2012/07/04
اسماعيل ديب - تشرين
منذ الأفلام الأولى للسينما السورية كان واضحا مدى ما فيها من جرأة في الطرح والمناقشة وإثارة جوانب الصراع الاجتماعي والحركة الجماهيرية.
والصراعات الاجتماعية إحدى أهم المقولات التي قدمتها السينما السورية في هذا السياق وجاءت سلسلة من الأفلام السينمائية التي تصور احتدام هذه الصراعات بصور وتجليات مختلفة ففي فيلم (سائق الشاحنة) سنجد الصراع المحتدم بين طبقات العمال السائقين ورب العمل والقضايا المطلبية التي ينادون بها في سبيل زيادة الأجور وتلبية طلبات العمال المحقة لتنتقل المطالبة الفردية إلى حركة عمالية منظمة بعد فشل المحاولات الفردية والانخراط في إطار الجماعة والمجتمع بما يتوافق مع الأطروحات الاشتراكية واتجاهات اليسار.
وفي ثلاثية (العار) نجد فضحا للإقطاعي بصوره وأشكاله التي تفضح طمع الإقطاعي واستغلاله لطبقة العمال ووصفه بالمراوغ والمحتال والعنيف والذي لايوقفه عن سلوكه الاستغلالي ضمير أو شعور أنساني أو شفقة فلا يروع إلا بالقوة والكفاح والتصدي والمواجهة لتلك المطامع. كذلك جسد فيلم (أبو علي شاهين) تمرده وثورته على الظلم الغاشم الذي جسده النظام الإقطاعي ليقوده ونضاله إلى حبل المشنقة دفاعا عن مبادئه في التحرر من غطرسة وهيمنة الإقطاع.
ويعود نبيل المالح في فيلم (بقايا صور) ليفضح مرة أخرى الإقطاع وسياسات النهب والاستغلال والقهر الذي يمارس على العمال والفلاحين وفي هذا النسق يحاول محمد شاهين في فيلم (الشمس في يوم غائم) أن يصور محاولة الانسلاخ الطبقي عند بطله البرجوازي وانضمامه إلى طبقة العمال والفلاحين والذين هم الوقود الحقيقي للثورة ضد المستعمر وضد مغتصبي السلطة وسارقي قوت الشعب.. وهذا الفيلم يفتح حصن الحارة الشعبية وناسها البسطاء ولكل المؤمنين بحقوق الشعب ويسعون لتحقيق آماله في نصرة أبنائه وتحقيق العدالة الاجتماعية ونصرة الشعوب، كذلك ينهج ريمون بطرس في فيلم (الطحالب) نهجا آخر لتسديد أسهم النقد إلى نواحي توشي الكذب والبيروقراطية ومحاولة الخلاص وتعرية تلك الجوانب السلبية للارتقاء بالوطن والمواطن وفي فيلم (قتل عن طريق التسلسل) لمحمد شاهين يعري الجوانب السلبية كالفساد الذي يخترق وشاح المجتمع ويتفشي بين أبناء الأمة ما يهدد أمن الوطن واستقراره وكذلك (أحلام المدينة) وهو فيلم مترع بالسياسة، الأحداث والأشخاص، التيارات والمذاهب، الاختلافات والاتفاقات.. ثمة مبدئيون وانتهازيون مهتمون، ولا مبالون، فعالية عالية يخوضها أبناء المجتمع للانخراط بالوحدة التجربة والأمل في تحقيق وحدة تحقق لهم آمالهم وأمانيهم ويطفح الحديث عن موسكو والعرب وعبد الناصر والوحدة العربية....الخ.
أما فيلم (القلعة الخامسة) لبلال الصابوني وهو الفيلم الوحيد الذي يتحدث عن المعتقل السياسي أو تدور معظم الأحاديث في السجن فهو وثيقة تدين الأنظمة القمعية التي تعتقل الناس ومن ثم جاء فيلم (الترحال) ليتحدث عن اعتقال من لهم علاقة بالمنظمات الحزبية أو المنظمات النقابية أي من لهم علاقة بالنضال الحزبي والسياسي وفي (رسائل شفهية) لعبد اللطيف عبد الحميد و(ليالي ابن آوى) نجد ملامح وصورا بالقرب من الجبهة السورية لتذكرنا بحرب تشرين وانتصاراته فلقد تحدثت السينما عن الحرب لكنها لم تذهب إليها بل أوحت إلى المآثر العظيمة من خلال تلك الصور.