2013/07/07
لؤي ماجد سلمان – تشرين
يعد فن الكوميديا من أصعب الفنون الدرامية خاصة أنه مرتبط بموضوعات اجتماعية وسياسية واقتصادية لها انعكاساتها على المجتمع بشكل مباشر,
لكن لماذا كانت الأعمال الكوميدية قبل الأزمة مزدهرة خاصةً في المواسم الرمضانية, بينما في العام الحالي وبعدما يزيد على العامين من الأزمة توقفت الأعمال الكوميدية التي تلامس الأزمة وانعكاساتها على الشارع السوري, علماً بأن الأعمال الدرامية السورية قدمت بأشكالها المختلفة مستوى عالياً من الجودة سواء من الناحية الإبداعية أو الفنية, وتجاوزت السقف المسموح لها في النقد, فالمتابع لمسيرة الدراما السورية يدرك تحولها في السنوات الفائتة, ولاسيما اللوحات الجريئة التي كانت تقدم في سلسلة «بقعة ضوء» العمل الذي قدم في الموسم الماضي نسخته التاسعة بمقاربات ماهرة للأزمة التي تعصف بالبلاد من أكثر من عامين، مجدداً مساحاته الفنية على مستوى الكتابة والإخراج للفنان عامر فهد.
اليوم من حق المشاهد الذي يعيش أزمة غير مسبوقة أن يسأل عن حصته الترفيهية التي تلامس همومه وأن يستفسر عن سبب توقف بعض الأعمال التي استمرت عدة سنوات متتالية بخط بياني وصل أحياناً إلى الحضيض, وعاد وارتفع ولاقى رواجاً واستقبالاً جماهيرياً كسلسلة «بقعة ضوء» ترى هل بينت الأزمة أننا لسنا المنتج الحقيقي وإنما مجرد جهة منفذة لما تطلبه بعض الدول أو الجهات الممولة حتى أدرنا ظهرنا لما يحدث, أو أن هناك من يخشى أو يقصد عدم التعاطي مع الأزمة, علماً بأنها مادة غنية لكتاب الدراما الاجتماعية والسياسية, فالكوميديا الحقيقية هي التي تنبع فعلاً من واقع الحياة الإنسانية, وكلنا يعرف أن الكوميديا السوداء إن كانت ساخرة أو غير ذلك تنبع من الألم تحديداً.. بالطبع هناك أعمال كوميدية ستقدم وتلامس الأزمة كمسلسل «وطن حاف» بكاميرا كل من مهند قطيش ومحمد فردوس أتاسي, والعمل الكوميدي المشترك «نيران صديقة» للمخرج أسامة الحمد,
لكن هل يكفي عملان كوميديان لرصد انعكاسات الأزمة من كل الجوانب؟ فالملاحظ أن الدراما السورية لم تتطرق لما نعانيه بشكل مباشر, بل ابتعدت عن محور حياة المواطن خلال هذين العامين, لتقدم لنا روايات تاريخية كمسلسل «طوق البنات» و«حدث في دمشق» المأخوذ عن رواية «وداد من حلب», وأعمال تتعلق بدراما البيئة الشامية وتاريخ دمشق مثل «ياسمين عتيق, و قمر الشام» أو أجزاء أخرى من أعمال سابقة «زمن البرغوت, زنود الست» وغيرها كما جرت العادة, ومسلسلات اجتماعية تعالج قضايا المرأة كمسلسل «حائرات» للمخرج سمير حسين, و «سنعود بعد قليل» للمخرج الليث حجو, أو المسلسل الاجتماعي «عيلة ومكترة», أو روزنامة الذي يتناول حياة بعض الطلبة في حرم الجامعة، أو حتى مسلسل «خرزة زرقة» لمحمد نصر الله.
ربما نسي البعض أن الدراما السورية خصوصاً والكوميديا عموماً, مادة مطلوبة على الرغم من التهديد بالمقاطعة, وأن الجمهور العربي لا ينتظر إذن المحطات الفضائية حتى يتابع أعمالنا, وعلينا أن نكسب الرهان ونؤكد على بقاء الدراما السورية في المركز الأول, وألا ننتظر ما سيقدمه البعض للمشاهد العربي من أعمال تهتم بالأزمة عن بعد من دون أن يعيشها أو يشاهدها, وعلينا ألا نفاجأ إن شاهدنا أعمالاً كوميدية غاية في السخف بحجة الجرأة, أو الخروج عن سلطة الرقابة تقدم للمشاهد بحجة ملامسة الأزمة, فهناك من يعشق الاصطياد في الماء العكر بحجة سد الفراغ الذي تركه كتابنا مرتعاً للمضللين, والممثلين بلا حدود.