2013/06/21
جوان جان – الثورة
يستطيع المتابع لحركة البرامج الثقافية على الفضائيات العربية أن يحدد ثلاثة أنماط رئيسية من هذه البرامج، أولها تلك التي تحاول الإحاطة بكافة النواحي والنشاطات الثقافية من رواية وشعر وقصة وسينما ومسرح وموسيقا وفن تشكيلي،
فتكون بذلك أشبه بالصحيفة اليومية التي لا تتخصص بجانب واحد بحد ذاته بقدر ما تحاول الإحاطة بكل شيء ولو بشكل مجتزأ..
وهذا النمط من البرامج الثقافية ينبغي عدم الاستهانة بجماهيريته، خاصة في أوساط المثقفين غير المتخصصين أو الممارسين لمجال واحد من مجالات الثقافة، وبذلك يكون هذا النمط من البرامج الثقافية هو الأكثر جماهيرية من بين أنواع البرامج الثقافية، لكن سلبيات هذا النوع تبدو واضحة من حيث عدم قدرته على التعمّق في أيٍّ من القضايا أو الجوانب التي يطرحها، فحسبه الإشارة إليها والتذكير بها، تاركاً بذلك للمتلقي مهمة التعمّق في الفكرة ومتابعتها.
النمط الثاني من هذه البرامج هو النمط الذي يتخصص بجانب محدد من جوانب الثقافة، وهو يتميز بقدرته على التعمّق في القضايا المطروحة، لكن ما يؤخذ عليه عدم القدرة على أن يكون جماهيرياً بمعنى الكلمة باعتبار أن أي جانب من جوانب الثقافة مهما تعاظم الاهتمام به يبقى محدود الانتشار والتأثير، وبذلك تقع على عاتق هذه البرامج مهمة مضاعفة هي إيجاد الشكل الفني الذي يستطيع البرنامج من خلاله تعويض جانب النقص هذا.
وأما النمط الثالث فهو المعتمد على إجراء حوارات مع رموز العمل الثقافي وهو نمط يتطلب جهداً مضاعفاً في الإعداد له لجهة الحاجة إلى إلمام المعدّ والمقدّم إلماماً كاملاً بطبيعة النشاط الإبداعي عند الضيف، وهذا يتطلب الكثير من القراءة لأعماله ولما كُتِب عنه وعن إبداعاته من مقالات دراسات.. أما جمهور هذا النوع من البرامج فهو متبدل حسب شخصية الضيف الذي قد يتمكن من اجتذاب الجمهور بشكل واسع أو انفضاضه التام عن المتابعة.
هذه الأنماط الثلاثة وغيرها من البرامج الثقافية تبدو اليوم عند المشاهد العربي في آخر درجات الاهتمام، فمتلقي اليوم استغنى تماماً عن كل هذه الأنماط واستبدلها ببرامج ثقافية من نوع آخر، حيث تزدهر اليوم ثقافة الدم والقتل والطائفية والمذهبية وتفسير الأحلام والتداوي
على الهواء مباشرة، ثقافة الحقد والتشفّي والطعن في الظهر والتحريض الرخيص وفتاوى إهدار الدم على مذبح نجمة داوود وجهاد النكاح وتبادل الأراضي.. والقادم أعظم.