2013/07/22
آمنة ملحم – تشرين
عندما قرر بعض نجوم الدراما السورية, ولاسيما العنصر النسائي, تغييب أنفسهم عن المائدة الرمضانية لهذا العام, ربما ظن كثيرون أن ذلك القرار سيوقع صناع الدراما في مأزق اختيار أبطال أعمالهم
بعد أن اعتاد المشاهد فكرة ارتباط أسماء عدد كبير من المخرجين السوريين بمجموعة من فنانين طالما شكّلوا معاً فريقاً أخذ مع الوقت صفة الشللية.. الموسم الرمضاني حضر لكن الورطة التي خلّفها ذاك الغياب أسهمت وبشكل جدي في ولادة حالة درامية جديدة من رحم المأزق الذي وجد المخرجون أنفسهم مضطرين للتعايش معه فانتقوا أبطالهم من فلك العالم العربي ككل لتبقى عجلة الدراما السورية ماضية نحو الأمام بوجوه لامعة ملأت فراغ غياب أبطال الشاشة السورية.
المتتبع للموسم الدرامي الحالي سيرى بطلات عربيات زاد عددهن في مسلسل «صبايا» عن البطلات السوريات الثلاث فقط «هبة نور، ليليا الأطرش، جيني اسبر» رغم أن الحكاية سورية الملامح ... وبالمرور على مسلسل «سنعود بعد قليل» نرى أن حالة اللجوء والهروب من ألم الأزمة السورية وأعاصيرها الاجتماعية القاسية الذي يلم بها العمل, سوغت دخول الممثلين اللبنانيين إليه من دون شعور المشاهد بأي غرابة من ذلك الحضور الذي أحسن المخرج الليث حجو توزيع حصصه على الفنانين اللبنانيين كل في موقعه الأنسب, كما أن نص مسلسل «حدود شقيقة» جاء قائماً على أساس وجود قريتين من بلدين مختلفين وتالياً أبطال من بلدين أيضاً, ولمع ضوء الفنانين العرب وخاصة اللبنانيين أكثر في مسلسل «لعبة الموت» الذي لم يحدد هوية بلد لشخصياته, فلم يجبر صناع العمل على التقيد بالبيئة السورية فقط, فجاء نصيب البطولة الذكورية من حظ الفنان السوري عابد فهد ليقابله من مصر ماجد المصري والبطولة النسائية كانت للفنانة اللبنانية سيرين عبد النور, بينما تقف المصرية ميس حمدان إلى جانبها وعدد من الفنانات والفنانين اللبنانيين.
حضور النجوم العرب إذاً جاء متوازناً ومدروساً, ليكون كل من وقع الاختيار عليه محظوظاً بفرصة قد تصح تسميتها ذهبية بالوجود على شاشات عربية وارتباط أسمائهم بصناع دراما تلفزيونية, لطالما حلم كثير منهم بارتباط أسمائهم بها. من هنا فالدراما السورية التي سهر صناعها كثيراً لتصبح عربية السوق والانتشار ونجحوا في تحقيق ذلك بعد عناء واجتهاد كبيرين اليوم, لم تعد كعكتها من نصيب من تعب بعجنها كثيرا فقط بل المشهد الحالي في الساحة الدرامية يوحي بأن أولئك الأبطال العرب هم من سيجني الحصة الأكبر منها هذا العام بعد خبزها وتزيينها بأيد سورية, ليكون الخاسر بذلك نجوم الدراما السورية الذين نأوا بأنفسهم جانباً عن عالمهم المهني هذا العام, تاركين الأبواب مشرّعة أمام نظرائهم العرب فحلوا مكانهم بصورة أشد زخماً مما كان متوقعا, واستقبلوا كعكتهم التي تلقوها على طبق من فضة بصدر رحب, مدركين حجم النجومية التي ستمدهم بها دراما سورية تصر عاماً بعد عام على أن تبقى ملك الشطرنج التلفزيوني في شهر رمضان مهما كثرت العثرات في طريقها.
وربما ما لم يدركه الأبطال السوريون الغائبون هو حجم الشراكة العربية التي اقتحمت عالم الدراما السورية التي قد تخلق بدائل دائمين عن الفنانين السوريين, موفرةً جهد البحث الطويل عن نجوم آخرين, وتالياً سحب بساط نجوميتهم رويداً رويداً, ليتربع عليه آخرون بينما يفكر بعض فنانينا بأخذ قسط من الراحة أو التذرع بسوء أحوال البلاد, والجري نحو دراما عربية قد يجنون منها أموالا أكثر بعيداً عن التمسك بهوية فنهم, ليبقى الحذر الذي يجب أن يتخذوه لاحقاً سيد موقفهم قبل خسارتهم الكعكة السورية كاملة في الأعوام القادمة..