2012/07/04
ماهر منصور - السفير
قد يكرر مسلسل «رابعة العدوية» سلسلة الأحداث التي رافقت إنتاج مسلسل «الظاهر بيبرس»، حين بلغ الصراع بين الدراما السورية والمصرية أوجه. فمنذ حوالى الست سنوات أو أكثر ، أنتج المصريون والسوريون نسختين تاريخيتين متزامنتين عن شخصية «الظاهر بيبرس». يومها رجحت الكفّة لصالح النسخة السورية التي أدى دور البطولة فيها الممثل عابد فهد. وقد جاء الاعتراف بأفضلية «الظاهر بيبرس» السوري من الجمهور العربي عموماً، لكن أيضاً من الجمهور المصري نفسه. إذ اعترف، للمرة الأولى، كبار صناع الدراما، ومنهم الراحل أسامة أنور عكاشة، بنجاح الدراما السورية التاريخية. فيما شنّ النقاد المصريون هجوماً لاذعاً على صناع النسخة المصرية للمسلسل.
اليوم يتكرر السيناريو من جديد، مع تخطيط شركتين سورية ومصرية لإنتاج مسلسل تاريخي يتناول شخصية «رابعة العدوية». إذ أعلن المنتج المصري إسماعيل كتكت عن بدء التحضيرات لإنتاج مسلسل «رابعة العدوية»، فيما كانت الفنانة السورية نسرين طافش، منذ بداية تأسيسها شركتها «ميراج للإنتاج والتوزيع الفني» منذ أكثر منذ عامين، لا تكفّ عن التذكير بأن «رابعة العدوية» هو مشروعها الإنتاجي الأضخم. وبالفعل فقد تم الإعلان عن استعدادات طافش لتصوير مسلسل «رابعة العدوية ..العشق الإلهي» للكاتب عثمان جحا، والمخرج زهير قنوع. وهو العمل الثاني الذي تنتجه شركتها بعد مسلسل «كريزي TV» للكاتبة علا ملص والمخرج مصطفى برقاوي.
وكان إنتاج طافش مدرجا على لائحة العرض الرمضاني 2011، أي الموسم الماضي. لكن الظروف شاءت تأجيل التصوير. وبالتالي سوف يواجه «رابعة العدوية» السوري «رابعة العدوية» المصري هذا العام.
تجدر الإشارة الى أن شخصية «رابعة العدوية» شكّلت محور فيلم سينمائي مصري، أدى الأدوار الرئيسية فيه كل من الفنانين نبيلة عبيد وفريد شوقي وعماد حمدي وزوزو نبيل.
ومع إعلان الفنان جلال شموط الذي يتولى إدارة شركة طافش (ميراج) عدم نية شركته مشاركة أي جهة إنتاج مصرية في إنتاج مسلسل «رابعة العدوية»، وتأكيد المنتج المصري كتكت أن مسلسله ما زال يكتب حتى الآن، يقفل باب التكهنات بأن يكون مشروعا المسلسلين السوري والمصري عن «رابعة العدوية» مشروعا واحدا بإنتاج سوري - مصري مشترك. وبالتالي يبدو أن على الطرفين المصري والسوري، منذ الآن التفكير بالوسائل التي تتيح لهما المنافسة بجدية. ولعلّ تلك المنافسة سوف تنتطلق من رواسب المنافسة في تنفيذ «الظاهر بيبرس». فإما أن تثبت الدراما السورية تفوقها في المجال التاريخي، وإما أن تعيد الدراما المصرية الاعتبار لنفسها في هذا المجال.
حتى الساعة لا تمكن مناقشة نتائج المنافسة الجديدة...لكن «سوء الظن من حسن الفطن»، وقد كانت الثقة المصرية بريادتها الفنية واحدا من عوامل سقوط نسختها عن «الظاهر بيبرس» أمام النسخة السورية. وكان الحرص على تقديم المختلف والثراء الإنتاجي والعمل بنفس الهواة الاحترافي واحدا من أسباب نجاح النسخة السورية... فالخشية أن يطمئن السوريون إلى إرث صناعتهم في المسلسل التاريخي، ويبالغون بثقتهم بأنها لعبتهم التي برعوا فيها، متجاهلين الصحوة التي تشهدها الصناعة الدرامية المصرية والتي ظهرت بوضوح في ما أنجز مؤخرا في الدراما الاجتماعية مثل «أهل كايرو» و«الجماعة» و«شارع عبد العزيز» و«خاتم سليمان»... وربما تستكمل الصحوة ليفاجئنا صناع الدراما المصريون بتطور مواز في صناعة المسلسل التاريخي، ولا سيما أن المنتج كتكت شارك السوريين في إنتاج مسلسل «أسمهان» واختبر أسباب نجاحه عن قرب.
المطلوب اليوم من صناع النسخة السورية لـ«رابعة العدوية» أن يستفيدوا من درس صناع النسخة المصرية من «الظاهر بيبرس» ولا يبالغوا بثقتهم بأنفسهم، وان يستفيدوا من تجربة صناع النسخة السورية من «الظاهر بيبرس» حتى لا يقدموا العمل بنفس هواة، لكن بحس احترافي مدعوم بخبرة عريضة للفنانين والفنيين السوريين في صناعة المسلسلات التاريخية... هكذا فقط يجتاز صناع الدراما السورية المنافسة الثانية بينهم وبين صناع الدراما المصرية في «رابعة العدوية»... مع العلم بأننا نتمنى أن تخرج لنا المنافسة هذه بعملين دراميين ضخمين نستمتع بهما ونضيفهما إلى قائمة الأعمال الدرامية العربية الرائدة... وبذلك نصل إلى الغاية المثلى من المنافسة التي نريدها خطوة لتطوير الدراما العربية، لا صعود أحد على حساب أحد.