فنانو سورية يحيون أمهاتهم في عيد الأم..

خاص بوسطة – يارا صالح/ ديانا الهزيم

لا يختلف الواقع عن الفن كثيراً.. فما الدراما إلى ناقل لحياتنا ولحظاتنا، في كل معانيها.. ولأن الأم هي الحاضن الأبرز للمجتمع بكل حالاته، وهي المرجع الأساس لمعظم النماذج التي نلاحظها حولنا، لا بد للفنانين أن يعيشوا حالات الأمومة أكثر من غيرهم، في حياتهم مرة، وفي أعمالهم مرات ومرات.. أبناء وبنات.. أمهات وآباء..

المناسبة، التي ليست مصادفة أن تكون في الحادي والعشرين من آذار، ذكرى الاعتدال الربيعي، كما يُسمى في علم الجغرافيا، أو عيد الربيع كما اعتدنا أن نسميه، تستحق منا الكثير من التوقف عندها..

وللفنانين في سورية ما يقولونه في هذا العيد، فكيف يرونه؟ وهل يعتقدون أنه يخطف الأضواء من بقية أيام العام، بما فيها عيد الأب؟.. ما هي رسالتهم إلى أمهاتهم.. زوجاتهم.. وأبنائهم؟.. وإلى أمهات الشاشة اللواتي نشرن عطاءٍ بلا حدود تجاوز حتى قيود التكنولوجيا، ليصل مباشرة إلى قلوبنا..

الأم.. اختصار لكل الرموز

تفاوت الفنانون في التعبير عن فكرة الأم، ورأت الفنانة ثناء دبسي أن «الأمومة مفهوم كبير جداً، يضم الوطن، والابن، والأحفاد، ومن تحبهم من حولك»، وأضافت: «الأمومة شيء عظيم جداً، لا يشعر به إلا من يفارق والدته.. بوجودها يشعر بالأمان، ويشعر أن حضن أمه هو ملجؤه من هذه الحياة».

الفنانة ضحى الدبس رأت أن الأم هي: «الكائن الذي يختصر جميع المفاهيم في الوجود»، بينما اعتبرت الفنانة عزة البحرة أن الإنسان يكتشف أهمية الأم عندما يكبر، لأن قيمة هذه الإنسانة تزداد بمرور الوقت، كما عطاؤها.

المخرج تامر اسحق رأى أن الأم تستحق كل تكريم، «لأننا من دون أن نحس نقول "أمي وأبي"، لأن الأم هي الأقرب لنا ولأرواحنا»،

وعيد الأم رمز لتكريمها..

قد يقول قائل إن عيد الأم يظلم الأم نفسها في أيام العام الأخرى، لأنه يحصر الاهتمام بها في هذا اليوم، وقد يقول آخر أنه من المهم أن نحتفل بالأم في يوم يُكرمها ويرمز إلى عطاءاتها..

ثناء دبسي اتفقت مع القول الثاني، ورأت أنه من المهم أن نحتفل بالأم في يوم واحد مميز، على أن لا ينسى الأبناء أمهاتهم وذويهم في بقية أيام السنة، وأضافت: «كنت اتصل بوالدتي من دمشق إلى حلب يومياً، لأطمئن عليها وعلى والدي، لكنني أتصور أن الحياة تغيرت في يومنا هذا، وأصبحت أصعب، وزادت مشاغل الأبناء.. لكنني ورغم كل شي أصر على أنه من المهم أن يبقى الأبناء على تواصل مهم مع ذويهم».

الأمر نفسه عبرت عنه ضحى الدبس، التي رأت أنه «من الجيد أنه يوجد عيد للأم كي يتذكر هذا الجيل ما قدمته له والدته. الحقيقة أن الأمر متعلق بالجيل بشكل عام، وبطريقة تعامله مع شخصية الأم».

الفنانة أمية ملص فرقت بين المحبة والعيد: «العيد ليوم واحد، لكن المحبة لكل الأيام، فلا أحد يمكنه التوقف عن محبة الأم»، كما رأت الفنانة ديمة الجندي أنه «من غير الممكن أن نكافئ الأم على عطائها، لذا فإن عيدها رمزي وليس محصوراً بهذا اليوم فقط».

لكن الفنانة هناء نصّور اختلفت بالرأي قليلاً، واعتبرت أن «عيد الأم كالعسل، لذيذ، لكن كثرته تفقده أهميته»، واعتبرت أن تخصيص يوم للاحتفاء بالأم له أهمية كبرى في حياتنا، وهو ضرورة وحق للأم علينا.

الأمر نفسه اتفقت معه رنا جمول، ورنا أبيض، اللتان تعتقدان أنه من المهم تخصيص يوم للاحتفال بالأم، كتذكير للأبناء بأهمية هذا المخلوق العظيم، لكن الفنان خالد القيش اعتبر أن هذا العيد لا يكفي للأم، لان الرجل يقاسمها في كل الأعياد البقية، وليس لها إلا عيد الأم لتختص به وحدها.

طبيعة الرجل العملية وراء غياب عيده..

وفي ظل غياب التفعيل المجتمعي ليوم الأب، مقابل الأهمية الكبيرة التي يحظى بها عيد الأم، اعتبر الفنان فادي صبيح أن الأمر يعود إلى السليقة المجتمعية التي نشانا عليها، والتي تحتفل بعيد الأم كرمز لعطاء هذه الإنسانة.

جهاد عبدو أكد أنه «لا أعتقد أن هناك أي مشكلة في عدم وجود يوم، الأب فنحن الرجال لا نقف عند هذه المسألة، بل ما يسعدنا هو احتفال حقيقي بيوم الأم الذي كرمها الله وكل أخلاقيات الأرض على حد سواء»، وعزا الفنان إياد أبو الشامات الأمر إلى «الطبيعة العملية للرجل، وبعده عن العلاقات العاطفية أمام المرأة التي يعني لها ذلك كثيراً».

المخرج مأمون البني، اعتبر أن عيد الأم هو حق للمرأة "الأم والزوجة" التي تعطي الكثير، موضحاً أن الذكر «طفلاً كان أم شاباً أو أباً، فهو ابن لهذه العظيمة التي تسمى "الأم"، لذا فمن واجبه أن يحتفل بها»، كما أنه أشار إلى أن الأوروبيين يحتفلون بعيد الأب بشكل أكثر تفعيلاً، وهذا يعود إلى الثقافة المجتمعية.

أجمل هدية تلقيتِها..

ومهما اختلفت الآراء حوله، يبقى أن عيد الأم مناسبة للتعبير عن شكرنا العميق لأمهاتنا، لذا لا بد وأن يعض الهدايا التي تلقتها الأمهات تركت أثراً فيهنَّ أكثر من سواها..

في طفولة "ريم ويارا وثائر" أبناء ثناء دبسي، اشتروا لها من مال جمعوه من مصروفهم الشخصي أيقونة تحمل كلمة "ألله"، مرصعة بالماس، وهي من أجمل الهدايا التي تلقتها، وما تزال تحتفظ بها إلى الآن، بعد كل هذا الزمن، كما تحتفظ عزة البحرة بالقرطَين اللذَين اشتراهما لها سعد وسلوى من سنوات طوالل أيضاً، وبنفس الطريقة.

بينما اعترفت ضحى الدبس أن أكثر هدية أحبتها هي "راديو" صغير بدلاً عن جهاز كان لديها وتعطل، لأنّها من عشّاق الاستماع إلى المحطات الإذاعية.

أمية ملص تلقت هدية هذا العام من بناتها بسعادة بالغة، لأنها كانت قطعة من صنع أيديهنّ، «وهذا يعني الكثير للأم»، بينما ترى رنا أبيض وهناء نصور أن طفلَيهما هما أجمل الهدايا على الإطلاق.

وقدمتها..

معظم الهدايا التي قدمها الفنانون لأمهاتهم كانت تتعلق بالمبلغ الأول الذي حصلوا عليه، عدا بعض الاستثناءات طبعاً، فتامر اسحق اشترى لوالدته قطعة ذهبية بثمن أول لوحة باعها من أول معرض للتصوير الضوئي قام به، كونه كان يعمل في هذا المجال قبل أن يصبح مخرجاً.

واعترفت أمية ملص أنها كانت تقدم لأمها في طفولتها عبوات من الشوكولا كهدية، لتعود وتأكلها في نهاية النهار، بينا كشف معتصم النهار أنه وعد والدته في أحد أيام عيد الأم أن يتوقف عن التدخين، «لأنه لم يكن يملك مالاً ليقدم لها هدية»، وكان أن فرحة والدته كانت كبيرة جداً ولا توصف.

كما أكدت رنا جمّول أنها أزعجت والدتها كثيراً في أحد أيام عيد الأم، لكنها قررت أن لا تعود غلى إزعاجها مرة أخرى، وهو ما حدث بالفعل، كما رأت رنا أبيض أن المحبة والطاعة والاحترام أهم من أي هدية قد يقدمها الابن الأمه، لأنه مهما فعل فلن يرد لها أياً مما قدمته.

واعترف فادي صبيح أن والدته تحلم أن تفرح به وتراه عريساً، وكل ما قد يقدمه لها دون هذا الأمر يكون عادياً بالنسبة لها، أما خالد القيش فقد أهدى والدته من أكثر من خمسة عشر عاماً غسالة جديدة، لأنها كانت تتعب كثيراً من الغسل، «وقد جمعنا ثمنها من مصروفنا الشخصي، كوننا كنا كثيري العدد».

وختاماً لا بد من كلمات إلى الأمهات..

رسالة إلى أمي..

الفنانة ثناء دبسي توجهت إلى الأمهات إجمالاً برسالة تمنت فيها أن يكون أولادهم إلى جانبهم دائماً، «لأن الإنسان يحتاج أولاده في نهايات العمر أكثر من فترات الشباب، ولذا أطلب من الأولاد وأتمنى عليهم أن يبحثوا بين أوقاتهم عن بضعة دقائق يتقاسمونها مع أهلهم، لان ذلك أمر مهم جداً».

مأمون البني توجه برسالتة إلى زوجته الفنانة واحة الراهب، التي اعتبر أنها تمثل أماً له، وقال: «كنتِ مثال الأم الحنون الراقية والمعطاءة، والمتحررة من كل التقاليد، وأحسن إنشاء أطفالناً، فشكراً لك».

جهاد عبدو توجه إلى والدته بالقول: «إنني أقدر جهودها التي أوصلتني إلى ما أنا عليه، وإنني ما زلت عند وعدي»، أما سلاف فواخرجي فقالت: «الدنيا تبدأ عند قدميك يا أمي، وتنتهي عندهما».

واختصر فادي صبيح الكلام بالقول: «ألله يخليلي إياكي وتضلي فوق راسنا ومنورة البيت»، كما توجه إلى والده بالقول: «لم ولن أجد رجلاً أطيب منك في العالم كله».

معتصم النهار أكد أن لسانه يعجز أما الحديث عن والدته، لكنه قال لها ببساطة: «كل عام وإنتي بخير في عيدك المقدس.. الذي هو أجمل الأعياد».

وتوجهت ديمة الجندي لوالدتها بالقول: «الله يخليلي إياكي ويطول بعمرك»، مشيرة إلى أن والدتها ليست إنسانة عادية، فالفارق بينهما 15 عاماً فقط، وبالتالي فهي أقرب إلى الصديقة منها إلى الأم.

إياد أبو الشامات توجه برسالتَين، واحدة لوالدته أن «كل عام وأنت بخير، وأنا أحبك كثيراً»، والثانية لزوجته قال فيها: «كل عام وأنت بخير، وأتمنى لك الصحة.. لأنها كانت متعبة منذ فترة بسيطة».

وإلى أمه، التي كنت بمثابة الأم والأب له، تقدم خالد القيش بتحية كبيرة، وقال: «أتمنى أن تدعيلي، لأن دعواتك هي التي تسدد خطاي».

كما أكد تامر اسحق أن أمه هي أساس البيت، وقال لها" «كل عام وأنت بخير.. وأنا لا أتصور نفسي في الدنيا بدونك.. "الله يخليلي إياكي"».

هناء نصّور توجهت لكل أمهات العالم عبر والدتها بالقول: «حفظكن الله، لأنكنّ رمز العطاء»، كما وجهت رنا أبيض رسالتها إلى كل الأمهات اللواتي لا يوجد أحد ليعايدهنّ بهذه المناسبة، وتمنت أن يعوضهن الله بمحبة يستحقونها نظراً لعطائهنّ الكبير.

وإلى أرواحهم..

ليليا الأطرش تحتفل هذا العام بالعيد الثاني بغياب والدتها، ولذا فقد وجهت لها رسالة تقول: «تركت فراغاً كبيراً، وجرحاً قوياً لم أستطع بعد نسيانه، وكلما مرت الأيام تزداد صعوبتها عليّ، رحمك الله»..

الأمر نفسه يمر به الفنان عبد الحكيم قطيفان الذي يعيش حالة غياب الأب والأم معاً، وتوجه لهما بالقول: «أمنى لو كان أهلي معي في هذه اللحظات»، لكنه توجه إلى كل أصدقائه من الأمهات والآباء، وقال: «أتمنى أن تقدروا على تربية أطفال ناجحين في هذه الحياة، لأن هذا هو حلم كل أم أو أب، وأتمنى لكم الصحة والعافية».

وأخرى إلى أم على الشاشة الفضية..

ثناء دبسي توجهت إلى ابنتها الفنانة يارا صبري، التي قدمت في مسلسل "قيود الروح" دور أم لابن معاق، فهي: «شعرت كم كانت أحاسيسها صادقة وصحيحة، وشعرت أنني أقف مكانها في كثير من اللحظات، وأن الحنان الذي قدمته إلى ابنها كان صادقاً وحقيقياً جداً»، وقالت لها: «الله يخليلي إياكي، وأرجو أن تبقي على إحساسك ومشاعرك الصادقة، وإياك أن تقدمي شيئاً لا يدفعك إليه إحساسك، لأنك لن تتمكني من إيصاله إلى الجمهور».

ضحى الدبس وهناء نصّور توجهتا إلى ثناء دبسي بالتحية، واعترفت الدبس أنها كانت تحلم أن تلتقي بدبسي قبل الدخول إلى الوسط الفني، «وعندما التقيتها شجعتني وقدمت لي الكثير من العواطف التي جعلتها إحدى المميزات في نظري. اليوم دارت الأيام وصرنا نلعب نحن الاثنتان أدوار الأمهات!».

جهاد عبدو اختار أن يوجه التحية إلى السيدة منى واصف، مشتركاً بذلك مع كل من رنا جمّول، إياد أبو الشامات، مأمون البني، وفادي صبيح الذي قال لها: «أتمنى أن يطول عمرك، كما عطاؤك، والله يخلينا إياكي»، ومعتصم النهار الذي يطمح أن يلعب دور ابنها في يوم من الأيام.

وتوجت ليليا الأطرش بالتحية للفنانة وفاء موصللي، التي لعبت دور والدتها في مسلسل "باب الحارة"، وإلى السيدة منى واصف والكثير غيرها من نجمات الشاشة السورية الكبيرات..

أمية ملص اختارت أن تعايد الفنانة صباح الجزائري، التي كانت والدتها في مسلسل "باب الحارة" لخمسة أجزاء، كما اعتبرت أن الفنانة الراحلة نبيلة النابلسي كانت من الفنانات الواتي قدمت الأم بطريقة مميزة، مشيرة إلى أنها كانت ترغب في أن تلعب دور ابنتها في أحد الأعمال، لكن الموت خطفها منا مبكراً، كما توجه عبد الحكيم قطيفان إلى النابلسي بالتحية الكبيرة، لأنها كانت «أماً وأختاً نبيلة بكافة المعاني، ورحيلها كان خسارة على كل المستويات»، وحيّى قطيفان أيضاً مجموعة من النجمات السوريات اللواتي قدمن دور الأم ومنهم لينا حوارنة ونادين خوري، وأخريات.

تامر اسحق ضم صوته إلى اصوات عدة عندما توجه بالتحية لثلاث فنانات، هنّ: «الكبيرة منى واصف، والسيدة أنطوانيت نجيب، والراحلة العظيمة التي مازالت تعيش في قلوبنا نبيلة النابلسي».

أما ديمة الجندي فتوجهت بالتحية لفنانتَين: صباح الجزائري التي احتضنتها كما أمها في أحد مشاهد ثلاثية "قضية عائلية"، وضحى الدبس، التي كانت بمثابة أم حقيقية في مشاهد عمل "عندما تتمرد الأخلاق"، مشيرة إلى أن كلتا الفنانتَين أصبحتا من أكثر الفنانات المقربات لها في الوسط الفني.

وأخيراً، أكد لنا خالد القيش أنه يشعر بأن كل فنانة يمثل دور ابنها تصبح بمثابة أمه، كونه يشتاق كثيراً إلى والدته، ولا يستطيع أن يراها كلما أراد، نظراً لظروف الاحتلال الصهيوني على الجولان العربي السوري، متوجهاً بالتحية إلى كل فنانات الشاشة السورية.

لا يختلف اثنان على أن عيد الأم هو من أنبل المناسبات التي نحتفل بها، ويتفق الكثيرون على ان «النقاء في الأرض باق، طالما هناك أمهات، لأن الأم هي الوحيدة في العالم التي يسري العطاء في دمها، ولا تعرف إلا المحبة».. فكل عام وكل أمهات العالم بألف خير..

وأخيراً..

لقداسة عينيك.. لطهر قلبك.. لروحك البيضاء التي ترفرف حباً وسلاماً على كل ما حولها.. لك أيتها الأم، بكل جلالك وعظمتك.. أهدي حروفي المتواضعة..