عنها فيلماً سينمائياً مختلفاً ينطق بالفصحى، وتشاركه البطولة نجمة سينمائية صاعدة ليس لها خبرة مسرحية تقريباً هى «فاتن حمامة» عندما نشاهد هذا الفيلم اليوم قد نلاحظ ثراء الديكور والملابس، ولكن الممثلين لم يستطيعوا أن يتخلصوا تماماً من آثار الأداء المسرحى، وهو ما نلاحظه أيضاً فى فيلم آخر مأخوذ عن مسرحية ليوسف وهبى هو فيلم «بيومى أفندى» مع «فاتن حمامة، وفاخر فاخر، وميمى شكيب». والطريف أن يوسف وهبى أعاد تقديم المسرحية وصورها تليفزيونياً. وكان معه هذه المرة بطلة فرقة رمسيس وتلميذته المخلصة «أمينة رزق». ولأن الستينات هى بالإجماع العصر الذهبى للمسرح المصرى الذى قدم إبداعات «نعمان عاشور» و«سعد الدين وهبة» و«الفريد فرج» و«ميخائيل رومان» فقدم نعمان «عاشور» القصة والسيناريو والحوار لمسرحيته المعروفة «الناس اللى تحت» فى فيلم قام ببطولته «يوسف وهبى» و«مارى منيب»، وغلب على الفيلم الحوارات الطويلة، وعادت السينما لاستخدام أعمال «توفيق الحكيم» رائد المسرح المصرى الكبير الذى ظهرت أولى مسرحياته على الشاشة الكبيرة فى الأربعينات فى فيلم «عبد الوهاب» الشهير والجميل «رصاصة فى القلب»، وكان من اللافت فى هذا الفيلم أن هناك درجة من التحرر فى السرد كأن يتحول الحوار المسرحى بأكمله إلى ديالوج غنائى شهير هو «حكيم عيون»، بالإضافة إلى أغنيات أخرى لا تنسى وحوار «الحكيم» اللاذع، وعندما عادت السينما إلى مسرح «الحكيم» فى الستينات قدمت له فيلماً أصبح اليوم من كلاسيكيات تلك الفترة هو «الأيدى الناعمة»، وقد ساهم فى نجاحه الأغنيات بالإضافة إلى حفاظ «يوسف جوهر» كاتب السيناريو على مضمون حوار «الحكيم» المسرحى وخاصة حكاية الأستاذ «حتى» المعروفة، والتى أصبحت من أشهر حوارات الأفلام. وخلال الستينات قدمت السينما فيلم «شفيقة القبطية» لـ «جليل البندارى» بعد نجاح المسرحية التى تحمل نفس الاسم، وكان الفيلم من إخراج «حسن الإمام» الذى ارتبط بالميلودراما وقصص حياة الراقصات. تراجعت ظاهرة اقتباس المسرحيات وتحويلها إلى أفلام فى السبعينات ومن أبرز هذه التجارب تحويل المسرحية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» إلى فيلم فاشل بنفس الاسم ولكن بأبطال آخرين هم «عبد المنعم مدبولى» و«محمد عوض» و«نور الشريف» و«سمير غانم» و«جورج سيدهم» ومن إخراج «حسام الدين مصطفى»، وكانت التجربة بشعة بكل المقاييس. أما التجربة الثانية فهى أفضل بكثير حيث قدم «مصطفى محرم» إعداداً ذكياً لمسرحية «العش الهادئ» فى فيلم بنفس الاسم قام ببطولته «محمود ياسين» و«برلنتى عبد الحميد»، ولعل آخر علاقة للسينما المصرية بالمسرحيات الناجحة عندما ظهرت موضة تسجيل مسرحيات ناجحة مثل «الزعيم» إلى أشرطة سينمائية، ولكن لحسن الحظ لم تستمر الظاهرة بعد أن أصبحت المسرحيات متاحة على الفضائيات صباح مساء.