2013/05/29
أيهم اليوسف – دار الخليج
عرض أي مسلسل على شاشة التلفزيون يسبقه جهد شاق من قبل فريق العمل، خاصة أثناء التصوير الخارجي، والسيطرة على المكان من أجل الحصول على مشهد عفوي لا تشوبه أية أخطاء نتيجة ضجيج الشارع وتزاحم الناس على مكان التصوير . لذلك تتم إعادة التصوير للحصول على المادة المطلوبة من دون نواقص، وهنا يبرز دور مدير الإنتاج في توفير البيئة المناسبة، والسيطرة على المكان واستغلاله لتسهيل العمل بسرعة، وهرباً من هذه المشكلات، يستعين بعضهم باستوديوهات خاصة رغم تكلفتها العالية . التقينا بعض أهل الفن والإنتاج ليحدثونا عن صعوبات التصوير الخارجي في هذا التحقيق .
محمد فكري مدير إنتاج ومواقع تصوير في دبي تحدث عن الخطوات التي يمر بها تصوير المسلسلات قائلاً: نحصل على الموافقة من مدينة دبي للإعلام للتصوير في الإمارة التي نحددها لهم، بعدها نحدد مواقع التصوير، ويتم التنسيق مع إدارات الأماكن سواء أكان مركزاً تجارياً أم مقهى أو مطعماً أم أي مركز آخر، بعدها نتفق على موعد التصوير .
وأوضح فكري أنهم أحياناً لا يستطيعون السيطرة على المكان الذي يصورون فيه، لذلك يضعون لوحة يكتبون عليها إنهم يقومون بتصوير مسلسل ويرجى توخي الحذر وعدم المرور أمام الكاميرا، ويتم تكليف أكثر من شخص ليخبروا الناس وتحذيرهم من المرور في النقطة التي يتم فيها التصوير أو النظر إلى الكاميرا، وكي لا يقعوا في مشكلات من هذا النوع يضعون الكاميرا في نقطة يتجمع الناس خلفها، كي لا يظهروا في المشهد .
رغم قيامهم بتلك الخطوات الاحترازية، تحصل مشكلات أثناء التصوير، مثل مرور دراجة نارية ذات صوت مرتفع تطغى على أصوات الممثلين، أو إقلاع طائرة إن كان التصوير قريباً من المطار، أو خروج زبائن من محل تجاري والنظر دون قصد إلى الكاميرا وهي تصورهم .
وأضاف فكري الحل في مثل هذه الحالات يكون عبر إعادة تصوير المشهد مرة ثانية وثالثة أو أكثر لو تكررت تلك المسببات، وهو ما يزعج الممثلين أكثر من كل فريق العمل، خاصة عندما يتم أداء المشهد بنجاح من قبلهم .
بحكم خبرته في هذا المجال رأى محمد حسين، مدير إنتاج في شركة “جرناس للإنتاج الفني”، أن وعي الناس بالدراما والسينما في الإمارات قد ارتفع، واعتاد الجمهور على وجود الكاميرا في الأماكن العامة لتصوير الأعمال الدرامية والسينمائية، وإن كان إقبالهم على النجوم أثناء التصوير أمراً لابد منه، لكنه لم يعد تصوير عمل في الشارع أمراً مذهلاً بالنسبة إليهم، لأنه من غير المعقول أن يشاهد الناس كاميرا تصور أحد نجوم الدراما ويصرخون فرحاً لمشاهدته .
بدوره ذكر أسامة الشرقي، مخرج في شركة “يارا ميديا” في مدينة الإنتاج في دبي، جملة من المشكلات التي يتعرض لها فريق العمل أثناء التصوير في الشارع أو أي مكان عام، نظراً لازدحامه من قبل المارة الذين يتوقفون لمشاهدة عملية التصوير، لذا يتم اختيار أوقات محددة للعمل، وقال: لو كان هناك من يرفضون تغيير أماكنهم من أجل أفساح المجال لنا للتصوير، نسايرهم ونتعامل معهم بشكل لطيف، لكننا أحياناً نضطر للاستعانة برجال الشرطة، لأننا نعمل بموجب تصريح، والغريب أنه في تركيا أثناء تصوير أحد المسلسلات كان هناك من يتقصدون الجلوس أمام الكاميرا، وعندما كنا نطلب منهم مغادرة المكان كانوا يطلبون منا مالاً مقابل ذلك . أما بالنسبة إلى الأماكن المغلقة، مثل المطاعم، فأحياناً نقوم بإغلاق الباب، كي لا يدخل أحد، لأن هناك من يتكلم أثناء التصوير ويسبب فوضى .
وأضاف الشرقي: هذه الأسباب وغيرها جعلتنا نصور في استوديوهات خاصة رغم تكلفتها الكبيرة، مثل أغلبية المسلسلات المصرية والأجنبية، خاصة إن كان هناك نجم لا يستطيع أن يصور في الشارع، لأن الناس سوف يستوقفونه ويتجمعون حوله ويطلبون التصوير معه، واعتمدنا هذا الأسلوب في تصوير أحد أعمالنا في الهند ومصر، وكي تبدو المشاهد حقيقية كنا نأتي بأشخاص يمكننا التحكم بهم مقابل أجر .
الإخفاق في الحصول على مشهد دون أخطاء يستدعي إعادة التصوير، وهو ما يشكل عبئاً على الممثلين، كما قالت نهى رأفت، ممثلة مصرية مقيمة في الإمارات وأضافت: اضطررنا كثيراً لإعادة تصوير بعض المشاهد الخارجية لأسباب خارجة عن إرادتنا، منها إعادة تصوير مشاهد من مسلسل “ست كوم” في منطقة “مردف” في دبي، أربع أو خمس مرات، بسبب المرور وأصوات السيارات، وكنا نتعامل مع الموضوع بروح مرحة .
وتابعت: الحديث عن إعادة تصوير المشاهد يثير نقطة متعلقة بروح الممثل وتعامله مع عمله الإبداعي والتزامه بما حوله أثناء التصوير، وبالنسبة إلى انزعاج بعض الممثلين لأسباب خارجة عن إرادة المسؤولين عن موقع التصوير والتنظيم، يمكنني القول، إنه إذا لم يواجه صعوبات أثناء التصوير ويتجاوزها لن يكون ممثلاً حقيقياً، بدليل أن الممثل نفسه أحياناً يطلب إعادة تصوير أحد المشاهد عندما يشعر بأنه لم يتقن الدور .
واختتمت حديثها قائلة: لو تعامل الممثل مع مفردات عمله بشكل إيجابي، فإنه سوف يستمتع بأية خطوة يقوم بها أثناء التصوير .
يختلف معها الممثل خالد البناي، لأن العمل برأيه يعتمد على مدير الإنتاج بشكل خاص، فإذا كان محترفاً بإمكانه السيطرة على مكان التصوير، حيث لا يجب أن يحضر الممثل إلا بعد حجز المكان، سواء أكان مركزاً تجارياً أم حديقة عامة أم أي مكان آخر . وقال البناي: بعض شركات الإنتاج ذات الخبرة القليلة في التصوير الخارجي تواجه صعوبات أثناء التصوير لعدم ضبطهم حركة الناس والشارع، وهذا يكلف ساعات تصوير أكثر واستنزافاً للوقت والمادة بالنسبة إلى الشركة المنتجة والممثل . ولعدم الوقوع في مثل هذه المشكلة وغيرها، يدرس مدير الإنتاج في بريطانيا وأمريكا أربع سنوات، ويحصل على شهادة بكالوريوس قبل مزاولة عمله في إدارة الإنتاج، لأنه المحرك بالنسبة إلى كل فريق العمل، وهو من ينظم أمورهم ويسهلها لهم، وأخيراً يأتي دور المخرج لتسلم القيادة والبدء بالتصوير .
واختتم البناي حديثه قائلاً: ما يسهل هذه العملية هو أن الناس حالياً أصبحوا مدركين أكثر طريقة تعاملهم مع تصوير المسلسلات في الأماكن العامة، وهذا الإدراك نابع من أنهم يبحثون عن مادة متكاملة يتم عرضها على شاشة التلفزيون من دون وجود ثغرات فيها .وقال محمد الشامسي، موظف حكومي في الشارقة: مررت بموقف صعب أثناء تجولي في أحد المراكز التجارية، وتفاجأت بالكاميرا وهي تصور مشهداً لأحد المسلسلات، ولأنني لم أعلم أنهم يصورون نظرت من دون قصد إلى الكاميرا، وإذا بالمصور يصرخ وبدوره نادى المخرج فريقه يأمرهم بوقف التصوير، ونظروا كلهم إليّ وكأنني ارتكبت جريمة، ولحسن الحظ أنهم لم يوجهوا لي أية كلمة، وبعدها سمعتهم يطلبون من أحد أعضاء فريق العمل أن يقف على الزاوية التي قدمت منها لينبه الناس إلى أنهم يصورون وعليهم ألا ينظروا في هذا الاتجاه حتى ينتهي المشهد .
أما هيثم شكري، مدقق حسابات في شركة الوفاء في دبي فقال: أرفض بشكل قاطع ظهوري في مشهد أثناء التصوير، وعندما كنت في زيارة لأحد الأقرباء في المستشفى مررت بفريق عمل يقومون بالتصوير، ولمجرد وصولي إلى النقطة التي يصورون فيها، طلبت منهم ألا يصوروني، وقد استجابوا لطلبي .
وعن أسباب امتناعه الظهور في عمل تلفزيوني أجاب هيثم: القضية ليست في ظهوري في لقطة عابرة في مسلسل ما، إنما هناك بعض المشاهد يتم تداولها كدعاية للمسلسل، ويتم إعادة عرضها عشرات المرات على كل القنوات، وهنا يصبح ظهور الشخص على التلفزيون مشكلة، لأن الناس سوف يسألونه إن كان يعلم بذلك أم لا، وإن كانت لديه غاية ما من ظهوره، وهل كان ذلك مقابل أجر أم لا .
الأمر نفسه بالنسبة إلى إسماعيل أنور، مهندس مدني في دبي، الذي قال: لكل شخص طبيعته الخاصة في مسألة الظهور أمام الناس، ومنهم من يريد الحفاظ على “الكاريزما” التي صنعها لنفسه، خاصة في جو العمل، ولا يريد الظهور في مكان عام وهو برفقة أسرته، وهو ما حصل مع صديق مقرب لي يعمل مديراً في شركة كبيرة، عندما كان في عطلة نهاية الأسبوع برفقة أسرته في مطعم، وتفاجأ بفريق عمل تلفزيوني مقبل بناءً على تنسيق مع مدير المطعم، لتصوير مشهد لمسلسل معين، ولو كانت الغاية من المشهد الدعاية للمطعم، وهو حقهم، لكن ليس على حساب ظهور الناس العاديين على الشاشة وهم يتصرفون ويتحدثون بكامل عفويتهم مع أسرهم، لذلك طلب صديقي منهم ألا يشرعوا في التصوير قبل أن ينتهوا وينصرفوا .
لقاء النجوم
الجمهور يتفاعل مع الأحداث الدرامية عبر احتكاكهم بفرق التصوير في الأماكن العامة والاستعانة بهم في الخلفية التي يؤدي أمامها الممثلون أدوارهم . وإن كان الأغلبية يعنيهم أن يشاهدوا أعمال التصوير من دون أن يلحقوا ضرراً بالمشاهد التي يتم تصويرها، ويعدونها فرصة للقاء النجوم وجهاً لوجه والتقاط صور معهم، لكن بعضهم يرفضون ظهورهم في المسلسلات ولو بالمصادفة أثناء مرورهم أمام الكاميرا وهي تصور.