2013/05/29
سيد تركي – السفير
صار بإمكان المصريين القول، إنّ زياد الرحباني، خاض تجربة العاصمة الصاخبة، في عمقها. فقد تسبّبت زحمة السير في القاهرة، بتأخّره ساعة كاملة، عن استوديوهات «أون تي في» على أطراف العاصمة. كافح السائق لوصوله للمكان، لكنّ فرق برنامج آخر كلام، اضطر إلى اختصار عدد من محاور اللقاء مع يسري فودة، فتمّ اختصاره إلى ساعتين فقط، بعدما كان مقرراً أن يمتد لثلاث ساعات.
في كواليس إعداد البرنامج، أمضى فودة وفريقه أسبوعاً صاخباً في الإعداد لـ «اللقاء الأول» للرحباني على قناة مصرية، وذلك فور موافقته على إجراء الحوار. حتّى أن الرحباني، وعقب خروجه من الاستوديو، أبدى إعجابه بالطريقة التي قدمّه فيها فودة لجمهور البرنامج الذي قد لا يعرفه جيداً، قائلاً: «أقديش أخذ منكم الإعداد ليخرج بهالشكل؟». وكان فودة اختار لتقديم زياد، بثّ فيديو قصير من «حوار العمر» مع الإعلامية جيزيل خوري في العام 1997، مقدّماً المقطع بالقول: «هذا هو تعريف ضيفنا لكلمة «وطنية»».
استغل فودة إجازة البرنامج (يتوقف 3 أيام نهاية كل أسبوع)، وقرأ الأبحاث الطويلة المعدّة للحلقة، وانتهى من كتابة «السكريبت» يوم الأحد، قبل تسجيل اللقاء بثلاثة أيام، مشرفاً على ترجمة أغنيات الجاز والكانتري والبلوز للويس أرمسترونغ وجوني كاش وفرانك سيناترا، واتخذ منها مدخلاً إلى أسئلة للرحباني. التقط الأخير طرف الخيط، متنقلاً برشاقة من الحديث عن لويس أرمسترونغ إلى المطربة الأميركية بيلي هوليداي التي قال إنّ أداءها «هو الأقرب للون الذي يقدمه المطرب الشعبي المصري محمد عبد المطلب». قال زياد إنّه لا يفضّل موسيقى البلوز بسبب كآبتها، مختتماً الاسترسال بالحديث عن الملحن المصري محمد سلطان. وقال إنّه تفاجأ لأن إحدى مقطوعات ألبومه «بالأفراح» تعود لسلطان، وإنه ظلّ حتى وصوله القاهرة، يعتقد أنها لحن فولكلوري، مؤكداً أنه مدين باعتذار عن جهله تلك المعلومة.
لم تطغَ السياسة على الحوار، بل ذهب إلى محطّات فنيّة في مسيرة زياد، أوّلها ديوانه «صديقي الله». وعن هذا الموضوع قال زياد إنّ مفهومه عن الله «مفهوم أكثر خصوصية»، مفهوم كان يمكن أن يودي به في عصور سابقة «إلى حبل مشنقة في ميدان عام أو إلى المقصلة». يحكي زياد كيف أن والده عاصي الرحباني، هو من طبع الديوان ووزعه على عدد من أصدقائه، منتقلاً إلى الحديث عن تقديمه للملحن والموسيقار المصري محمد عبد الوهاب لأول مرة وهو في سن الخامسة عشرة.
وكمدخل للحديث عن موقف زياد المعروف من سوريا، بدأ فودة المحور بأغنية «خبطة قدمكن» للسيدة فيروز، شارحاً للجمهور المصري، كيف أنها كانت للسوريين بمثابة «المعادل الموضوعي» لأغنية «الله أكبر» بالنسبة للمصريين. شرح زياد رؤيته لما يحدث في سوريا، وانتقل إلى الحديث عن وضع الإسلاميين في المنطقة، بعد عرض فيديو قصير للقاء جمع فودة براشد الغنوشي، تحدّث فيه الأخير عن «ضرورة إتاحة الفرصة للإسلاميين في الحكم، بعدما جربت شعوب المنطقة حكم الليبراليين والشيوعيين في السابق». من جهته أكّد الرحباني أن التفريق بين عناصر الشعب الواحد، لم يحدث في ظلّ الأنظمة السابقة، كما يتمّ الآن في ظلّ الأنظمة الإسلاميّة في مصر وتونس.
عقب انتهاء اللقاء، انتقل الرحباني وفريق البرنامج إلى جلسة شاي في مكتب فودة. واستغلّ زياد اللقاء للسؤال عن جدية التهديدات التي أطلقت بهدف منع حفلة زياد، في حديقة الأزهر. فأكّد له الحضور أنّ تلك الدعوات لم تتجاوز حدود مواقع التواصل الاجتماعي وأنه «مرّحب به في مصر دائماً». وسأل زياد أيضاً عن مدى تقبل الجمهور المصري لأغنية «أنا مش كافر»، فأخبره فريق الإعداد أنّ جمهوره من المصريين يعرفون الأغنية ويحبونها بصوت الملحن وعازف العود المصري الشاب حازم شاهين، أحد أعضاء فريق «اسكندريلا» الموسيقي المستقل، وأنّ الجمهور يطلب منه بإلحاح أداء الأغنية في كل حفلاته. حينها طلب زياد من مساعده الاتصال بشاهين لحضور التمارين، وهو ما حدث، ليؤدي شاهين الأغنية في الحفلة، من دون مضايقات، وسط آلاف.
خلال جلسة الشاي، نجح فودة في إقناع زياد بتمديد زيارته يوماً إضافياً للتجول وسط القاهرة والعشاء بأحد المطاعم الصغيرة للفول والفلافل، في حيّ السيدة زينب المجاور للمقام الزينبي، وزيارة مقهى ريش التاريخي بميدان طلعت حرب، والذي استمر لفترة طويلة مقصد الصف الأول من نجوم الأدب والسياسة والفنون في القاهرة، والذي يقف على قبو كان المقر السري لمطبعة منشورات ثورة 1919.. للأسف، تعرّض فودة لحادث سير بالأمس، ما أدّى إلى إصابته بجروح متوسّطة، وسيتماثل للشفاء خلال أسبوع، بحسب الأطباء. ربما يعود زياد قريباً إلى القاهرة، للوفاء بوعد جلسة الفول تلك..
[ «آخر الكلام»، زياد الرحباني بضيافة يسري فودة 11 مساء غد الثلاثاء، والإعادة ظهر الأربعاء، على شاشة «أون تي في»