2012/07/04
أحمد الخليل – تشرين دراما
أثار مقطع الفيديو المصور في بيت الفنان دريد لحام والذي يظهر معمر القذافي الزعيم الآيل للسقوط جالسا مع مجموعة من الفنانين السوريين
بينهم الراحل ناجي جبر وسلمى المصري والمغني علي الديك، أقول أثار موجة انتقادات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الانتقادات
والرد عليها من قبل الفنان لحام ما كانت لتكون لولا الثورة الشعبية المتفجرة الآن في ليبيا والمطالبة برحيل القذافي وعائلته، والسؤال الذي
تفرضه الأحداث والثورات المتتابعة في الدول العربية هو: هل نثأر من كل شخص يضع يده بيد أي زعيم عربي خلال إحدى المناسبات أو
اللقاءات..؟
من المعروف أن السياسيين يتقربون من الفنانين وبعض الفنانين يتقربون من السياسيين أيضا لما للفن عموما والدراما خصوصا من تأثير على
المجتمع وعلى الوعي، لذلك كثيرا ما تستخدم السلطات نقابات المهن الفنية ونجوم السينما والتلفزيون لتسويق سياساتها وتلميع صورتها
الإعلامية والإنسانية باستغلال الرصيد الشعبي والعاطفي للنجوم لدى الناس وهذه مسألة معروفة وقديمة أيضا وتمارس في كل الدول..
والوسط الفني في أي بلد يشبه الأوساط الاجتماعية والثقافية والسياسية الأخرى فهو يضم صاحب الموقف والانتهازي واللقلوق والحيادي وحتى
الحيادي الايجابي!! ولاسيما في البلدان التي يسود فيها الاستبداد حيث يكثر النفاق والتلون وتمسيح الجوخ والتقرب من السلطان
وحاشيته..ونسأل مرة أخرى هل نحاسب الفنانين عندما (ينقلب ظهر المجن) ونحملهم وزر دعم الحكام و تلميع صورتهم؟
إن من الأخلاق الثورية ومن ضمن مفردات النهج السياسي السليم عدم السماح لعواطف الثأر أن تتسلل إلى القلوب وقطع الطريق على أفكار
الانتقام من الوصول إلى عقول الثوار والمظلومين، فالثأر والانتقام يلغي العقل السياسي ليحل محله عقلية بدوية غير مدنية تدخلنا في سلسلة
غير منتهية من عمليات الانتقام فيصبح الثوري والسياسي الذي ينشد التغيير ورد المظالم كالجلاد والحاكم السابق، فهو يستعير أدوات الحكام من
تشفي وطغيان واستبداد، لذلك من الخطأ تحميل بعض الممثلين والفنانين جزء من كراهيتنا للأنظمة فقط لكونهم صافحوهم يوما..
فهل نطلب مثلا من الفنان لحام عام 2008 طرد القذافي من بيته لأنه حاكم مستبد وديكتاتور وهو أحد ضيوف القمة العربية آنذاك وهل نحاسب
الفنان عباس النوري لأنه محبوب من قبل العقيد وهل نحاسب ونحاكم المخرج نجدت أنزور لمشروعه السابق والمتوقف مع القذافي لإنتاج فيلم
عن عمر المختار كتب قصته الزعيم في أوقات فراغه؟!! أليس ذكاء من أنزور استثمار حفنة من مال بترول القذافي في الفن والسينما، بدل صرفها
كتعويضات لعائلات ضحايا لوكربي... في سياق البحث عن طرق لسيطرة ملك الملوك على العالم بنظريته الخضراء المزعومة.. وهل ندين ونلوم
الكاتب السوري فضل عفّاش والمخرج زياد الريس لأنهم كانوا ينوون إنتاج مسلسل كتبه القذافي بعنوان (الفرار إلى جهنم) جرى تسويقه من قبل
صناع العمل على أنه فتح فني جديد كتبه عبقري العصر والزمان (القذافي)!!
إن أخلاق الثوار والسياسيين العقلاء تأبى الوقوف عند هذه الأمور الثانوية وغير الهامة ومن الخطأ والخطل اختصار تاريخ فنان كبير كدريد لحام
بسهرة مع القذافي حدثت مصادفة وفي سياق سلوك الزعيم الغريب الباحث عن الأضواء الإعلامية دائما بهيئته الغريبة..
ومن ناحية أخرى تقتضي الشجاعة اتخاذ الموقف الناقد في وقت حصول الحدث وليس بعده بثلاث سنوات لكي لا نكون كالشاعر اللبناني بشارة
الخوري (الأخطل الصغير)، فبعد موت جمال باشا السفاح كتب عدة قصائد هجائية كالسم تنتقد حكم السفاح... لكن هيهات ..فعند نشر هذه
القصائد كان السفاح بين يدي المولى عز وجل..