2012/07/04
البعث
يقال لا وجود لذات خلاّقة مبدعة من دون أن تكون هناك بؤرة استقطاب مرنة لما هو في داخلها، وما هو حولها.. وكلما اغتنت الذات من منابعها كان خطابها أكثر إدهاشاً..لهذا تحتاج الأعمال الكبيرة إلى ذات هي الأخرى كبيرة كي تستشرف شواطئها العميقة...وهذا صحيح تماماً.
سئل الفنان الكبير المرحوم نهاد قلعي ذات يوم عن سر نجاح أعماله مع دريد ونجاح وبقوش وشلة «صح النوم وملح وسكر ومقالب غوار» فأجاب ببساطة متناهية وكان عميقاً في وصفه «على الدراما أن تعود إلى فن الفرشاة».
أكثر الأسئلة مثاراً للجدل اليوم هو: لماذا ترسخ الدراما القديمة في ذهن المشاهد أكثر من الدراما الحديثة؟ يأتي الجواب من مختصين بالقول: إن دراما أيام زمان أقرب إلى الرؤية الموضوعية للواقع حيث كانت خالية من الحشو الزائد والاستطالة غير المبررة، إضافة إلى التشويق والأصالة والإيقاع السريع، كما يمكن إضافة نواحٍ تقنية يبدو فيها تصوير الشخصيات وقد ضجّت بالجهد غير العادي لتكون متداخلة ومتوافقة مع الحركة والمنظر والحوار، ويذهب آخرون إلى أبعاد أخرى لايرونها في الدراما الحديثة بالتأكيد، على أن الدراما القديمة كشفت المفهوم التركيبي للواقع عبر تناقضات الحياة الاجتماعية وصراعها وتعدد أوجه الممارسة الإنسانية بالأسلوبين التراجيدي والكوميدي على حد سواء، إضافة إلى معايير كانت واضحة بالنسبة للعاملين في هذا المجال لم يتخلوا عن ثوابتها المتعلقة بالحرص على التطور الفني للحدث وانتقاء العناصر المهمة من الواقع وتوظيفها فنياً وتوخي الدقة في الوصف.
يمكن القول: إن صدق العطاء الذي كان يسيطر على العاملين في مجال الدراما السورية أيام زمان كان نابعاً بالفعل من ذات مبدعة عرفت مايريد أن يراه الناس، فشاركوهم العمل الفني فازداد الناس قناعة بقوة الدراما التي ساهمت في إمتاعهم.. تلك الدراما التي كانت قادرة على خلق مواقف وعلاقات إنسانية نابضة لأن واقعية الدراما تكمن في حدوثها في زمن حاضر.