2013/05/29
فجر يعقوب – الحياة
ربما لن يكون هناك مشكلة على الإطلاق في أن تستمر عجلة الدراما السورية في الدوران في ظل ظروف صعبة وبالغة التعقيد. ليست المشكلة في حجم الإنتاج إن زادت وتيرته أو نقصت، فثمة بعد كل شيء سوق درامية لها قوانينها تقوم بالتحكم بهذا الإنتاج وطريقة توزيعه واسترداد رأس المال الخاص به، حتى وإن أخفق القائمون عليه في تحويله إلى صناعة وطنية لها ما لها وعليها ما عليها، وظل في بعض الأمكنة خاضعاً لـ «نزوات» شركات الإنتاج. قد تبدو المشكلة في مكان آخر هذه المرة، وهذا الموضوع لم يعد خفياً على أحد. نوعية النصوص التي يلهث المخرجون والمنتجون وراءها لم تعد تكفي لإرواء ظمأ الواقع الذي تنطلق منه هذه الدراما.
فالحال أن بعض البيانات الصحافية التي تجيء مترافقة مع أخبار المسلسلات الجديدة التي تصور اليوم على الأراضي السورية تبدو في ما تحمله وكأنها من عوالم أخرى. لا تحمل مضموناً مقنعاً لأحد. ومن هنا قد يبدو السؤال في مكان آخر. لماذا لا تتوقف هذه البيانات عن تصدير أخبار آخر وأحدث المسلسلات طالما أنها لم تعد مقنعة حتى لأصحابها؟ التسليم بأن مكاتب الخدمات الصحافية لا تتسم بالذكاء الذي بدت عليه هذه الدراما في أوقات سابقة يبدو مريحاً ومقنعاً. ولكن المسألة بالتأكيد لا تكمن هنا. ليست خدمات من هذا النوع كافية اليوم لإقناع أحد بنوعية «التيمات» التي تتصدى لها هذه الدراما بعد كل الأحداث الدامية، وبخاصة أن منعطفات دراماتيكية متصاعدة أخذت تفرض حضورها على الأرض. لم يعد ممكناً القبول بقراءة أخبار من نوعية أن المسلسل الفلاني «يقارب موضوعاً لم يسبق أن تصدت له الدراما السورية». تبدو قراءة البيان هنا متعلقة بنوع من الإثارة لم يعد كافياً للتسويق. قراءة سطرين تغدو مهمة لمعرفة «المكتوب من عنوانه» كما يشاع.
ليس الأمر شخصياً يطاول هذا المسلسل أو ذاك. الكتابة الذكية قد تتطلب توضيحات صحافية متعلقة أو مرافقة مغايرة. لم يعد القول إن مناقشة موضوع زوال الطبقة الوسطى في الدراما السورية ينفرد به مسلسل «سكر وسط» المزمع تصويره قريباً مثلاً. ليس الإيحاء بالعنوان كافياً، فهو قد يحمل سذاجة لافتة. وقد لا يكون الأمر كذلك، ولكن ما هو مؤكد أن البيان الصحافي المرافق لخبر التصوير يفتقد الذكاء المطلوب، فبعض المسلسلات السورية المعاصرة التي أنتجت في السنوات الأخيرة لم تتوقف عن مراقبة «انهيار» هذه الطبقة، وإن بدا الأمر مشكوكاً به، فلأن الأمر لم يكن يتعدى التشويش في الرؤيا والمعالجة الدرامية التي تميز بها معظم هذه المسلسلات. أما أن يقال اليوم عن مسلسل «سكر وسط» إنه يتحدث لأول مرة عن مشاكل الطبقة الوسطى المزمنة التي أدت إلى سقوطها في ظل المتغيرات الاجتماعية العاصفة، فإن شكوكاً جدية تحيط بالكتابة الصحافية التي لم تعد ذكية.