2012/07/04
5 حواس - البيان «لا أتجمَّل؛ لأنني لا أحتاج إلى الكذب».. قد يكون هذا شعار المذيعين النجوم في هذه الفترة التي نعيشها، فلم يعودوا بحاجة إلى وسامة مبالغ فيها مثلما كانوا سابقا. حيث تحكمت عوامل أخرى في نجومية المذيع أو الإعلامي بشكل عام تتعلق بالحضور والثقافة، بغض النظر عن البدانة أو الصلع، فإعلاميون مثل «عماد الدين أديب، أحمد المسلماني، عمرو أديب، معتز الدمرداش، مفيد فوزي، محمود سعد»، لم يصنعوا شهرة أو جماهيرية من خلال عيون ساحرة. أو شعر ناعم، أو ملامح سينمائية، بل دخلوا من أبواب أخرى غير الوسامة والكاريزما بعكس دراسات اجتماعية قديمة أكدت أن وسامة الإعلامي تساعده في تحقيق رسالته؛ لذا ظل الشكل الخارجي الأنيق مقترنا بالمذيع، قبل أن تنهار هذه النظرية على مستوى التطبيق. ويصبح النجم الحقيقي في إعلام اليوم مختلفا عن إعلامي أيامنا الذي لا علاقة له بالوسامة، فقد استبدل بها ثقافة وحضورا ووعيا إعلاميا، وهذا ما جعلنا نتساءل أين ذهب المذيع الوسيم صاحب الكاريزما؟.الإعلامي عمرو أديب يؤكد أن القبول يأتي من عند الله عز وجل، وأن الوسامة والكاريزما ليست من عناصر ومقومات العمل الإعلامي، بل إن الذي يحقق القبول لدى الجمهور هو ما يقدمه الإعلامي، ومدى احترامه لعقل المشاهد، الذي يريد أن يشعر أن الإعلامي مهتم به، بصفته متحدثًا باسمه، ويريد أن يحقق أحلامه من خلال هذا الشخص.. يضيف: «لم أكن بحاجة إلى وسامة لتحقيق النجاح، فليس في الإعلام «جان»؛ لأن التواصل مع الجمهور يأتي مما هو موجود بداخلي، ولا يأتي من الشكل الخارجي». بعيداً عن الوسامة «أصبحت القنوات تبحث عن شروط أخرى في الإعلامي المتقدم إليها بعيدا عن الوسامة والكاريزما».. هذا ما يؤكده الإعلامي والأكاديمي د.محمود سلطان رئيس قناة نور الدنيا الفضائية.. مشيرا إلى أن المذيع هو الشخص الذي يحترف تقديم المعلومات إلى الجماهير؛ لذا لا بد أن يخضع لمواصفات دقيقة مثل الصوت، والذي لا بد أن يكون متزنا، والشكل أو الكاريزما، والتي يجب توافرها في المذيع، فيجب أن يكون شكله على الأقل مقبولا. وأضاف: لا نستطيع أن نقول إن الوسامة وحدها تصنع الإعلامي الناجح؛ لأن الذي يصنع الشهرة والتفوق الإعلامي مقومات واجبة الحضور، منها «الثقافة، الذكاء، القدرة على الارتجال»، ونلاحظ أن العديد من البرامج تعتمد على وسامة زائدة للمذيع أو المذيعة؛ لكي يشغل المشاهدين عن الأخبار، ويجعلهم يركزون فقط على الشكل الخارجي، وهذا أسلوب متبع في القنوات الأميركية والبريطانية.. مضيفا: «صحيح أن الكاريزما مطلوبة في العمل الإعلامي، لكنها من الممكن أن تكون بسيطة، وليست وسامة بالمعنى المعروف السينمائي. كما أن الفرد نفسه يستطيع أن يحقق هذه الكاريزما، إذا توافرت فيه الشروط الأخرى مثل «الصوت، القبول، الإقناع، فن احترام الضيف، القدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، سلامة اللغة، أسلوب الأداء، الابتسامة الرقيقة، القدرة على التعامل مع أي مشكلة فورا، الثقة بالنفس». فهذا كله يجعله مقبولاً لدى الناس، بل يرغبون في مشاهدته، لكن الوسامة وحدها لن تصنع إعلاميا، والدليل هو وجود إعلاميين على الساحة يفتقدون الوسامة، إلا أنهم ينتقلون من نجاح إلى نجاح بسبب توافر شروط العمل الإعلامي في شخصياتهم». مذيع صحافي شريف الدالي، الأكاديمي بإحدى جامعات الإعلام، يؤكد أن الوسامة لم تعد اليوم شرطا لقبول مذيع أو رفضه؛ لأن هناك ما هو أهم من الوسامة والجمال، فهناك صفات ومقومات أخرى يجب توافرها في مقدم البرامج الناجح الذي يعتمد على الثقافة، نبرة الصوت، الإطلالة المقبولة، أما عن اختفاء الوسامة من شروط قبول المذيعين، فالسبب هو دخول أو ظهور المذيع الصحافي؛ حيث إن هناك العديد من المذيعين الحاليين هم في الأصل صحافيون أصبحوا مذيعين؛ نظرا لتألقهم ونجاحهم في مهنتهم، وقد حققوا نجاحا في الصحافة. لذلك أصبحوا اليوم مطلوبين في مجال التقديم، رغم أنهم لا يتصفون بأي وسامة، وهناك البدين منهم، ولكنهم حققوا نجاحا إعلاميا، فالوسامة مهمة، ولكن لا تكفي بمفردها، خاصة أن أصحاب القنوات يبحثون عن الذين حققوا نجاحا، ولا يبحثون عن جمال أو وسامة؛ لأن في ظل ظهور القنوات المتعددة. وانتشار البرامج الكثيرة يكون أصحاب القنوات شاغلهم الشاغل هو تحقيق نسبة مشاهدة عالية، وهذا لن يتحقق إلا بجلب أسماء لامعة حققت نجاحا، حتى لو كان هذا النجاح في مجالات أخرى مثل الإذاعة أو الصحافة، وليس التليفزيون، ولعل الإعلامية لميس الحديدي دليل واضح على ذلك. قد يضاف إلى العوامل المذكورة عوامل أخرى من بينها أن الإعلام صار يحتاج إلى الثقافة العامة، والإعلامي الذي يتسم بدقة معلوماته، وليس دقة وسامته، فاللجوء إلى الإعلام المبني على الدراسات البحثية والتدقيق في جمع المعلومات قد قلل فرص الموهوبين شكلا، وزاد فرص الموهوبين فكرا؛ لذا بكل هذه الأسباب نستطيع أن نقول: «وداعًا للإعلامي بصورته القديمة أمام سطوة الفكر والثقافة والحضور». القنوات الفضائية تبحث عن الخبرة والأسلوب عمر أنور، رئيس قناة «النيل الثقافية» بالتليفزيون المصري، يؤكد أنه من الضروري أن يكون شكل المذيع مقبولا، والقبول هنا ليس هو جمال الوجه وإنما الحضور، فمن حق المشاهد أن يرتاح إلى شكل المذيع على الشاشة، ولا ينفر منه، وهذا من طبيعة البشر؛ حيث يقبل الجميل، ويبتعد وينفر من القبيح، فلا يجب إذًا أن يكون المذيع فائق الجمال، بل أن يكون مقبولا فقط، وهناك صفات أخرى تصنع وسامة المذيع مثل تواضعه في التعامل مع الجمهور. يضيف: «إن سبب تراجع المذيع «الوسيم» ربما يأتي من تنافس القنوات الفضائية؛ لأن كل قناة تريد أن تجلب إليها مذيعين لامعين، بغض النظر عن الوسامة أو الشكل، فهؤلاء المذيعون يتمتعون بشعبية كبيرة، وهذا ما تريده كل قناة، فهم يعتمدون على النجاح الذي حققه هؤلاء الإعلاميون، ولا يركزون كثيرًا على مسألة الوسامة والجمال. فما قيمة أن تملك المذيعة جمالا فائقا، ولا تملك حضورا أو ثقافة أو نجاحا أو شعبية، فالوسامة في حد ذاتها غير مطلوبة في العمل الإعلامي بهذه الطريقة، بالإضافة إلى أن هناك ما يبحث عنه رئيس قناة أو مالك القناة، وهو الخبرة والموضوع والأسلوب، فلا يوجد رئيس قناة يبحث فقط عن الوسامة، ويترك الصفات التي تضمن له نجاح برامج قناته». عماد أديب ومحمود سعد يرتديان ثوب التقديم تحول مهم في صورة المذيع أنتج شكلاً عصريا للإعلامي أطاح بالصورة القديمة، ويمكننا هنا ونحن نحلل الظاهرة أن نتخذ مثالاً تطبيقيا من إعلامي شهير هو عماد الدين أديب، الذي لو تم تحليله على المستويات الشكلية لما قبل رئيس قناة أن يظهره على شاشته؛ لأنه بعيد كل البعد عن الوسامة، إلا أنه يتسم بالهدوء وبالثقافة العالية التي جعلته في الصفوف الأولى لأشهر الإعلاميين، فقد أدى أصعب الحوارات مع شخصيات مهمة مثل اللقاء مع الرئيس المصري حسني مبارك. كذلك اللقاء مع بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، فظاهرة المذيع غير الوسيم كان لوجودها أكثر من سبب، فقد ظهر كثير من الصحافيين في ثوب مقدمي البرامج؛ نظرا لنجاحهم الصحافي اللافت للنظر. وأثبتت الكاميرا أنهم قد وُلدوا للشاشات، وهناك مثال حي على ذلك، وهو الإعلامي محمود سعد، الذي ترك الصحافة تمامًا بعد نجاحه غير المتوقع على شاشة القنوات المختلفة، على الرغم من أنه لا يملك مواصفات شكلية تؤهله للنجاح والشهرة.