2013/05/29
محمد رُضا – دار الخليج
في الشهر الماضي، عرض المخرج كوينتين تارانتينو مقاطع من فيلمه الجديد “دجانغو غير مُقيّد” في سوق “كوميك- كون” السينمائي المتخصص بالترويج للأفلام الخيالية والغرائبية وكل ما يدخل في مضمارهما من أعمال . ومع أن الفيلم ليس من هذه الطينة بعينها، فهو فيلم “وسترن” في نهاية المطاف وليس خيالاً علمياً له علاقة بغزو الفضاء، أو غزو الفضاء لنا كما هو سائد هذه الأيام، إلا أن عرض الفيلم في ذلك السوق/ التظاهرة كان قراراً صائباً من وجهة نظر ترويجية كونه كان مختلفاً .
والغاية كانت أكثر من مجرد أن يكون الفيلم مختلفاً وهي دفعه إلى الصدارة في مطلع هذا الموسم الجديد لغايتين رئيسيّتين، الأولى إحداث رواج إعلامي يخدم عروض الفيلم التجارية، والثانية بلورته كعمل يستحق تقدير مانحي الجوائز التي ستتوالى ما بين الأسابيع الأخيرة من العام الحالي وصولاً إلى حفلة الأوسكار التي ستقام في مارس/ آذار المقبل .
طبعاً، الغاية الثانية لم تعد خفية منذ أن فاز فيلم تارانتينو السابق “أرذال غير جديرين” Inglorious Bastards بعشرة ترشيحات في مسابقة الأوسكار وخرج بجائزة فعلية واحدة هي جائزة أفضل ممثل مساند التي مُنحت لكريستوف وولتز عن دوره كضابط نازي في ذلك الفيلم .
“دجانغو غير مُقيّد” يشترك مع حفنة أفلام جديدة ستعرض في الموسم المقبل الذي يبدأ مع نهايات هذا الشهر ويستمر حتى نهاية العام، في السعي لكسب جانبي هذا الموسم المالي والنقدي . ليس هناك من أفلام فنّية فعلية هذا العام، كما كان حال فيلم مارتن سكورسيزي “هوغو” والفيلم الفرنسي “الفنان”، لكن هناك الكثير من الأعمال التي ترتفع بمستواها إلى سقف محتمل من الفن وتقترب في الوقت ذاته من تلبية رغبات الفئة الأوسع من الجمهور .
أحد هذه الأفلام “السيد” للمخرج بول توماس أندرسن، الذي سيكون، بالحكم على فيلمه السابق “سيكون هناك دم”، أحد أهم المخرجين المطروحين في موسم المسابقات هذا . في الوقت ذاته، هو فيلم حسّاس يتحدّث عن رئيس كنيسة خاصّة مشكوك في انتماءاتها وهويّتها الدينية . من شاهد الفيلم، وهم قلّة، يؤكدون أنه سيجعل ل . رون هوبارد مؤسسة كنيسة “السيانتالوجي” المعروفة يشعر بالقلق او الغضب او كليهما معاً، لأن الشخصية مرسومة عليه نموذجاً .
وهناك “بلا قانون”، الفيلم الجديد للمخرج جون هيلكوت الذي يتناول حرب صنع الخمور غير المصرّح به، وهو من بطولة غاي بيرس، غاري أولدمن، جسيكا شستين وتوم هاردي . ثم هناك “اقتلهم بنعومة” لأندرو دومينيك حول قاتل مأجور (براد بت) ينفّذ سلسلة اغتيالات تطال أولئك الذين استأجروه أيضاً .
ومن الأفلام الأخرى التي تهدف لإشغال بال القائمين على مسابقات الجوائز الموسمية مثل “غولدن غلوب” والأوسكار وجوائز الجمعيات الفنية المختلفة (في الإخراج والكتابة والتمثيل والإنتاج والتصوير الخî) فيلم كاثلين بيغلو الجديد “زيرو دارك ثيرتي”، وهو العنوان الجديد للمشروع الذي كانت بدأت بتصويره في الهند وباكستان بعنوان “أسامة” ثم “صيد أسامة” حول اغتيال أسامة بن لادن . وبيغلو كانت أحرزت جوائز عدّة عن فيلمها السابق “خزنة الألم” .
وللفيلم ذاته جانب آخر نكشف عنه هنا للمرّة الأولى خارج هوليوود: حينما أدرك الحزب الجمهوري أن فيلم بيغلو الجديد سيُفتتح في أكتوبر/ تشرين الأول احتج على القرار على أساس خشيته من أن يساعد ذلك حملة الرئيس أوباما في تلك الفترة الحرجة من فترة الانتخابات الأمريكية، ذلك لأن الذائع هو أن صانعي الفيلم استندوا إلى معلومات من البيت الأبيض مباشرة حول كيفية تنفيذ عملية الاغتيال ما قد يعود على أوباما بالفائدة كونه وقف شخصياً وراء ذلك الإنجاز . هذا ما دفع شركة التوزيع (كولمبيا) الى تعيين موعد لاحق للعرض (ديسمبر/ كانون الأول) تجنّباً لنبذ أي فريق .
وضع مماثل يحيط بفيلم من إنتاج وإخراج ستيفن سبيلبرغ هو “لينكولن” والاسم كاف لجعل الخلاف السياسي حامي الوطيس حول ما إذا كان الحديث حول الرئيس الأمريكي السادس عشر يمكن له أن يعزز مكانة أوباما الانتخابية أم لا . والموعد المحدد للفيلم الذي يأمل سبيلبرغ به العودة إلى قارعة الأوسكار (بعد مغامرتين فاشلتين هما “حصان أسود” و”مغامرات تن تن”) هو أيضاً أكتوبر، لكن البحث بدأ حول احتمال تأجيل عرضه لما بعد الانتخابات المقبلة . وكان فيلم ثالث دخل حقل الاعتبارات ذاتها هو “فجر أحمر” الذي يتحدّث عن غزو كوري شمالي (بمباركة صينية-روسية) للولايات المتحدة، فعرض الفيلم المنجز منذ سنتين تأخر ما يكفي وهو الآن محدد في الحادي والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني بعدما كان مقرراً له العرض قبل أسبوع واحد من الانتخابات التي ستجرى في السادس منه، لولا مخاوف الجمهوريين أيضاً من أن يحمل الفيلم دعاية غير مباشرة للرئيس أوباما .
إلى كل ذلك، هناك فيلمان لن يستطيعا اللحاق بركب أفلام الموسم هما “رحلة عذاب الضمير” الذي هو عودة باربرا سترايسند للإخراج، و”داخل ليووين ديفيز” لجول وإيثان كوون . كلاهما لن يكون العمل عليه انتهى كما كان مقرراً .