2012/07/04
محمد رضا - دار الخليج
الفيلم الجديد “سورس كود” يدور حول رجل يكتشف أنه جزء من خطّة حكومية حوّلته من شخص إلى آخر . الغاية هي البحث عن قنبلة زرعها إرهابيون . الحكومة لا تعرف أين القنبلة ومن هم الإرهابيون، لكنها تعلم أن هناك قنبلة وإرهابيين . وهذا يكفي لقصّة “سورس كود” لكي تتحوّل إلى فيلم سينمائي هو أحد الأفلام الجديدة المعروضة حالياً . ربما لا يكون الفيلم بالسوء الذي توحيه الكلمات السابقة، بل هناك بضعة حسنات موزّعة بين عناصره، من بينها أن الفكرة المكوّنة من نقاط بسيطة تنجلي عن قصّة ذات بضعة أبعاد مشغولة بهدف التعامل مع هواة نوع الخيال العلمي بعيداً عن المتداول من الأفلام ذات الإيقاع السريع وحده .
“سورس كود” ينجلي أيضاً عن استمرار قيام ممثلين عرف عنهم التوجه صوب التشخيص الجاد إلى بطولة أفلام ذات توجّه جماهيري، فبطل الفيلم هو جايك جيلنهال الذي سبق له وأن قدّم عدداً من تلك الشخصيات “المفكّرة” التي شملت “بروكباك ماونتن” و”برهان” و”جارهد” و”زودياك” و-مؤخراً- “شقيقان”، الفيلم الدرامي الذي يدور حول محارب في أفغانستان يعود إلى بلاده ليجد أن علاقته بزوجته لم تعد كما كانت قبل .
للإيضاح، هذا ليس أول فيلم جماهيري يقوم جيلنهال ببطولته في العامين الأخيرين، فمباشرة بعد “شقيقان” شاهدناه في بطولة فيلم الأكشن التاريخي “أمير بلاد الفرس: رمال الزمن”، ما يجعل هذا فيلمه الثاني في هذا المضمار .
ويطرح ذلك بضعة أسئلة: ألا يحق للممثل الجاد أن يؤدي أفلاماً جماهيرية ولو كانت منفّذة جيّداً؟ هل يعني تمثيلها تنازلاً نوعياً له؟ أو أنه يستطيع الحفاظ على شخصه وما أشتهر به من ملامح فنيّة حتى وإن كان الفيلم لا يتطلّب مثل هذا الظهور؟
الحقيقة أن هناك من يستطيع الحفاظ على تلك الشخصية التي ميّزته، وهناك من يضعها وراءه وينتقل بعيداً عنها وإمعاناً في تنفيذ متطلّبات جديدة . مارلون براندو طالما انتقد نفسه على أفلامه في السبعينات من القرن العشرين التي إذا قارنها بتلك التي مثّلها في الخمسينات والستينات، وجدها استجابة للرغبة في النجاح على أسس تجارية وليس فنّية .
في السنوات الأخيرة وجدنا أن العديد من ممثلي جيل التسعينات وبعد نحو عقد من الالتزام بالأدوار الفنية والجادة، تركوا السلاح وخرجوا من الخنادق وانضمّوا إلى زملائهم الذين انتشروا في هذا المضمار منذ البداية . أحد أبرز هؤلاء الممثل نيكولاس كايج الذي كان اقتحم الميدان بأدوار وصفها بأنها “شكسبيرية”، وإن لم تكن بالفعل كذلك، كما الحال في “قلوب متوحّشة” و”شهر عسل في فيغاس” و”رد روك وست” وحين لم تنفع هذه الأفلام في جذب جمهور أوسع انتقل إلى “الصخرة” سنة 1996 و”طيران أصحاب السوابق” أوCon Air سنة 1998 ثم تابع منتقلاً بين أفلام المغامرات والمطاردات . بعض هذه الأفلام جيّد وهو يرتفع بمستواها، كما الحال في الفيلم الخيالي العلمي “معرفة” قبل عامين، لكن معظمها زلات قدم متوالية آخرها “قيادة السيارة بغضب” الذي سيُنتخب واحداً من أسوأ أفلام العام الحالي مع حلول نهايته .
روبرت داوني جونيور الذي انطلق بقوّة إلى ميدان الممثل الإبداعي حين لعب شخصية تشارلي شابلن في “شابلن” سنة 1992 ونال عنه جائزة “البافتا” كأفضل ممثل (ورشّح كذلك للأوسكار وإن لم ينله) كما ظهر في “ريتشارد الثالث” و”الخبّاز” و”تصبحون على خير وحظ سعيد” ثم انقلب تماماً فإذا به “سوبرمان” تحت بذلة من المعدن في “رجل الحديد” .
ممثل آخر غيّر في مسيرته هو إد نورتون، هذا أفضل أداء من المذكورين أعلاه، وأكثرهم إخلاصاً لموهبته، لكن ذلك لم يمنعه من قبول التمثيل في “العملاق المدهش” ولو أنه لم يعد الكرّة بل عاد إلى التزامه السابق .
الحالة من هنا تختلف من ممثل إلى آخر . ميكي رورك ممثل رائع تاه في الطريق وعاد إلى الصواب حين وجد الفيلم المناسب وهو “المصارع” . جوني دب قرّر أن الفيلم التجاري هو الذي عليه أن يرتفع إلى مستواه، وبذلك سمح لنفسه تمثيل سلسلة “قراصنة الكاريبي” التي تشمل حتى الآن أربعة أفلام . توبي ماغواير خرج من عباءة الفيلم الثقافي ليلعب بطولة “سبايدر مان” مرّتين قبل أن يترك السلسلة ليعود إدراجه .
هذه الرحلة تتم دائماً باتجاه واحد، فقلّما ينفع أن يحاول ممثل اعتاد الأفلام التجارية البرهنة على أنه فنان . حاول سلفستر ستالوني ذلك في “كوب لاند” . النتيجة: تم تقدير جهده، لكن الجمهور لم يعبأ به .