2012/07/04
خاص بوسطة- وسام كنعان لم تعرف خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية اليأس، فهي ومنذ تخرجها سنة 2001 تبحث وتبحث إلى جانب شقيقها سيف الذي تخرج في الدفعة ذاتها من المعهد، في حين كانت شقيقتها لورا قد سبقتها ربما بأشواط على طريق الشهرة. لكن الموسم الرمضاني الماضي كان بمثابة حفل إطلاق لشهرتها على أعلى المستويات حتى حكي أنها كانت لفتة الدراما السورية خاصة أن لها (كاريزما) خاصة تجذب المشاهد وتوقعه في شرك الإدمان على متابعتها. الممثلة السورية الشابة ميسون أبو أسعد في لقائها الثاني على صفحات بوسطة: بداية دعينا نقف عند كل تلك السنوات التي مرت منذ تخرجك من المعهد حتى العام المنصرم إذ لم تتمكني، عبر كل تلك السنوات، من تحقيق الأثر الذي حققتيه في الموسم الماضي.؟ لكل مرحلة في الحياة جماليتها، وأعتقد أن مرحلة المعهد وما بعد التخرج مباشرة هي من أكثر المراحل جمالية وأحبها على قلوب الممثلين، من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية, حيث المستقبل هو لغز غامض ومجهول، ونحن محملون بطموحات لا حد لها وشعور بطاقة جامحة قادرة على صنع المعجزات. أنا أحب هذه المرحلة كثيراً، وأخذت وقتي الكامل فيها وتريثت كثيراً أمام الخيارات التلفزيونية الأولى التي عرضت علي. إذ كان عندي إيمان عميق بأن ما أنتظره في التلفزيون سيأتي، وإن طال الانتظار قليلاً. لا أعرف إن كنت كسولة، ربما، لكن ما كان يهمني هو الوقوف على أرض صلبة بحيث يكون ترشيحي للدور هو استحقاق لي ولمن اختارني، فالنشاط الاجتماعي وحده غير كاف لمنحك المصداقية لدى أي مخرج أو منتج أو أمام زملائك من الفنانين من جيلك أو من المخضرمين، ولاحقاً، المعادلة الأصعب وهي أمام الجمهور. أعرف أن هذه الطريق أطول من غيرها وهذا الأصعب, هذا بالنسبة لي أما بالنسبة لسؤالك عمّن لم يمنحن الفرصة من قبل فلا أعرف الإجابة. لدي نفس الفضول لأعرف الإجابة أتمنى من الصحافة أن تسأل من يمكنه أن يملكها . هناك من يرى أن ما قدمته ميسون أبو أسعد في الموسم الدرامي الأخير.. كان يحمل تشابهاً كبيراً ونمطية على صعيد الأداء..... كيف تردي على هذه الانتقادات ؟ لقد وافقت أساساً على لعب خمسة أدوار في موسم واحد، لأول مرة في حياتي، لأن هذه الأدوار لا تتقاطع مع بعضها في شيء، وهذا بحد ذاته هو العامل الأول الذي ساعدني على الاستمتاع وأنا أقوم بتجسيد هذه الأدوار. لكن المسألة تحتاج إلى بذل جهد كبير أيضاً وإحساس بالمسؤولية تجاه الجمهور وعدم الاستسهال , في النهاية لا يسعني الإلمام بآراء كل من شاهدوني فهناك الملايين، ولكن الآراء التي وصلتني من كثيرين من الزملاء، ومن أسماء لممثلين كبار نهتم جميعنا لآرائهم كانت إيجابية جداً وهنؤني لأنني استطعت أن أحقق هذا الاختلاف, هناك الكثيرون منهم كلموني على الهاتف وليس بيننا من قبل معرفة شخصية ولكن وجود الرأي الآخر متوقع ومشروع. كيف يمكن للممثل أن يصنع الخصوصية للشخصية التي يؤديها وهو يخرج من (لوكيشن) ويدخل إلى آخر في وقت واحد ومن ثم تعرض جميع هذه الأعمال في شهر واحد؟ لقد كنت محظوظة من هذه الناحية بالنسبة لمسلسل "فنجان الدم"، كان العمل جاهزاً منذ الموسم الماضي أما بقية الأعمال فأتى تصويرها متلاحقاً ولم تتقاطع مواعيدي في التصوير مع بعضها إلا نادراً. أخذت وقتي في التحضير ففي حال توفر الوقت فإن لكل شيء حل، أما أن تتواجد في عملين معا، وفي مكان تتواجد فيه الشخصية بشكل أساسي فهذه مشكلة, أما بالنسبة لعرض جميع الأعمال في شهر واحد فهذا ما يشكو منه الممثلون جميعاً، لكن الحل ليس بأيديهم. تُصنع الدراما التلفزيونية ضمن شرط إنتاجي قاس، فغالباً لا تترك الشروط الإنتاجية الوقت للدخول في نقاشات بين الممثل والمخرج أثناء التصوير للوصول إلى الصيغة المثالية لبناء الشخصية التي يلعبها الممثل. هل تدخل ميسون في نقاشات مع المخرجين بشكل عام، وكيف تري وضع الحوار حالياً أثناء إنجاز الدراما التلفزيونية على وجه الخصوص؟ التحضير مع المخرج ضروري جداً، وهذا التقليد لم يختف بالكامل, هناك مخرجون حريصون على إجراء جلسات تحضيرية بوجود مصممين المكياج والملابس, وهذا ضروري لدخول التصوير بجاهزية عالية، ولكن في حال لم يتسن الوقت لخوض هذه النقاشات قبل التصوير من الممكن تخطيها في حال كنت تعمل مع مخرج يعرف ماذا يريد، وقادر على وضعك في الظرف المطلوب ليأخذ أفضل مايريده منك. في كل الأحوال التمثيل مهنة مليئة بالمفاجآت، وما يجعل ممثلاً خبيراً أكثر من غيره هو كيف يتعامل مع المفاجأة. كان لك تجارب سينمائية عديدة في أفلام قصيرة. الآن تجسدين دوراً في فيلم روائي طويل هو "حراس الصمت" من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وإخراج سمير ذكرى، علك تضعينني في صورة الفيلم بشكل عام وتضيئين لي حول الدور الذي تؤدينه وهل ترين أن الفرصة السينمائية جاءت بعد الألق الذي حققتيه تلفزيونياً؟ بشكل عام الفيلم هو من نوع السيرة الذاتية , ليس بالضرورة سيرة الكاتبة نفسها أي الأديبة الكبيرة غادة السمان، وإنما سيرة بطلته زنوبيا التي أجسد فيها دور والدتها (هند) المتوفية عندما كانت صغيرة ومع ذلك هي مؤثرة تأثيراً مباشراً وعميقاً في وجدان زنوبيا. مساحة الدور في الفيلم ليست كبيرة ولكنني أحببته لأنه خاص جداً فالشخصية تظهر دائما كالحلم, حلم جميل مترسخ في ذاكرة طفلة جميلة ومختلفة كثيراً عمن حولها كما كانت والدتها (الكاتبة) مختلفة أيضاً. أحداث الفيلم تدور في الثلاثينيات، وأنا أحب هذه الزمن القديم والجميل حتى الخمسينيات، وأحس أنني أنتمي إليه وهذا ما دفعني للعب الدور، ولكنه أيضاً محفوف بمغامرة كبيرة من حيث الشكل لأن جزءاً كبيراً منه يعتمد على (الغرافيك)، أتمنى أن ينجح الجانب التقني ويكون مقنعاً كما نراه في السينما الغربية. كيف تقيمين التجربة مع المؤسسة لا سيما أنها تعاني من مشاكل جسيمة تطول القائمة لو ذهبنا نحو تعدادها؟ لم يتسن لي العمل كثيراً مع المؤسسة بما يؤهلني للإجابة على السؤال. ربما أبناء المؤسسة أنفسهم أقدر على الإجابة. ما لمسته حتى الآن هو عدم وضوح جدولهم الزمني على سبيل المثال، فقد كان من المفترض البدء في تصوير الفيلم في الأول من حزيران ولكننا لم نبدأ حتى الشهر الماضي، وكان على الممثلين أن يرتدوا الثياب التي صممت في الصيف، ونحن الآن في الشتاء, قالوا التأخير كان بسبب عدم تواجد سيولة نقدية ولا أعرف لم تمت برمجة الفيلم في هذه الحالة. حقيقة لا أعرف ما هي المشكلة. وماذا بعد ... ما هي المشاريع الجديدة التي أبرمت اتفاقات بشأنها ؟ لدي دور(نور) في مسلسل "قيود عائلية" (والعنوان قابل للتغيير)، وهو نص اجتماعي جميل وملتزم من كتابة يارا صبري وريما فليحان وإخراج ماهر صليبي ويشارك فيه نجوم مهمون منهم بسام كوسا, يارا صبري, جهاد سعد, سلافة معمار, ندين تحسين بك, إياد أبو الشامات, سوسن أرشيد. ولدي مشاركة مهمة في حفل افتتاح الدوحة عاصمة الثقافة العربية لعام2010 والذي سيجري في الدوحة في نهاية كانون الثاني المقبل, العرض بعنوان "بيت الحكمة" وهو عرض مسرحي واستعراضي راقص في الوقت نفسه وقد رصدت له خيرة الإمكانات البشرية من سورية. يشارك في العرض نجوم كبار منهم : غسان مسعود, عبد المنعم عمايري, زياد سعد, جلال شموط, إياد أبو الشامات, أدهم مرشد, حسام الشاه, بسام داوود, نوار بلبل و رامز الأسود، وتقوم بتجسيد الحضور الراقص فرقة إنانا بكافة عناصرها حيث ستطل الفرقة بحلة جديدة ومختلفة, ثم إن ديكور العرض أيضا مميز جداً، وكل هذه العناصر والطاقات بإشراف الأستاذ جهاد سعد المسرحي المخضرم، والذي يعمل على مزج الرقص بالمسرح وتوحيد عمل الممثل والراقص في بوتقة واحدة أتوقع للعرض نجاحاً كبيراً بمستوى أهمية الحدث وأن يكون تمثيلاً يليق بسورية على أرض الشقيقة قطر. طيب وماذا عن أبو الفنون الكفيل بإعادة هيكلة أدوات الممثل و(جوهرته) دائماً... ألا ترين أنك مقصرة تجاه المسرح حتى قبل الانشغال بالتلفزيون.. وهل حقاً أنك أدرت ظهرك للمسرح باكراً؟ أستغرب توجيه مثل هذا السؤال لي أنا بالذات, هل أنت متأكد أنك ارتدت المسرح في السنوات الثمان الماضية؟؟؟ لقد تحدثت للتو عن العمل المسرحي الذي أشارك فيه حالياً (بيت الحكمة)، والمعروف عنا، أنا والقلائل جداً من بنات جيلي، أننا لم ولن ندر ظهرنا للمسرح, لقد كان الكثيرون يلومونني عن الانصراف للمسرح، وأنه من الأفضل استثمار هذا الوقت والجهد في التلفزيون لكنني اكتسبت من المسرح ثقة وخبرة فنية وحياتية كبيرة بالنسبة لعمري, واختلطت بأناس من جنسيات مختلفة عملت معهم ورؤوني على المسرح وتعلمت منهم الكثير. عملت حتى خارج سورية ولدي مسرحيتين في الدانمرك باللغة الإنكليزية (متاهة فينوس, والملاك الحارس)، وسيكون لدي تجربة ثالثة في الدانمرك أيضاً في شهر آب المقبل وستكون مقتبسة عن ألف ليلة وليلة, لقد بلغ عدد العروض لأحد المسرحيات التي شاركت فيها، وهي مسرحية أطفال واسمها "مومو"، لوحدها تسعين عرضاً, لم أحدثك بعد عن "هجرة أنتيغون" أو "كلاسيك" أو "عشاء عيد ميلاد طويل". أتذكر حتى وجوه بعض الناس الذين استوقفوني في الشارع وقالوا لي إنهم رؤوني في المسرح وحدثوني عن تأثرهم ولم يتكلموا عن التلفزيون. لكن سأقول لك شيئاً إن كان لدي شروط للقبول بعمل تلفزيوني كأي ممثل أو ممثلة فشروطي في المسرح مضاعفة، وأفكر ألف مرة قبل الإقدام على مشاركة مسرحية إلا مع المخضرمين طبعاً والذين يتمنى الجميع العمل معهم مثل (جهاد سعد وفايز قزق وغسان مسعود وسامر عمران) مع حفظ الألقاب طبعاً فهم أساتذتنا، ولا أريد القول أنني لا أعمل إلا مع هؤلاء وإنما أرى أن خوض تجربة المسرح يجب أن تكون مدروسة كثيراً. عملت كثيراً في الدوبلاج، سابقاً مع شركة سامة وحالياً لابد أنك تعملين في شركة فردوس، لكن بنظرة عامة لكل ما دبلجه السوريون مؤخراً فهو لا يتصف بالحرفية طالما أنه يتم اختيار الممثل ليؤدي الشخصية قبل القراءة الكاملة لهذه الشخصية، والأمثلة عديدة. إذا هل هو العائد المادي فقط ما يجعل ذلك (الجيش) من الممثلين يعملون في الدوبلاج لاسيما أن هناك أسماء هامة عملت بالدوبلاج السوري ، وعندما تتوفر فرص العمل الجيد التي تترك المساحة المناسبة لك كممثلة لأن تقولي ما تودين قوله، هل ستودعين الدوبلاج، ثم ألا تري أن هذا الأخير قد ساهم في إخفاق بريق الدراما السورية بشكل أو بآخر. أنا لست مع التعميم , ليس كل ما يدبلجه السوريون لا يتصف بالحرفية، وقد أصبح هناك الآن الكثيرين ممن يستثمرون في هذا الميدان، وكل يعمل بطريقته فلا أفضل وضع الكل في سلة واحدة, بالنسبة للممثلين لن أجيب بالنيابة عن الآخرين خاصة أنني سألت عن الدوبلاج في مقابلات كثيرة، وأنا أُسأل كثيراً رغم أنني لم أعمل منذ زمن في الدوبلاج وأعمالي أساساً كانت قليلة مقارنة بغيري, بالنسبة لي سأتقاضى أجراً أحدده وأرضى عنه في أي عمل أعمله، ولذلك من المفضل أن أقوم به كما يجب و بحرفية عالية. أما السؤال عن أن الدوبلاج يسحب البساط من تحت الدراما السورية فلقد بت أراه سؤالا مكرراً وهو يكرر فقط لأنه يوحي بوجود مشكلة والصحافة تعتقد أن هذا يجذب القارئ, اعذرني لم أعد أنظر إلى هذا السؤال بالجدية المرجوة مني ولا أريد أن أكرر ما قلته سابقاً, أنا أرحب بأي عمل جيد يحترم عين المشاهد, باستطاعتنا فلسفة الأمر أكثر من ذلك بكثير بينما المشاهد وبكل بساطة ينتهي هذا الإشكال بكبسة زر من (الريموت كونترول) ويسحب البساط من تحتنا بينما نحن لا زلنا نتحدث عن سحب البساط من تحت الدراما. لنعود بقطار الذكريات للمشهد الأول الذي وقفت فيه ميسون أمام الكاميرا.. ولنسجل من جديد مشاعرك عندما جسدت هذا المشهد مع ذكر اسم العمل وفي أي عام إن أمكن. أو لنقل اللحظة الطفولية الخاصة التي شعرتي بها أنك ممثلة أو لا تزال راسخة في ذاكرتك؟ أول مرة وقفت فيها أمام الكاميرا كانت في عمل "سحر الشرق" في شخصية (بدور) وقد كنت وقتها طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان عمل الطالب في التلفزيون آنذاك ممنوعاً ويواجه بصرامة إلا أن السيدة نائلة الأطرش (كانت وقتها رئيسة قسم التمثيل) قرأت السيناريو، ولم تسمح لي فقط بالمشاركة بل شجعتني لأن النص كان مميزاً وهو من تأليف الكاتبة الجميلة ريم حنا و عمار ألكسان رحمه الله . لم أكن أفهم شيئاً في تقنيات التعامل، مع الكاميرا وكنت خائفة جداً جداً بينما كنت أحاول أن أبدو متماسكة أمام الآخرين وأن كل شيء عادي وبديهي بالنسبة لي, حاولت جهدي ولكن كل ما كنت أتمناه وقتها من التصوير هو انتهاء التصوير لأعود إلى البيت والشعور بالأمان, طبعاً من المستحيل نسيان أول تجربة أمام الكاميرا ومن المستحيل أن تكون سهلة، والمحظوظ هو من يقف لأول مرة مع أناس مريحين ومتفهمين وقد كان وقتها شريكي في التصوير سعد مينه، وقد كان لطيفاً جداً ولم يشعرني أبداً بالتوتر وانتهز الفرصة لأوجه له تحية الآن من بوسطة. شكراً ميسون