2013/05/29
وسام كنعان – الأخبار
كأنّ المسلسلات الشامية صارت أشبه بمصباح علاء الدين بالنسبة إلى الدراما السورية، لأنّها فعلياً بمثابة كنز ثمين وفسحة لضمان وجودهم على الفضائيات العربية في رمضان. حتى في ظل الظروف الأمنية المتردية، يمكن تصوير الدراما الشامية في استوديوات تبنى في أي مكان. وتُعَدّ الشام القديمة أكثر المناطق أماناً في عاصمة الأمويين حتى اليوم. على هذا الشكل، تتحفنا الدراما السورية بعدد هائل من الأعمال الشامية التي تقدم نسخاً متشابهة مع حرص صنّاعها على إدخال اختلافات بسيطة.
مع ذلك، يصرّ نجوم العمل الشامي على أنّ كل عمل يختلف عن إنتاجات الدراما الشامية، وخصوصاً عندما تدّعي تلك المسلسلات التوثيق لمرحلة تاريخية مهمة. هكذا، تابعنا العام الماضي تصريحات إعلامية لنجوم «زمن البرغوث». لكن حالما عُرض المسلسل، اكتشف الجمهور أنّ الحملة لم تكن سوى زوبعة في فنجان، ولم تتعدّ حالة تسويقية للعمل الذي كتبه محمد الزيد، وقد بدأ مخرجه أحمد إبراهيم أحمد بتصوير جزئه الثاني منذ أيام بعد اعتذار أهم نجومه: أيمن زيدان، وعبد الهادي الصباغ، وقيس الشيخ نجيب، وأمل بوشوشة. وقد حلّ مكان هؤلاء: سليم صبري، وجهاد سعد، وسعد مينه، وقمر خلف. في السياق نفسه، تستعد شركة «كلاكيت» لتصوير مسلسل شامي كتب نصّه عثمان جحى، على أن يُصوَّر في استوديوات خاصة في بيروت. وفي موازاة ذلك، انطلق المخرج السوري مروان بركات في تصوير مسلسله الشامي «قمر الشام» للكاتب محمد خير. عن هذا العمل، يقول بركات في حديث مع «الأخبار» إنّه اختار هذه المرة أن يقدم حكاية متخيلة تُشبه حكايات «ألف ليلة وليلة» في زمن افتراضي من دون التوثيق لأي مرحلة تاريخية أو أحداث حقيقيّة. ويضيف صاحب «السراب» أنّ المسلسل يطرح مجموعة من قصص الحبّ على الطريقة الشامية، إضافة إلى توابل أخرى كشهامة البيئة وبعض التفاصيل التي تظهر الشر لدى شخصيات الحكاية. لكنّ الزمن الافتراضي والبيئة الشامية في زمن الثورات العربية وغليان الشارع السوري والأحداث المهولة التي تجري، ألا يُعَدّان هروباً من الواقع؟ يحسم صاحب «عصر الجنون» أن ليس هناك «ما نقدمه اليوم؛ لأنّ الشارع منقسم. حالما تخوض في السياسة، هناك مَن سيعترض، ويعتبر صنّاع العمل أعداءً له. ومن هنا جاء خيار تقديم مسلسل شامي». من جانب آخر، يلفت المخرج السوري إلى أنّه واجه مشكلة حقيقية عند اختيار نجوم عمله، وخصوصاً عندما أراد الاتفاق مع مخرجين شباب: «اكتشفت أنّ غالبية النجوم الشباب قد غادروا سوريا، ما وضعني في مشكلة حقيقية». مع ذلك، فقد اتفق بركات مع نخبة من نجوم الدراما السورية على تجسيد شخصيات المسلسل وهم: بسام كوسا، ومنى واصف، وعبد الرحمن آل رشي، ورفيق السبيعي، وديمة قندلفت وأحمد الأحمد.
وعن الميزانية التي رصدتها شركة «غولدن لاين» المنتجة، يقول بركات: «لم أتدخّل في هذا الجانب، لكن في العموم، لا ينقص المسلسل شيء على المستوى الإنتاجي»، فيما يلفت إلى أنّه سيحاول إنهاء التصوير خلال مدة أقصاها 80 يوماً. أما المنتجة ديالا الأحمر، فتقول إنّها لم تتفق بعد على المحطة التي ستعرض المسلسل، لكنّها تسعى جاهدة لتسويقه جيداً. وعن الجديد الذي يقدمه العمل، تجيب: «النص مختلف من حيث تركيبته وتكامل عناصر الحكاية وجرعات التشويق الإضافية». فيما يكشف ملخّص المسلسل أنّ الحكاية حدوتة شامية تتناول قصة عائلة يموت أحد شبابها برصاصة غدر، فتصمت شقيقته مدى الحياة. وتسير قصتها بمحاذاة قصص حب تشي بها ألسنة النميمة بين شخصيات شريرة تستغل غياب زعيم الحارة لسبك المكائد لأهلها.
بطل المسلسل بسام كوسا يقول لـ«الأخبار» إنّ أهم ميزة للعمل أنّه لا يأخذ على عاتقه التوثيق ولا يمكن اعتباره تاريخياً. لكن في كل ظرف سيّئ يشهده البلد، تتّجه الدراما السورية إلى هذه النوع، حتى صار هناك تشابه كبير في نتاج الصناعة السورية الأكثر رواجاً، وخصوصاً بالنسبة إلى أعمال البيئة الشامية. يردّ نجم «أحلام كبيرة»: «أرى أنّ هذه الفترة لا تخوّل أحداً محاكمة الأمور الدرامية بالشكل الصحيح لأنّها مرهونة بظرف استثنائي ذي علاقة بالأزمة التي تعصف بالبلاد». وعن الشخصية التي يؤديها، يكتفي بالقول إنّها شخصية إيجابية ذات بعد إنساني. البعض يسمي الدراما السورية «دراما الشام» في إشارة إلى عاصمة الأمويين. لكن إن استمرت الأمور على هذا المنوال، فسيتغير اسم هذه الدراما ليصبح «الدراما الشامية»، ونعلق في قصص الحارات القديمة والزعامات المتخيلة والخصال الحميدة التي لا يعرف أحد أين تبددت، حتى وصل السوريّون إلى ما هم عليه اليوم!
«غولدن لاين» صامدة
تصرّ شركة «غولدن لاين» على إنتاج عدد من المسلسلات ضمن خطتها السنوية، رغم سوء الأوضاع في سوريا. وستنتج لهذا الموسم «نساء وأسرار»، وهو عمل اجتماعي معاصر كتبه عبد المجيد حيدر، وناديا الأحمر. ولم يُتَّفَق مع مخرج له حتى الآن. كذلك، تعكف الشركة على إنجاز جزء ثانٍ من مسلسلها الشامي «طاحون الشر» لمروان قاووق، وناجي طعمي وينفذ العمل لتلفزيون «الجديد» الذي عرض جزءه الأول في رمضان الماضي. وسيكون طعمي أيضاً على موعد مع إخراج مجموعة خماسيات عن الخيانة وما تخلّفه تلك الحالات من صدمات وصراعات داخل الأسرة الواحدة. وقد كتب هذه الخماسيات كل من فادي قوشقجي، ورانيا البيطار وموفق مسعود وآخرون. على أن تكون أعمال «غولدن لاين» جاهزة للعرض على المحطات لعربية في رمضان المقبل.