2012/07/04
خاص بوسطة - يارا صالح
في بيروت، وتحديداً في مستشفى الحايك، وضعت أزمة قلبية عنيفة حداً لحياة موسيقار من أهم النجوم الذين عرفتهم الموسيقى العربية، حتى أن بعضهم وضعه في أعلى درجات سلمها الموسيقي، إنه فريد الأطرش.
والأطرش موسيقار ومطرب مصري من أصل سوري، نشأ وعاش في القاهرة، ترك بصمات واضحة في الموسيقى والغناء العربي ويعد من أعلام الفن العربي..
ولد فريد فهد فرحان إسماعيل الأطرش في بلدة القريّا في محافظة السويداء، لإحدى بيوت آل الأطرش، إحدى العائلات العريقة في جبل العرب جنوب سورية، والذين كان لهم دور مهم في التصدي للاستعمار الفرنسي لسورية سنة 1923، وكان زعيمهم سلطان باشا الأطرش هو من قام بإطلاق شراره الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضد الفرنسيين في سورية..
كان الأطرش ابناً لفهد الأطرش من زوجته علياء المنذر التي كانت الثانية من بين ثلاثة تزوجهن فهد، وعلياء مطربة تمتعت بصوت جميل قادر على تأدية العتابا والميجانا، ومنها اكتسب فريد وأخته آمال، أسمهان لاحقاً، الصوت الجميل.
في طفولته سافر من سورية إلى القاهرة مع والدته هرباً من الفرنسيين الذين كانون يعتزمون اعتقاله وعائلته، انتقاماً لوطنية والدهم فهد الأطرش وعائلة الأطرش. في مصر عانى الفقر في الطفولة، لكن موهبته برزت في وقت مبكر، فدخل معهد الموسيقى، وبعد عام بدأ بالتفتيش عن نوافذ فنية ينطلق منها، حتى التقى بفريد غصن والمطرب إبراهيم حمودة الذي طلب منه الانضمام إلى فرقته للعزف على العود.
أقام زكي باشا حفلة يعود ريعها إلى الثوار، أطل فريد تلك الليلة على المسرح وغنى أغنية وطنية ونجح في طلته الأولى، وبعد جملة من النصائح اهتدى إلى بديعة مصابني التي ألحقته مع مجموعة المغنين ونجح أخيراً في إقناعها بأن يغني بمفرده.
سجل أغنيته الأولى "يا ريتني طير لأطير حواليك" كلمات وألحان يحيى اللبابيدي، فأصبح يغني في الإذاعة مرتين في الأسبوع، وبعد أن استعان بفرقة من أفضل العازفين، سجل الأغنية الثانية "بحب من غير أمل"، وبعد التسجيل خرج خاسرا لكن تشجيع الجمهور عوض خسارته وعلم أن الميكروفون هو الرابط الوحيد بينه وبين الجمهور.
وفاة أخته أسمهان في حادث سيارة ترك أثراً عميقا في قلبه، وخيل إليه أن المقامرة بعنف ستنقذه. تعرض إلى ذبحة صدرية وبقي سجين غرفته، تسليته الوحيدة كانت التحدث مع الأصدقاء وقراءة المجلات، والعمل، وبعد فترة من الوضع الصحي السيء توفي في مستشفى الحايك في بيروت إثر أزمة قلبية وذلك عام 1974 عن عمر يناهز 65 سنة.
اشترك فريد الأطرش في 31 فيلماً سينمائياً كان بطلها جميعاً. أشهر الأفلام على الإطلاق و الذي جنى أرباحا طائلة هو فيلم "حبيب العمر"، لأنه مثل قصة حب حقيقية، وفيلم "عهد الهوى" المقتبس عن ألكسندر توماس الصغير، عن روايته "غادة الكاميليا"، وفيلم "حكاية العمر كله"، وهو من الأفلام المهمة لفريد، وفيلم "ودعت حبك"، الذي أثار ضجة كبيرة حين عرضه، بسبب وفاة البطل في النهاية، فلم يقنع المتفرجين سوى خروج فريد فاتحاً الستار ليقول لهم: «هاأنا ذا لم أمت»، إضافة إلى فيلم "رسالة من امرأة مجهولة".
أما من أشهر أغانيه نذكر: "ابكي يا عيني"، "اتقل اتقل"، "أحبابنا يا عين"، "أضنيتني بالهجر"، "باسم الله والشعب العربي"، "بتؤمر عالراس وعالعين"، "بساط الريح"، "بقى عايز تنساني"، "ثلاثين يا حبيبي"، "جميل جمال"، "الحياة حلوة"، "زفة العروس(دقو المزاهر)"، "ساعة بقرب الحبيب"، "فوق غصنك يا ليمونة"، "قلبي ومفتاحه"، "لكتب ع وراق الشجر"، "يا حبايبي يا غايبين"، "يا سلام على حبي وحبك"، "يا عواذل فلفلو"، "اليوم يوم الشجعان".
اليوم.. وبعد ستة وثلاثين عاماً على رحيله، لا بد لنا من كلمة حق نقولها في شخص كتب اسمه على أسطر المجد باوتار من ذهب، وصوت من ماس. فريد الأطرش سيبقى أحد أهم الأعلام في الموسيقى العربية، التي وإن ازدحم أرشيفها بالأسماء، إلا أنها لا تخلد إلا أسماء من أعطوها من روحهم وإبداعهم الشي الكثير، ويأتي على رأس هؤلاء.. فريد الأطرش..