2012/07/04
بشار ابراهيم - دارالحياة
كما في السينما، كذلك في التلفزيون، يمكن أن يكون الرهان على دور القطاع العام أساسياً. من هنا يمكن النظر إلى إطلاق «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»، في سورية، باعتباره رهاناً على دور أساس يمكن للقطاع العام أن يقوم به، على رغم أن القطاع الخاص استطاع خلال العقدين الماضيين النهوض المميز بالإنتاج التلفزيوني الدرامي السوري.
وإذا كان من الجدير الانتباه إلى أن أهم العلامات البارزة في تاريخ الدراما التلفزيونية السورية، منذ نهاية ستينات القرن العشرين، ومطالع السبعينات، صيغ في أكناف القطاع العام، ممثلاً حينها بالتلفزيون العربي السوري، فمن الضروري التأكيد على أن نهضة هذه الدراما، وانتشارها، إنما جاء على يد القطاع الخاص، عندما أتاحت له الشروط والظروف والتشريعات ذلك.
وطيلة العقدين المنصرمين، لم يستطع التلفزيون العربي السوري أن يكون منافساً حقيقياً لشركات الإنتاج الخاصة، التي لم تكفّ عن التوالد، بدءاً من «الشام الدولية»، إلى «السورية الدولية»، وما بينهما الكثير مما لا مجال لذكره الآن. لم يستطع التلفزيون العربي السوري ذلك على رغم أنه بقي يتمتع بإمكانات مادية وبشرية كبيرة، وعلى رغم وجود مديرية خاصة للإنتاج التلفزيوني، توالى على إدارتها أدباء ومخرجون وممثلون وإداريون، حاول كل منهم بطريقته النجاح، من دون كثير من الجدوى.
ربما هي الآفة ذاتها التي غالباً ما تصيب القطاع العام، وهو الذي يستلزم العمل فيه ضرورة إتباع سلسلة طويلة من الإجراءات الإدارية، وخوض فيض من المعاملات الروتينية، وتحمل جيوش موظفين لا لزوم لهم، فماذا لو كان الأمر موكلاً إلى مديرية تتبع هيئة عامة؟ ربما من هنا جاء إطلاق «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي»، لتكون مؤسسة مستقلة بذاتها، تمتلك المزيد من حرية الحركة، والقدرة على التعامل مع حقل فيه من الغنى والتعدد، وفيه من التجارب والخبرات، وفيه من المؤسسات والشركات المنافسة، ما فيه.
أخيراً، وبعد مرور قرابة عام على إصدار المرسوم التشريعي، وبعد شوط من الترتيبات، ظهر إلى العلن تحركان أساسيان للمؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، تمثل أولهما في إطلاق لائحة أجور العاملين في الدراما، وتمخض ثانيهما عن عقد مؤتمر صحافي، أطلقت خلاله عناوين الأعمال الأولى التي تنوي المؤسسة الشروع بإنتاجها، هذا العام، وفق ما صرحت المديرة العامة للمؤسسة ديانا جبور.
ومع الانتباه إلى أن جبور، هي ناقدة سينمائية أصلاً، وسبق لها أن تبوأت منصب مدير التلفزيون العربي السوري، سنوات عدة، شهد خلالها التطوير على صعيدي المضمون والصورة والأداء، يبقى من اللائق القول إنه من المبكّر الحكم على مدى قدرة هذه المؤسسة، وتمكّنها من المساهمة في إغناء المشهد الدرامي التلفزيوني، من دون أن ننسى، طبعاً، إثارة السؤال عن سرّ اختفاء الإشارة الى أي إنتاج برامجي تلفزيوني.