2012/07/04
خاص بوسطة - يارا صالح
في موكب مَهيب يليق بقامتها الفنية الكبيرة، احتشد الفنانون السوريون صباح الأربعاء 30 حزيران/ يونيو 2010 لوداع الراحلة الكبيرة نبيلة النابلسي التي رحلت صباح الثلاثاء عن عمر يناهز 62 عاماً قضت نحو أربعين عاماً منها في العطاء الفني.
عبر الفنانون في أحاديث سريعة لبوسطة عن شعورهم بالخسارة الكبيرة للفنانة والإنسانة نبيلة النابلسي التي أجمعوا على وصفها بالأم الحنون، والإنسانة المعطاءة على كل الأصعدة، والنبيلَة بحق.
السيدة ديانا جبور رأت أن الراحلة كانت فنانة قديرة ونجمة كبيرة، بدأت فنها في المرحلة الصعبة عندما كان الممثل يعطي أكثر بكثير مما يأخذ، وأضافت «كانت واحدة من أيقونات الفن، لم تأخذ حقها لأنها كانت مخلصة لفنها ولشخصياتها أكثر مما كانت مهتمة بإبراز نجوميتها، إنها خسارة كبيرة للفن السوري».
من جانبه الفنان زهير عبد الكريم غالب دموعه ليقول لنا «لله ما أعطى، ولله ما أخذ، والإنسان يذكر بأعماله، لهذا سوف نذكر نبيلة كثيراً، فقد كانت من الناس الطيبين جداً، وهي خسارة كبيرة للفن والدراما السورية، لكن الله رحَمها من مرضها وألمها، واختارها اليوم إلى جانبه. الله يرحمها ويصبر أولادها».
أما الفنان رافي وهبي فاعتبر أن رحيل النابلسي «خسارة كبيرة، ليس فقط للفن والفنانين في سورية، بل للإنسانية، لأنها كانت مثال الإنسانة النبيلة الرائعة، التي أحبها جميع مَن حولها»، بينما اختصرت الفنانة أمية ملص مشاعرها بالقول «كنت أحبها كثيراً، كفنانة وكإنسانة، وكنت أشعر أنها قريبة مني شخصياً، نبيلة، معطاءة وحنون، ولكن هذه لحظة لا بد منها».
رفيقة الدرب الفنانة أنطوانيت نجيب قالت «أعرف نبيلة من قبل أن تدخل الوسط الفني، إنسانة عظيمة، حساسة، كان عندها حِمل كبير، حافظت على أولادها وبيتها، واليوم اختارها الله إلى جانبه، لكنني أشعر أننا نودع أحباءنا بالتسلسل، فخسارة نبيلة كانت كبيرة جداً».
بدوره قال المخرج الكبير نبيل المالح، الذي كان أول مَن قدّم الراحلة إلى الوسط الفني في فيلمه "رجال تحت الشمس": «خسارة نبيلة كالكارثة، علاقتي كانت خاصة بها، كوني كنت أول من عملَت معه في الفن، وكان لي الحظ الأكبر في معرفة ماذا يجري في حياتها. بعد مدة اكتشفت أن نبيلة كانت من أجمل الاكتشافات في حياتي، كممثلة وكإنسانة، ولن أقول أكثر، فهي أكبر من كل الكلام».
الفنان سليم كلاس اختصر الكلام بالقول إنها «كانت صديقة عزيزة جداً، شفافة ومحبة، ملتزمة في عملها وسلوكها، ومجتهدة، رحمها الله»، أما الفنانة سحر فوزي فأشارت إلى أن الجميع كان يعرف مدى علاقتها بالراحلة التي تجمعها بها ذكريات جميلة، معتبرة أنها كانت تحمل في داخلها إنسانية عالية، وهو ما ظهر في موكب تشييعها، فالجميع كانوا يرفعون أيديهم ويقرؤون الفاتحة على روحها الطاهرة، وهو أمر استحقته، وليس بالأمر السهل أن ينال إنسان حب هذا القدر من الناس».
من جانبه الفنان مصطفى الخاني اعتبر أن النابلسي كانت من الأشخاص الذين كانوا يضفون جواً من الحياة والربيع في موقع التصوير، فهي امتازت بسماحة الوجه، وبحلاوة الروح، وأضاف «للأسف كنت مُسافراً، وعندما عدت قيل لي أنها سألت عني وتريد أن تراني، وعلى الفور اتصلت لأسأل عنها لكنها كانت في غرفة العناية المركزة ولا أحد يزورها، ثم رحلت جسداً دون أن أودعها، لكنني واثق بأن روحها، وكل الجمال الذي زرعته بيننا سيبقى معنا دائماً».
مدير التصوير والإضاءة هشام المالح رأى أنها كانت فنانة كبيرة، حَسَنة التعامل والأخلاق، لطيفة المعشر، وخسارتها خسارة للفن السوري، أما الفنان فراس إبراهيم فقال «كانت أختنا في لحظات، وأمنا في لحظات أخرى، وطفلتنا في ثالثة. استطاعت، من الناحية الإنسانية والعاطفية، أن تشكل غطاءاً لكل ما حولها، وهي خسارة كبيرة على الصعيد الإنساني، كنا نلجأ إليها في كل مشاكلنا، وكانت دائماً تساعدنا، وتقف إلى جانبنا. حتى الآن لا أستطيع أن أصدق أن هذه الروح التي تحب الحياة إلى هذه الدرجة رحلت، فهي من الناس الذين لا يمكن أن تتجاوز رحيلهم بهذه البساطة، بل إنك ستشعر حتماً أن شيئاً ما تغير، وأن الكون فقد بعضاً من جماليته».
الفنان الموسيقي هادي بقدونس، وقبل أن تغلبه دموعه، رأى أنه برحيل نبيلة النابلسي خسر الفن والإنسانية معاً فهي كانت أماً للجميع، واتفقت معه الفنانة ريم عبد العزيز التي أضافت أن الدراما السورية خسرت إحدى نجماتها برحيل النابلسي.
وفيما تحدثت الفنانة نادين سلامة عن زيارتها للراحلة قبل يوم من دخولها غرفة العناية المركزة، وكيف تحدثت إليها النابلسي عن كل ما أسعدها وآلمها مؤخراً، رأى الفنان محمد شيخ نجيب أنها كانت من مؤسسي الدراما السورية، على الصعيد الفني، أما إنسانياً فكانت إنسانة طيبة عظيمة حنوناً، وأضاف «أتوجه إلى جيل الشباب في الدراما اليوم بالقول، حافظوا على هذه القامات الفنية الكبيرة، لأنها مدرسة لكم، ولأنهم هم من أسسوا هذه الدراما».
رحلت نبيلة النابلسي جسداً، لكنها بالتأكيد لم ترحل روحاً، فضحكتها باقية تزين أمسياتنا بنكهة الحب والعطاء، وصوتها القوي الواثق، والحنون الحساس سيبقى رفيق دروبنا وسهرنا، وأعمالها الكبيرة التي قدمتها على مدى نحو أربعين عاماً من العطاء ستبقى تلوّن أيامنا بألوان الربيع مهما طال الزمن.