2012/07/04
حلّ الأستاذ بسام الملا ضيفاً على بوسطة.. وهو حدث بحد ذاته، ولا يمكن بأية حال من الأحوال إنكار ما لهذه اللفتة الكريمة من تأثير طيب على نفوسنا جميعاً.. ولكن الأهم أن هذه اللفتة لم تقف عند حدود بوسطة وطاقمها وقرائها، بل امتدت إلى جميع زملائه العاملين في قطاع الدراما.. فمن يقول كلاماً طيباً بحق الجميع، بما فيهم من كان لهم معه خلاف، ويكون الكلام مهنياً بحتاً يركز على الإيجابيات ويعززها، هو رجل يستحق كل الاحترام والتقدير.. والأهم من هذا كله، رجل يثق تماماً بنفسه وبما يملك.. وهو للحقيقة يملك الكثير.. لدرجة أن من يقرأ اللقاء لا يمكن له إلا أن يلمس ملامح عميقة جداً وحقيقية، لـ ... هل نقول "عكيد" أم "حكيم" أم "زعيم"... أم كل هذه الصفات لشخصيات خرجت من روحه، مجتمعة في رجل واحد.. هو ابن حارة دمشقية ومعلم حرفة.. ونعتقد أن هذا يكفيه.. وهو لهذا كله.. رجل كريم.. ندعكم مع اللقاء الذي نثق أنه سيثير دهشتكم بقدر ما سيثير احترامكم.. أسرة بوسطة خاص بوسطة- وسام كنعان أتمنى عودة أبو عصام لباب الحارة والقرار متروك لعباس النوري.. سامر المصري ممثل يملك إمكانيات كبيرة ورؤية مهنية واحترافية. ناصر القصبي وعبد الله السدحان ممثلان يملكان إمكانيات هائلة جداً لكنها حبيسان عمل اسمه طاش ما طاش. شكل نهاية رجل شجاع لأنزور بداية جديدة وحقيقية في الدراما السورية. أخشى أن تكون الدراما السورية قد تأثرت بالأعمال التركية وبدأت تصنع ردة فعل تجاهها. التشابه كان في قضايا الخيانة والعشوائيات. أرغب في أن يكون باب الحارة 5 هو الجزء الأخير من هذا العمل لكن الأمر لم يحسم ومطالب الجمهور هي الحكم. النمس استفاد من باب الحارة لكنه قدم له الكثير والكثير جداً. لا أسمح لنفسي أن أؤرخ لمدينة دمشق. يستمر المخرج بسام الملا بتقديم الأجزاء المتتابعة من مسلسل باب الحارة إذ يعكف حالياً على التحضير من أجل البدء بعمليات التصوير للجزء الخامس من العمل الشامي الذي حقق أكبر نسبة متابعة من بين الأعمال السورية والعربية، ويبتعد الملا في حوارنا معه كعادته عن مجمل الخلافات التي حصلت بسبب العمل مع مجموعة من الممثلين السوريين، بل يصرّح لموقع بوسطة بمنتهى العفوية عن رغبته بعودة الحكيم أبو عصام للعمل، ويترك القرار للعودة إلى المسلسل بين يدي الفنان عباس النوري، ولا يخفي رغبته الشديدة بقبول النوري العودة، كذلك يتجاوز التصريحات النارية والهجومية الأخيرة التي صدرت بحقه من قبل الفنان سامر المصري، ويصفه بالممثل الذي يملك الموهبة المميزة والعين الاحترافية والرؤية المهنية العميقة والإمكانيات العالية التي تخوله لأن يميّز بين المستويات المتباينة لما يشاهد، ويشارك فيه من أعمال، كذلك يرد الملا على بعض من الانتقادات التي وجهت لباب الحارة، ويتمنى أن يكون جزءه الخامس هو الأخير، لكنه لا يخفي انصياعه الكامل لمطالب الجمهور إن أراد غير ذلك. بوسطة تحدثت مع الملا باستفاضة حول تلك الأمور فكان لنا معه هذا الحوار المطول: بداية دعنا نطمئن على صحتك، بعدما أشيع أنك كنت في ظرف صحي سيئ لدرجة أنك لم تحضر جزءاً كبيراً من تصوير باب الحارة 4 في الوقت الذي ناب فيه عنك شقيقك المخرج مؤمن الملا؟ صدقت عندما وصفت الكلام بالشائعات، وهي ليست صحيحة أبداً، فصحتي جيدة، وكنت حاضراً على كل مشهد صور في باب الحارة في جزئه الرابع، علماً أنه كان لمؤمن الملا دور كبير في التعاون الفني والإشراف على تصوير بعض المشاهد التي تعامل معها بمنتهى الأمانة، حيث كنت أسجل ملاحظاتي على النص بالقلم الأحمر، وكان يتعامل مع ملاحظاتي كخط أحمر، على الرغم من أنني أعدل عنها أحياناً كنتيجة منطقية للنقاشات مع الممثلين . نقل عنك تصريحات تؤكد فيها أن الجزء الخامس من باب الحارة سيكون هو الأخير في هذا المسلسل. فما الذي يجعلكم تقفون بالعمل عند جزئه الخامس طالما أنه يحقق جماهيرية عالية وهناك أعمال عربية وصلت للجزء السادس عشر.؟ أنا لم أعلن أن الجزء الخامس هو الأخير، بل عبّرت عن أمنيتي بأن يكون هو الجزء الأخير لأن رغبتي تكمن في استمرار المشروع بأعمال بيئة شامية أخرى، حيث بدأ هذا المشروع مع أيام شامية. لكن ما يصلني أن باب الحارة أصبح بالنسبة للمشاهد وجبة رمضانية دائمة كالعرق سوس على الإفطار، فإذا كان هناك رغبة جماهيرية للاستمرار فسنستمر. لأن كل ما نقدمه من أعمال هي من أجل إرضاء الجمهور، وله الحق قي أن يشارك في خياراتنا الفنية. أما إذا شعرنا أن الملل بدأ يتسلل إلى متابعي باب الحارة، فسنعمل فوراً على تقديم أعمال أخرى جاهزة في جعبتنا وتحمل القيم الإنسانية والاجتماعية ذاتها التي قدمناها في مجمل أعمالنا. لكن للأمانة أقول إننا أنجزنا المخطط العام للجزء الخامس، ونسعى لأن يكون الأخير، أما إذا كان للجمهور رأي آخر فنحن تحت أمره. طالما أن هذا العمل من وجهة نظر مخرجه يخضع لمطالب الجمهور، فلماذا لا تحقق رغبته الكبيرة في عودة نجمه عباس النوري صاحب شخصية ( الحكيم أبو عصام) بناء على المنطق الذي تفضلت به؟ قولاً واحداً، ستلعب رغبة الجمهور في التأثير على عودة بعض الشخصيات التي أبعدت عن العمل، لكن عندما يصل الأمر لدرجة يصبح فيه مشاركة شخصية ما خطراً على المشروع لا أنصاع لأحد. لكن فيما يتعلق بالفنان عباس النوري، أنا شخصياً أتمنى عودته ورغم أن القرار دائماً لي كوني مخرج العمل، لكن عندما يطالب الجمهور بشخصية ما فهو يطالب بالممثل صاحب هذه الشخصية، كان القرار لي باستبعاد عباس النوري عن العمل، لكن اليوم قرار عودة هذه الشخصية بيد الفنان عباس النوري، وإذا وافق على العودة فهو بطل الجزء الخامس. طيب ألا ترى في طريقة العمل هذه، والتي تعاني منها دراما الأجزاء، هي استخفاف لعقل المتلقي؟ على الإطلاق نحن في النهاية صناع دراما، ومشروع باب الحارة هو حالة فنية يمكن أن يبرر لها ما لا يبرر لغيرها، والحالة الفنية فيها وجهة نظر، فنحن لم نقدم حقيقة موت الحكيم أبو عصام، لمكانة الممثل الكبيرة جداً عند الجمهور، ولمكانة الشخصية التي تطرح كمعادل موضوعي للقيم الأخلاقية النبيلة، إذ قدمنا ثياب عادت للحارة بحيث يصل لأهل الحارة أنه استشهد كونه يحارب مع الثوار في الغوطة.. ونحن نقدم عمل فني بحكاية افتراضية، ليست موجودة على أرض الواقع، فأفلاطون قدم المدينة الفاضلة، وهذا لا يعني أننا نشبه أنفسنا به. هناك شخصيات استثنائية قدمت في الجزء الرابع، وحققت جماهيرية كبيرة كشخصية النمس التي لعبها مصطفى الخاني، وشخصية أم جوزيف التي لعبتها منى واصف، فهل سيشهد الجزء الخامس شخصيات جديدة من هذا النوع؟ أنا لا أصرح عن الجديد الذي سيحمله عملي، ولا أصرح ماذا سيحصل في النهاية. حتى الممثل نفسه لا يعرف كيف ستنتهي شخصيته، وقد قلبت النهاية في الجزء الرابع من خلال المونتاج بشكل كامل لدرجة فاجأت الممثلين وفاجأت الكاتب نفسه. سيكون هناك شخصيات جديدة وسيكون لها أثر بالغ في نسج حكاية جديدة للعمل، ولن أعلن عنها تعاطياً مع أسلوب عمل أؤمن به وأتبعه دائماً. ضمن الانتقادات الموجه لباب الحارة، هناك من يقول أنه حاول التأريخ. إلى أي نوع من الأعمال ينتمي باب الحارة، إلى الحكاية الشعبية الافتراضية، أم أنه محاولة توثيق لتاريخ مدينة وشعب ؟؟ لا أسمح لباب الحارة ولا لغيره، أن يأخذ على عاتقه محاولة التأريخ لمدينة دمشق فهي أكبر من أن تقدم في عمل تلفزيوني ... ما قدمناه هو مجرد حكاية مفترضة لشخصيات من محض الخيال هي والمكان الذي تدور فيه فلا وجود لحارة الضبع في دمشق القديمة. العمل لا يؤرخ لمدينة دمشق إنما هي حالة كنا نأمل لو كانت دمشق على صورتها. قدم مصطفى الخاني شخصية حققت جماهيرية استثنائية، إذ صنع (كركتراً) مميزاً. لنكن واقعيين هل نجح النمس لأنه قُدم في باب الحارة أم العكس هو ما حصل؟ حقيقة النمس هو معادل موضوعي لأبو غالب، حيث اعتذر صاحب الشخصية عن الدور لأسباب لسنا في صدد الحديث عنها، كي لا نستبدل الممثل، تم الاستعاضة بهذه الشخصية التي كان من المفترض أن تحمل اسم النمس أو اسماً آخر، لن أذكره رغم أني كنت ميالاً له أكثر، لكن الفنان مصطفى الخاني أصر على أن تحمل هذا الاسم، وأنا وجدته محقاً ثم إن موهبة هذا الممثل المميزة صنعت للشخصية نجاحها، ولو قدمها في عمل آخر لحقق نجاحاً كبيراً، لكن ليس على القدر الذي حققه في باب الحارة فموهبته قدمت ضمن عمل هام يتابعه ويدقق فيه الجمهور أولاً، وحقيقة هو استفاد من العمل لكنه حقق له شيئاً مهماً وثميناً جداً. قدمت الدراما الخليجية أعمالاً تحاكي البيئة لدرجة قيل أن ناصر القصبي وعبد الله السدحان قلدوا باب الحارة في (كلنا عيال قرية) كيف تعقب على هذا الموضوع.؟ أنا أرى أن من حق الفنانين الخليجين أن يقدموا ما يريدون، وهو حق مشروع لهم، وهذه بيئتهم ولهم طريقة عملهم التي احترمها جداً، وأتمنى أن يعملوا عليها طالما أن المجتمع الخليجي يتحول لمجتمع استهلاكي، فمن واجب الدراما أن تذكر بالقيم النبيلة، أما فيما يخص ناصر القصبي وعبد الله السدحان فأنا أختلف مع الرأي الذي طرحته، إذ أعتبر أنهما ممثلان يملكان إمكانيات هائلة جداً لكنها حبيسا عمل اسمه طاش ما طاش. يشير المخرج نجدت أنزور في حديثه مع موقع بوسطة إلى أن بسام الملا نجح في دراما البيئة الشامية، وكان على الآخرين أن يتركوا المشروع للبحث عن نجاحات موازية في أماكن أخرى، ويرى أن الدراما السورية تستجر ذاتها وتقلد بعضها ضمن حالة عمياء .. كيف يقيم الملا تجارب البيئة الشامية الأخرى التي جاءت بعد أيام شامية ؟ أولا دعني أقف عند رأي المخرج نجدت أنزور لأن أعمال هذا المخرج انتشرت بين الجمهور كما تنتشر النار في الهشيم، وحققت قفزة نوعية في تاريخ الدراما السورية التي كانت تصور في الاستديو فجاء أنزور ليغير هذا الواقع ويحول الصناعة التلفزيونية إلى صناعة سينمائية باقتدار، إذ شكل نهاية رجل شجاع لأنزور بداية جديدة وحقيقة في الدراما لسورية، فعندما يقول مثل هذا الكلام علينا أن نتوقف عنده، والمضاربة التي تحدث على دراما البيئة الشامية مضاربة غير مشروعة أبداً، فكل الأعمال التي قدمت ونجحت نتيجة الرغبة لأعمال شبيهة لما قدمناه، وقد وصل الموضوع لدرجة التقليد المسيئة لمن يقلَّد، فمثلاً أخذوا ممثلي باب الحارة بالكامل، حتى أنهم لحقوا بي إلى أماكن التصوير نفسها.. لكن الجمهور يفرز الغث من الثمين. ضمن ما تابعته من أعمال دعنا نسجل رأيك بالدراما السورية للموسم الأخير ؟ الدراما السورية في عامها هذا قدمت أعمالاً بجودة عالية جداً وتستحق الاحترام، وحققت اتقاناً على كافة الأصعدة بدء بالنصوص مروراً بالمستوى الإخراجي وأداء الممثلين، وانتهاءً بالظرف الإنتاجي الضخم، لكن ما يُخشى هو أن تكون الدراما السورية قد تأثرت بالأعمال التركية وبدأت تصنع ردة فعل تجاهها، فالتشابه كان في قضايا الخيانة والعشوائيات، لكن تبقى مسألة التنفيذ وسوية الجودة هي الأهم، وأسوق لك مثالاً مسلسل "زمن العار" وهو عمل احترافي وهام وكشف عن ممثلة كبيرة ومهمة جداً هي سلافة معمار، لكن هناك أعمال أخرى تسلقت على نجاحات غيرها، والمثال هنا مسلسل "بيت جدي" الذي تسلق على نجاح باب الحارة، فأخذ ممثليه نفسهم، وصّوِّر بأماكن وزوايا التصوير ذاتها، شخصياً كنت أتمنى أن ألا يخرج هذا العمل للنور حتى نترك فسحة للتميز بهذه النوعية من الأعمال، لكنني احترم الجهد المبذول من قبل صنّاعه لكنه لا يخفى عنه حالة التقليد، أما من حيث الكم فقد أنجز كم من الأعمال يتقاطع منطقياً مع حجم الإمكانيات الموجودة. الخلاف مع الفنان سامر المصري وصل إلى درجات غير مسبوقة.. ندرك أنكم لا تودون الحديث في هذا الموضوع وهذا حقكم.. ولكن أيضا تجب الإشارة إلى نقطة هامة وهي أن هناك وسائل إعلامية مختلفة تريد تأجيج هذا الخلاف فقط للكسب قصير المدى من جهة.. ومن جهة أخرى هناك حكاية نجاح حقيقية أنجزتموها معا.. الآن ومن موقعكم كصانع أول لأعمال البيئة الشامية، وهذا ما يقرّ به الجميع وبدون أي استثناء، وبمعزل عن الخلاف.. نكرر.. كيف تنظرون للفنان سامر المصري بصفته ممثلاً؟!!.. سامر مصري ممثل يملك موهبة مميزة وعين احترافية ورؤية مهنية عميقة، وإمكانيات عالية تخوله لأن يميز بين المستويات المتباينة لما يشاهد، ويشارك فيه من أعمال.. كلمة أخيرة؟ أريد أن أنوه لأهمية فكرة موقع بوسطة، كونه معنياً بالدراما السورية وصناعتها، وأذكر أننا كأصحاب لهذه المهنة كنا بأمس الحاجة لمثل هذا المنبر، فدعني أهنئ نفسي و أهنئ كل الفنانين والمثقفين بمثل هذا المشروع، الذي لا بد أننا نعلق عليه آمال كبيرة، كونه حماية حقيقة للرأي والرأي الآخر. شكراً بسام الملا