2012/07/04
بوسطة
أكد الموسيقي السوري الكبير مالك جندلي أن حنينه إلى سورية هو ما دفعه إلى إعادة تقديم أقدم نوته موسيقية في العالم، والتي تم اكتشافها مؤخراً، من خلال أوبريت "أصداء من أوغاريت".
وفي حوار أجرته معه صحيفة "البيان" الإماراتية قال مالك: «لقد عشت في الغربة حوالي سبعة عشر عاما، الأمر الذي جعلني أحن أكثر إلى بلدي سورية، وإلى جذوري العربية، وعندما سمعت منذ أعوام بنبأ اكتشاف أقدم نوته موسيقية في العالم تعود إلى 3400 قبل الميلاد، خلق بداخلي نوعاً من الشغف والفضول، وتساءلت لماذا لا أقوم بإعادة توزيع هذه النوتة، ما دفعني إلى دراستها لمدة خمس سنوات، وتبينت أن هذه النوتة هي السلم الموسيقي لنشيد زوجة آلهة القمر، حسب المعتقدات اليونانية القديمة، وقمت بتوزيعها وتحويلها إلى موسيقى حزينة، وأضفت إليها الإيقاع والهارموني، وعزفتها على البيانو برفقة فرقة موسيقية، لأشكل لوحة فنية، أطلقت عليها اسم "أصداء من أوغاريت"».
كما أكد مالك أن ألبوم "أصداء من أوغاريت" يحتوي على مجموعة متنوعة من المقطوعات الموسيقية من ضمنها "أرابيسك"، وهي تتحدث عن فن الأرابيسك، "حلم البيانو"، "يافا"، "أندلس"، إضافة إلى "أصداء أوغاريت"، مشيراً إلى أنه حرص على أن تكون جميع أسماء المقطوعات باللغة العربية، اعتزازاً بهويته العربية.
مالك تحدث عن بداية رحلته مع الموسيقى: «بداية اهتمامي بالموسيقى كانت في ألمانيا، فهناك يهتمون بالطفل بشكل بالغ من حيث تكوين شخصيته وموهبته، فردود أفعاله تخرج كما هي من دون أي قيود، فعندما يشعر بالفرحة والرغبة في الضحك يضحك من دون تفكير أو سابق إنذار، وهذه هي أول موسيقى يعرفها الإنسان. قضيت بألمانيا ست سنوات وتابعت في دراسة الموسيقى بعد عودتي إلى سورية مع الأهل، وكنت أحب العزف على البيانو، ولكن للأسف نحن دائما نركز في عالمنا العربي، على العزف غير آبهين بالتأليف والتوزيع والانسجام الموسيقي. وشاءت الأقدار أن أحصل على منحة دراسية، في معهد الفنون في كارولينا الشمالية. وهناك قررت ألا أكون عازفاً على آلة البيانو فحسب، بل مؤلفاً موسيقياً رفيعاً».
واعتبر جندلي أن أهم الجوائز التي حصل عليها، رغم كثرتها، هي رؤية ابتسامة طفل صغير، موضحاً أن تلك «جائزة معنوية لا تقدر بثمن».
كما أشار الموسيقار الشاب إلى أن: «تجربتي مع الفرقة الهرمونية الروسية بموسكو كانت في الحقيقة تجربة لا توصف من ناحية العزف والأداء والجو العام، فالتناغم والانسجام شيء مهم جداً، إضافة إلى موهبتهم الكبيرة في العزف، وأيضاً التقنيات العالية التي يستخدمونها، أما بالنسبة للحفلات فجميع الحفلات التي أقوم بإحيائها، وأعزف فيها أمام الجمهور أحبها، ولكن القريبة لقلبي هي الحفلات الخيرية».
وأوضح مالك أنه ينقص العالم العربي كي يرقى بمستوى موسيقاه الاهتمام بتوعية الطفل وتنمية موهبة الموسيقى بداخله وليس كدراسة فقط، «وذلك لكي نخلق لديه إمكانية التأليف والابتكار والإبداع والتذوق الموسيقى، كذلك يجب أن تهتم الأسرة بتنمية مواهب طفلها».
ورأى مالك أننا في الوطن العربي «نمتلك القدرة على خلق بيئة صحية لصناعة الموسيقى، فنحن نمتلك تاريخاً موسيقياً عظيماً، ومن ضمن هؤلاء الموسيقيين زرياب الذي كان له أثر كبير في أوروبا».
وأبدى جندلي أسفه عندما أكد أنه لو كان يعيش في الوطن العربي لما كان حقق هذه الشهرة التي وصل إليها، «وهذا نظراً إلى أشياء عدة، أهمها تركيز مناهج تدريس الموسيقى على كيفية العزف دون الاهتمام بالتدريب الأكاديمي، والإغفال عن دور المؤلف الموسيقي، ولكن هذا لا ينفي أنني فخور بجذوري العربية».
مالك أكد أنه لا يفكر بالامور المادية عندما يقدم موسيقاه، لكنه لفت النظر إلى المشكلة التي يعاني منها الفنانون والموسيقيون، والتي تتمحور في ضياع حقوق الملكية، فالألبومات تسرق قبل صدورها في الأسواق ليضيع حق شركة الإنتاج والمؤلف الموسيقي، عكس ما يحدث في الغرب.
جندلي، الذي أكد أنه شديد الإعجاب بموسيقى الرحابنة، أكد أنه يهتم كثيراً بكسر الحواجز بينه وبين جمهوره عندما يقف على المسرح، كاشفاً أنه يطلب منهم أن يقوموا بإغماض أعينهم ويفتحوا المجال لمخلياتهم، لكي يعيشوا مع الموسيقى.