2012/07/04
سامر محمد إسماعيل - تشرين
لا أستبعد بعد أن صرحت الممثلة نسرين طافش غير مرة على قناة (الدنيا) بأنها (تحلم بتجسيد شخصية السيدة فيروز) أن يطول ما يسمى بدراما السيرة الذاتية كل شيء جميل في حياتنا، فهذا العصر هو عصر الاعتداء المفتوح على كل شيء، عصر الخيانات، عصر تصنيع الأقنعة، وويل لمن يخرج على الناس بوجهه الصريح.
إن هذا النوع من الأعمال التلفزيونية ماضٍ إلى تخريب الذائقة عبر الاستهتار المعلن بقيم الصورة وفاعليتها في الدماغ الجماعي للجمهور، فما يهم معظم القائمين على مسلسلات السيرة الذاتية هو الربح على حساب أي شيء، وبأي ثمنٍ كان، أجل الربح هو سيد مطلق على الشاشة العربية الجديدة، وليس هناك أحد بمأمن اليوم من أن يكون أحد ضحايا توحش الصورة العربية، فالعصر التلفزيوني الذي نعيشه لا يعبأ بالشخصيات التي يتناولها.
هكذا شاهدنا محمود درويش وسمعنا أشعاره مخفوقاً بإعلانات الشامبو والمحارم وشركات الاتصال، هكذا أصبح صاحب (لماذا تركت الحصان وحيداً) مجرد (لوغو) إعلاني، قناع لقناع، موديل عار، موضة عمياء، ماركة ثقافية مسجلة؛ وجه يحيلنا إلى صورة الشاعر الراحل بعيداً عن كل ما يمكن لنا أن نتحمله، فما يجري بحجة الاحتفاء ما هو إلا اقتداء بقاعدة إعلامية مفادها (الأسماء تصنع الأنباء) نظرية كرّستها الأعمال التلفزيونية بمحاكاة أخرى على نحو: الأسماء تصنع الربح، وتدر المعلنين وتسوّق المسلسلات، والأسماء تروّج للنجوم الجدد بأنهم (حمالو أسى) فيما هم لا يفعلون شيئاً سوى التشويه والتزوير والتصنيم للشخصيات التي يؤدونها من دون ألم يذكر، ومن دون أي رادع من جمال، فعلى الشهرة يمكن بناء شهرة موازية، وعلى النجاح للشخصية المستهدفة كعمل درامي يمكن عقد الرهانات الإنتاجية الضخمة، ليتم التسويق والبيع على العظم كمكاتب العقار تماماً، المهم أن يكون السمسار حاضر الذهن وقوي العلاقات وذا حظوة لدى الفضائيات الداعمة، والمهم أكثر أن تكون الشخصية مثار جدل وسجال فني أو إعلامي ليصار إلى درمتتها، لا يهم كيف وأين ولماذا؟ ولا يهم أن تتم الصفقة والتعاقد مع ممثلين من الدرجة العاشرة، المهم هو الدفع قبل التصوير، وبتراب النقود يتم استحضار كل شيء، تُبنى المدن وتُنسج ملابس الفترة وتُستطلع أماكن التصوير
أغرب تصريح في هذا الشأن قرأته كان للممثل السوري جمال سليمان الذي صرح بدوره أنه يحلم بأداء شخصية جيجي لامارا مدير أعمال اللبنانية نانسي عجرم، سليمان الذي يشكل حالة لافتة في الحياة الفنية والثقافية السورية يحلم كغيره بدراما السيرة، الرجل الذي لعب شخصية عبد الرحمن الداخل وصلاح الدين الأيوبي ببراعة أمام كاميرا حاتم علي يجاهر على الملأ برغبته بلعب شخصية لامارا، غريب فعلاً، لكن الأغرب أن يلعب شخصية جمال سليمان مطرب البوب المصري تامر حسني.. هل سيقبل سليمان يوماً ما بهذه الوكالة..؟