2013/05/29
ماهر منصور – السفير
إن استثنينا "فوق سما الوطن" للمخرج نجدة أنزور، لم يعلن صانعو أيّ مسلسل سوري حتى الآن، نيّتهم التطرّق إلى الأزمة السوريّة. لكنّ نظرة سريعة على كواليس الإنتاج، بين أعمال يتمّ تنفيذها، وأخرى مدرجة ضمن خطط العام 2013، تجعلنا نرجّح وصول عدد الأعمال التي ستتناول الأزمة، بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى ستة (من أصل 16 عملاً). فالجزء الثالث من مسلسل "الولادة من الخاصرة" (منبر الموتى) للكاتب سامر رضوان والمخرجة رشا شربتجي، مهد في نهايات الجزء الثاني إلى مقاربة محتملة للأزمة. كما تأتي الأزمة كخلفيّة للحبكة في مسلسل "الحائرات" للكاتب أسامة كوكش والمخرج سمير حسين، إذ يكابد أبطاله تداعيات الحدث، كجزء من يوميات المجتمع السوري الراهنة. وإذا اكتمل عقد نصوص الجزء العاشر من "بقعة ضوء"، فمن المؤكّد أن يذهب باتجاه الحدث السوري، إذ كيف لعمل مبنيّ على لوحات انتقاديّة ساخرة، تجاهل الأزمة.
وإذا ما قيس الأمر بحكايات درامية شبيهة بمسلسل "الخربة"، فيها من الأحداث ما يمكن إسقاطه على الواقع بسهولة، فإنّ عملاً مثل "نيران صديقة" للكاتب حازم سليمان والمخرج أسامة الحمد، من شأنه أن يغمز من قناة الأزمة، لا سيما ان لكاتبه حازم سليمان تجربتين هما "بقعة ضوء 9" و"أبو جانتي 2"، تناولتا الأزمة على نحو مباشر أو غير مباشر. وفي حكاية "نيران صديقة" عن قريتين حدوديتين سورية ولبنانية، والتجاذبات بينهما، ما يحتمل إسقاطا على الأزمة السورية اليوم. ومن المرجّح أيضا أن يتلمّس مسلسل "سنعود بعد قليل" لرافي وهبي، والليث حجو، ظلال الأزمة. وفق هذه الصورة، يمكن لنا القول إن ثلاثة أعمال ستتناول الأزمة بشكل محتم، والرقم مرشح ليرتفع إلى ستة. وفي هذا الإطار، تقوم "المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي" بإنتاج عملين يتناولان الأزمة، بعدما قدّمت خلال العامين الماضيين، ثلاثة أعمال تناولت الأزمة هي "فوق السقف"، و"هات من الآخر"، و"حصان طروادة".
من المؤكّد أنّ الدراما السورية لم تدر ظهرها بالكامل للأزمة، لكنها تقاربها من زاوية واحدة، هي الزاوية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، دون أن تدخل في صلب الخلاف السياسي. وعلمت "السفير" انَّ مسلسل "فوق سما الوطن" لنجدة أنزور، سيتألف من عشر ثلاثيات، أسندت مهمة كتابتها إلى أكثر من كاتب درامي سوري، تمّ الاتفاق معهم على أساس تناول الأزمة من وجهة نظر إنسانية واجتماعية. وتستعير حوارات مسلسل "الحائرات" تفاصيلها من أحداث بتنا نسمعها في يوميات الحدث السوري، إذ سيتعرّض أحد أبطال العمل لحادث اختطاف، فيدفع أهله فدية لتحريره، ويتعرض مبنى المديرية حيث مسرح العمل إلى كسر زجاجه جراء التفجيرات. إلا أن العمل لا يحلل الأحداث ولا يدين فيها طرفاً بعينه، إنما يوردها من دون تعليق، إلا ذلك المرتبط بمشاعر إنسانيّة.
قد يكون هذا الخيار الأنسب بالنسبة لصناع الدراما، لناحية عدم إطلاق أحكام نهائية على مرحلة لم تنته بعد. كما انّها محاولة للانسجام مع رقابات فنية، وشعبيّة، في مجتمع منقسم بين مؤيّد ومعارض، من الممكن أن يقبل دراما تناقش الوجع اليومي الذي يتقاسمه كل السوريين، لكنه بالتأكيد لن يقبل دراما تخاطب طرفا دون آخر.