2013/05/29
وائل العدس – الوطن السورية
لا يختلف اثنان على أن الدراما السورية تأثرت سلباً بالأزمة التي تعصف بالبلد منذ سنتين، مثلها مثل أي قطاع آخر، وخاصة أنها من أهم الصناعات الثقيلة وأكثر شهرة وربحاً، الأمر الذي أجبرها على خفض إنتاجها «كماً» كخطوة احترازية. لكن اللافت أن الحديث انتقل في الآونة الأخيرة إلى الدراما التركية المدبلجة التي تتكفل الشركات السورية بدلجة معظمها.
وباعتبارها حظيت بنسبة متابعة عالية فاقت التوقعات كافة على مستوى الوطن العربي، ما مصير هذه الدراما وسط هذه الظروف؟ وهل ستعانيه ما عانت الدراما المحلية؟
سؤال وجيه
مصادر مطلعة من قلب شركات الدبلجة نفت لـ«الوطن» حدوث أي تأثير أو تغيير في سياسة عملها، لأنها أبرمت مسبقاً الكثير من العقود التي تحتاج لأكثر من سنة لتنفيذها، ولكن ماذا لو استمرت الأزمة لأكثر من ذلك؟
الجواب المؤكد يتمحور حول استعاضة الدراما التركية بنظيرتها المكسيكية التي تألقت أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وهو خيار وحيد لكنه غير مضمون النتائج.
وأبدى عدد من العاملين في مجال الدوبلاج توقعاتهم بتراجع مخيف للتركية بسبب دخول الدراما الأوروبية والآسيوية وحتى اللاتينية خط المنافسة.
استمرارية
في الوقت الذي رفض فيه معظم الفنانين السوريين الإدلاء بآرائهم قال حسام سكاف أحد أبرز الممثلين والعاملين في الدوبلاج: إن «الدراما التركية لم تتأثر بالأزمة السورية، لأن قنوات (أبو ظبي، دبي، MBC) - وهي أبرز المحطات العارضة لهذه الأعمال ـ ما زالت تطلبها».
هذا الوقت أوضح أن «المحطات اللبنانية طلبت العديد من المسلسلات المكسيكية وقد تمت دبلجة نحو ثمانية أعمال من هذه الدراما إلى الآن، وهناك دبلجة أيضاً لأعمال إيرانية وألمانية وهولندية وأعمال أوروبية أيضاً، والدبلجة تتم وفق طلب المحطات التلفزيونية، وحالة العرض والطلب هي التي تفرض تقدم دراما وتراجع دراما أخرى».
توجه مختلف
وعلمت «الوطن» أن عدد الأعمال المكسيكية قيد الدبلجة أو المخطط لدبلجتها يتجاوز عشرة أعمال إضافة إلى الأعمال الثمانية التي ذكرها سكاف.
وأشارت المعلومات إلى أن التوجه نحو الأعمال المكسيكية سيحقق أنجع الحلول، وخاصة بعد إخفاق الدراما الإيرانية باستقطاب المشاهدين وعدم قدرة الأعمال الأوروبية أو الأميركية على إقناع الجمهور الذي فضّل عرض هذه الأعمال بلغتها وكتابة ترجمتها أسفل الشاشة على غرار القنوات التي تعرض الأفلام. ولم يتوقف عمل الشركات في سورية على الدراما فقط، بل تعدى ذلك ليطال الأفلام الأميركية والهندية والأوروبية، لتعويض أي خسائر درامية.
زيادة في العرض
من ناحيتها، لورا أبو أسعد المشرفة المباشرة على الدبلجة في شركة سامه قللت من أهمية تأثير الدراما التركية في نظيرتها السورية لأن للمسلسل السوري نجومه ومضمونه الخاص وطبيعته وجمهوره لذلك فإن المقارنة مجحفة.
عدد الأعمال الخليجية والمصرية والسورية التي تنتج كل عام لم تنخفض أبداً، على العكس أصبح لدينا أيضاً مسلسلات لبنانية، ولكن فوق كل هذا تم إضافة التركي لأن عدد المحطات أيضاً زاد كثيراً في آخر خمس سنوات.
شكاوى
وكشف عدد من العاملين في الدوبلاج عن عدم نيلهم رواتبهم، على حين اشتكى فنانون من عدم تعويضهم عن أتعابهم ودفع مستحقاتهم خلال فترات ماضية، الأمر الذي أثار إشكالاً كبيراً بين هذه الشركات والعاملين معها.
ورغم تأكيد القائمين على الشركات أن المبالغ ستدفع، إلا أن الصورة الجلية لم تتضح إلى أن جاء التسويغ من خارج الحدود وتحديداً من المسوقين في هذه الشركات لدى المحطات الفضائية العارضة الذين تحدثوا عن منافسة إستوديوهات وشركات في الأردن ولبنان لنظيراتها السورية، قبل أن تتراجع هذه المحطات عن قرار المقاطعة الذي اتخذته للشركات السورية لأسباب وصفتها المصادر بـ«السياسية»، وسبب التراجع يعود إلى التكلفة العالية في لبنان والأردن مقارنة بالتكلفة في سورية، الأمر الذي أنهى أحد أبرز المشكلات التي تعرض لها قطاع الدبلجة في سورية.
ضغوط وشروط
من ناحية أخرى، فإن معلومات إضافية تحدثت عن شروط وضغوط جديدة بات يتعرض لها هذا القطاع في ظل الأزمة، فمن جهة لم تنقطع المحطات العربية وبخاصة الخليجية عن طلب الأعمال التركية، ومن جهة أخرى تراجع إنتاج الأعمال السورية بسبب الأزمة، وهذه الضغوط والشروط يمكن وصفها بأنها «استغلالية» للحالة الفنية في سورية، حيث اتضح أن شركات الإنتاج التركية تطلب دبلجة أعمالها بسرعة كبيرة مقارنة بالأيام العادية، وعملت على تخفيض الأجور والمبالغ مقارنة بالفترات الماضية، واللعب على وتر دبلجة الأعمال في بلدان أخرى، وعدم مراعاة الظرف الأمني والوضع الحالي في سورية عموماً ودمشق ومحيطها خصوصاً، في ظل اتجاه عدد كبير من الفنانين السوريين وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية للمشاركة في أعمال الدوبلاج بسبب تراجع أو انعدام فرص العمل في الدراما السورية.
وأخيراً
يدرك الأتراك أن تراجع الإنتاج الدرامي السوري يصب في مصلحتهم ومصلحة أعمالهم، إلا أن الحديث يدور عن توجه محطات عربية إلى إنتاج «أعمال غير تركية»، فنجاح حققه مسلسل إسباني يتيم ومثله إيطالي عرضا منذ سنوات، قد يفتح الباب على الدراما الأوروبية وخاصة أنه تجري الآن دبلجة مسلسلين أوروبيين، إضافة إلى دبلجة الأعمال المكسيكية، على حين يتحدث فنانون عن ضرورة التفات شركات الإنتاج السورية إلى الأعمال الدرامية السورية التي وحدها الكفيلة باستمرارية وبقاء الدراما السورية.