2012/07/04
محمود الورواري – دار الحياة
حوّلت ثورة « شباب التحرير» المصريين في شتى أنحاء الجمهورية على اختلاف طوائفهم وأعمارهم ووظائفهم وميولهم، إلى خبراء ومحللين سياسيين وعسكريين
واقتصاديين، إذ لم يعلُ صوت فوق صوت «المعركة» وسبل الخروج منها إلى بر الأمان، ومن دون خسائر في الأرواح والأموال. ولعبت الفضائيات ببرامجها ونشراتها الإخبارية
المتواصلة على مدار اليوم دوراً ملموساً في تعبير هؤلاء عن الأحداث من خلال فتح خطوط اتصال مباشرة معهم
ومثلما فاجأ شباب «الفايسبوك» الجميع بأمره الجلل الذي لم يكن يتوقعه أحد، تفاجأ الجميع بآراء رجل الشارع العادي، والذي كنا نتصور أنه يدور فقط في فلك كيفية البحث
عن لقمة العيش كمطلب رئيسي ووحيد، وعن كرة القدم والفن وملايين لاعبيها وممثليها كنوع من التنفيس، لكسر حال ضيق ذات اليد والاحتكار وغلاء الاسعار والأمراض
وغيرها. إذ رصد بعضهم لمقدمات الثورة وأسبابها، وطرق ترويع المواطنين على أيدي من أسموهم «بلطجية» الحزب الحاكم، والمنتفعين من أصحاب الأجندات الخاصة الذين يريدون القفز على ثورة الشباب.
وذهب بعض من أتيحت لقاءات مباشرة معهم في كثير من الفضائيات إلى الحديث عن أمور مهمة تتعلق بالمؤامرات الخارجية والداخلية التي تحاك ضد مصر ومستقبلها، وبدوا أكثر وعياً ودراية بـ «مجالس الحكماء» ومآرب المستفيدين من الحركات والأحزاب والجماعات.
وفي مقابل هؤلاء، منحت الثورة فرصة ذهبية لعدد من الصحافيين والخبراء للإدلاء بآرائهم ومقترحاتهم عبر لقاءات مكوكية، سواء من طريق المداخلات، أو مباشرة على الفضائيات في برامج الحوار التي كانت فرصة لعودة عمرو أديب بعد غياب، من خلال برنامج «مباشر» على شبكة تلفزيون «الحياة».
وكان من نجوم التحليل مصطفى الفقي ووحيد عبد المجيد ومحمد سليم العوا ويحيى الجمل وعادل حمودة ونقيب الصحافيين مكرم محمد أحمد وعماد أديب الذي كان شبه
مستبعد من الظهور الإعلامي منذ نحو 40 شهراً، وتحديداً حين تحدث عن سيناريو «الخروج الآمن» للرئيس من السلطة، إلى جانب عدد من رؤساء الصحف والمجلات
الحكومية، والذين وضعهم المحتجون في خندق النظام، وظهروا في تحليلاتهم وهم يمسكون بالعصا من مختلف أطرافها خوفاً من مصير غامض ينتظرهم
وكشفـــت تغطيات الثورة فضائياً عن فوارق فردية كبيرة وملموسة بين مقدمي البرامج، سواء الحوارية أو المباشرة، إلى جانب المراسلين. واقتنص عدد من الزملاء الفرصة،
مستندين إلى ثقافتهم وقدرتهم على إدارة الحوار مع أكثر من ضيف في وقت واحد أحياناً، والتطرق إلى أمور كثيرة تخص الأزمة
وحفظ الجميع أسماء حافظ المرازي ومحمود الورواري وراندا أبو العزم وطاهر بركة من قناة «العربية»، وعمرو عبد الحميد من «بي بي سي عربي»، وعبد الصمد ناصر وتوفيق
طه من «الجزيرة». كما استفاد سيد علي وهناء السمري كثيراً، حين تحول برنامجهما «48 ساعة» على «المحور» إلى برنامج يومي بعدما كان يقدم يومين في الأسبوع
فقط
واختفت بفعل الثورة والكبت والتضليل و«عوامل التعرية» أسماء كانت بوقاً للإعلام المصري في تلفزيونه الحكومي، ولم تفلح حال «شبه الانفتاح» على الأحداث التي جاءت
بعد «خراب مالطة» في معرفة الجمهور بأسماء قراء نشرات الأخبار الذين تحولوا بين عشية وضحاها إلى محاورين غير قادريــــن على إدارة «حوارات» لم يؤهَّلوا لها طـــوال
عملهم في تلفزيون الدولة. من هنـــا كان الارتباك سيد الموقف لدرجة أن كثراً منهم لم يميزوا ما اذا كانت خطوط الاتصال مع المتصلين بهم تُقطـــــع من غرفة الكونترول في
الأستوديو أم بفعل زلزلــــة الأرض من تحت مبناهم العـــريق على كورنيش النيل الذي كان يحيطـــــه عشرات الآلاف من المحتجين، الذين رصدتهم فضائيات يشاهدونها في
الأستوديو، ومع هذا، ظلوا يرددون جمــــلاً مفروضة ورتيبة ومكررة من عينــة «الهدوء يسود وسط القاهــــرة ومختلف المحــــــافظات»، و«أعداد المحتجين تتناقص في شكل
كبير» لتتنـــاسب مع الصورة المثبتة «زوم إن» من استوديو الدور الخامس في مبنــــى «ماسبيرو» على كوبري الســادس من أكتوبر الخالي من المارة
أجبرت الثورة تلفزيون الدولة والفضائيات الخاصة على فتح عمرو عبد الحميد.jpg أبوابها صوتاً وصورة لعدد من الدعاة، مثل عمرو خالد ومحمد حسان، بعدما كانت موصدة في
وجوههم بتعليمات وأوامر عليا، ليدلوا بدلوهم في ما يحدث ويرسلون رسائلهم لتوحيد الصفوف وكبح جماح الثائرين
وبعدما كان حديث غالبية الفنانين والرياضيين يتمحور حول أعمالهم ومبارياتهم وجديدهم وملايينهم، تحولوا من خلال استضافة العشرات منهم أو إجراء مداخلات معهم إلى
محللين سياسيين بدت تحليلاتهم موضوعية في بعضها وعاطفية في بعضها الآخر
وكان للثورة فضل كبير في أن يستمع الجمهور إلى صوت الفنانة شادية ـ المعتزلة منذ عام 1986 ـ في مداخلة مع برنامج «واحد من الناس» مع عمرو الليثي، طالبت فيها
بالحفاظ على مصر، وشيريهان التي اختفت عن الأضواء منذ سنوات، أطلت على «الجزيرة» مطالبة برحيل الرئيس مبارك لحقن دماء المصريين