2012/07/04
وسام كنعان - الأخبار
لم تستطع الكوميديا السورية هذا العام استرجاع ألقها المفقود، وخصوصاً أنها كانت أمام امتحان صعب في رمضان الأخير؛ إذ كان عليها النجاح ـــــ ولو جزئياً ـــــ في انتشال الجمهور من حالة الحزن والإحباط التي يعيشها، نتيجة الأحداث الأمنية. إلا أن صنّاع الكوميديا لم يتخطوا الامتحان، رغم نجاح بعض الأعمال، وأبرزها «الخربة». ولا شكّ في أن السبب الأول في نجاح هذا المسلسل كان الشراكة المميزة بين الكاتب ممدوح حمادة والمخرج الليث حجو، وطبعاً براعة الممثلين.
إلا أن العمل وقع في مأزق واضح نتيجة محاولة إسقاط بعض الأحداث على ما يجري على أرض الواقع من احتجاجات شعبية. لكن المحاولة لم تنجح، فبدت هذه المشاهد مقحمة وسطحية. كذلك بدا الليث حجو غائباً في بعض المشاهد، وخصوصاً أمام تفاوت أداء ممثليه. هكذا أتقن رشيد عساف وباسم ياخور ومحمد حداقي وأحمد الأحمد ورولا ذبيان اللهجة والأدوار بتميّز، بينما ظهر أداء شكران مرتجى ومعن عبد الحق متواضعاً جداً.
من جهته، وقع الجزء الثامن من مسلسل «بقعة ضوء» في مطبات عدة، رغم لمسة المخرج عامر فهد المتقنة. ولعلّ مشكلة العمل الرئيسية كانت العودة إلى أفكار سبق أن طرحت منذ فترة طويلة، من دون تقديم أي جديد. كذلك فشل المخرج في ضبط نهاية الحلقات، ما أفقد اللوحات معناها، وخفّف من تأثيرها على المشاهد. وبدا واضحاً للجمهور حجم الأخطاء التفصيلية التي شابت «بقعة ضوء»، مثل تصوير قصص مواطنين فقراء في منازل فخمة... ورغم هذه «الهفوات»، يبقى العمل أفضل من مسلسلات أخرى بالغت بالتهريج وتكرار الأفكار نفسها طوال ثلاثين حلقة. ومن هذه الأعمال الجزء الأخير من «مرايا»؛ إذ بعد غياب أربع سنوات، عاد ياسر العظمة بجزء باهت، أخرجه سامر البرقاوي. واللافت أن هذا الجزء فشل في جذب المحطات الفضائية، وواجه أزمة تسويق، عكس كل الأجزاء السابقة التي كانت تتهافت عليها القنوات. إذاً، لم يحظ «مرايا» باهتمام المشاهد الذي ملّ التكرار وإعادة تقديم القصص نفسها. وملّ كذلك من العظمة الذي يصرّ في كل جزء على أن يكون البطل الوحيد والمطلق لغالبية اللوحات، معتمداً على أسلوب بات ينفّر الجمهور.
أما فيصل بني المرجة، فقدّم مسلسل «بومب آكشن»، وهو عبارة عن لوحات كوميدية مفتعلة تنتهي بأغنية، ليكتشف المشاهد أنها استنساخ مشوّه عن أجزاء قديمة من «مرايا». وفي السياق نفسه، وقع أيمن زيدان في مطب مشابه عندما اختار تقديم جزء ثان من «يوميات مدير عام» (تأليف خالد حيدر وإخراج زهير قنوع). وبدا واضحاً أن العمل مجرّد تكرار لأفكار وسيناريو الجزء الأول، مع التركيز على التهريج.
تطول لائحة الأعمال الكوميدية السورية التي فشلت هذا الموسم، لتشمل أيضاً الجزء الثالث من «صبايا». وقد أكّد هذا العمل مرة جديدة أنّ بإمكان شركات الإنتاج تقديم مسلسل من ثلاثين حلقة من دون أي هدف أو رسالة أو فائدة. ورغم ذلك، قد يبصر جزء رابع من العمل النور ليعرض في رمضان المقبل. في الإطار نفسه، يمكن تصنيف «صايعين ضايعين» في خانة الأعمال الفارغة؛ إذ غرق المسلسل في استجداء ضحكات المشاهد، حتى ولو كان الثمن افتعال مواقف مبتذلة والاعتماد على حركات شعبوية غير مألوفة في الأعمال الكوميدية. ولم ينجح حضور أيمن رضا ولا عبد المنعم عمايري ومعهما النجم المصري حسن حسني، والمغنية اللبنانية رولا سعد في إنقاذ، ولو حلقة واحدة، من العمل الذي أجمع النقاد والجمهور على مستواه المتدنّي.
وبوحي من الحراك الشعبي والأحداث التي تشهدها سوريا، قررت «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» تقديم مسلسل «فوق السقف» القائم على مبدأ اللوحات الكوميدية المنفصلة، التي تستمد أحداثها مما يجري في الشارع. إلا أن عرض العمل الذي أخرجه سامر البرقاوي أوقف قبل نهاية رمضان من دون أن يعرف الجمهور السبب، ومن دون خروج أي تصريح رسمي يعلن الخلفيات الحقيقية لإيقاف المسلسل. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أن لوحات عدة مَنعت أو قُصَّت أو عُدِّلت، رغم أن أغلب المشاهد كان مجرّد نقل سطحي وساذج لما يجري على الأرض في سوريا.
بإختصار، يمكن القول إن الكوميديا السورية فشلت هذا العام في مواكبة الأحداث، أو في انتشال المواطن من الحزن الذي يعيشه نتيجة الأوضاع الأمنية والسياسية المتوترة في سوريا والعالم العربي. ورغم هذا الفشل، تبقى الأعمال السورية حاضرة على الفضائيات العربية حتى بعد شهر رمضان؛ إذ يُعرض حالياً على محطة «أبو ظبي الأولى» الجزء الثامن من «بقعة ضوء». كذلك تعرض «الدنيا» مسلسل «أبو جانتي»، فيما يعرض تلفزيون «الجديد» مسلسل «ضيعة ضايعة»، فهل تعود الكوميديا السورية إلى ألقها السابق، أم أن انحدارها سيستمرّ في انتظار «صفعة» تخرجها من نومها الطويل؟
مشاريع 2012
ما إن انتهى شهر رمضان، حتى أعلنت شركة «غراند بروداكشن» المنتجة لمسلسل «صايعين ضايعين» نيتها إنجاز جزء ثان من المسلسل بسبب «النجاح الكبير الذي حققه الجزء الأول». كذلك يتوقع أن يعود سامر المصري إلى تصوير جزء جديد من «أبو جانتي ملك التكسي»، فيما تتجه شركة «سوريا الدولية» لإنتاج جزء تاسع من «بقعة ضوء». أما شركة «بانة»، فلا تزال متردّدة بشأن تصوير جزء رابع من «صبايا». أما «المؤسسة العامة للإنتاج»، فبدأت العمل على تنفيذ مسلسل «أنت هنا» من كتابة شادي دويعر وإخراج علي ديوب.