2015/05/11
بوسطة- محمد الأزن
صرّح مدير رقابة البرامج في التلفزيون السوري غياث سليطين لـ"بوسطة" بأن قرارهم بمنع عرض مسلسل "عناية مشددة" على المحطّات الرسمية السوريّة، أتى نتيجة "عدم توافق العمل مع المعايير المعمول بها لدى الرقابة لإجازة العرض، بحسب تقرير لجنة مشاهدة مؤلفة من ثلاث أشخاص، تابعته قبل إصدار تقريرها، وأتى هذا التقرير موافقاً لتقرير لجنة المشاهدة الخاصة المرتبطة بإدارة التلفزيون مباشرة، والتي أعادت مشاهدة المسلسل بناء على اعتراض الجهة المنتجة، مما يعني عدم إجازة عرضه."
وأوضح سليطين أن لجنة المشاهدة الخاصة التي أشار إليها، تفصل عادةً في الاعتراضات المقدمّة من صنّاع الأعمال، على تقارير لجنة رقابة البرامج بالتلفزيون.
ولدى سؤال "بوسطة" عن المعايير التي خالفها مسلسل "عناية مشددة" وبني عليها عدم إجازة عرضه على محطّات التلفزيون السوري؟ أجاب بلال سليطين: "لسنا مضطرين لنشر معاييرنا في الإعلام، ويكفي أن نقول أنّ هذا العمل غير متوافق معها، وهذا لايعني بالضرورة أنّه سيء سواءً من الناحية الموضوعية، أو الفنيّة."
هكذا تبقى هذه المعايير غامضة، وما يبنى عليها من قرارات المنع، أو الإجازة عصيّاً على التفسير خلال السنوات الأخيرة، والتي كشفت عن كون رقابة التلفزيون السوري باتت أكثر تشدداً من ذي قبل، مقارنةً بسنوات ما قبل اندلاع الأحداث في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن إمكانية عرض المحطتين السوريتين غير الرسميتين "سما" و"دنيا" للمسلسل لاتزال قائمة، ومَن يدري؟ ربمّا يحدث شيءٌ ما في أروقة الهيئة العامّة للإذاعة والتلفزيون، يدفع باتجاه عرض العمل على المحطّات الرسمية خلال الأيّام المقبلة، أو في اللحظات الأخيرة، كما حدث مع مسلسلاتٍ سابقة كمسلسل "سنعود بعد قليل" سنة 2013.
هذا ولا يزال قرار رقابة البرامج في التلفزيون السوري، بمنع عرض "عناية مشددة" على محطّاته موضع استغراب، وتساؤلاتٍ كبيرة حول الأسباب الحقيقة لهذا القرار، لازالت تتفاعل في الصحافة العربية، وعبر المواقع الإلكترونية السوريّة، ومواقع التواصل الاجتماعي، منذ تسريب الخبر للصحافة يوم الجمعة الفائت (8 أيّار/ مايو 2015).
ويرصد مسلسل "عناية مشددة" (تأليف علي وجيه ويامن الحجلي، إخراج أحمد إبراهيم أحمد، إنتاج شركة قبنض)؛ "يوميّات المواطن السوري في ظل الحرب، وما آلت إليه بنية المجتمع السوري حالياً، وذلك عبر شخصياتٍ تتسم بمطلق العنف، الدموية، الانتهازية، واللاإنسانية، ونقائضها."، كما يفرد العمل مساحةً لقصص الحب، والتحولات في العلاقات العائلية، وأوضاع النازحين، ليدعو لـ"المصالحة" بنهاية المطاف.
وواجه المسلسل الذي استغرق العمل عليه قرابة العامين، صعوباتٍ كبيرة لإجازة النص من جانب رقابة النصوص، ومنح الإذن بانطلاقة تصويره، بعد إجراء بعض التعديلات، كذلك لم يكن تصوير "عناية مشددة" سهلاً، حيث واجه فريقه من فنيين وممثلين مخاطر تهددت حياتهم أكثر من مرّة، حيث تم التصوير بالكامل على الأراضي السوريّة، وفي مناطق ساخنة، ليطيح قرار رقابة البرامج في التلفزيون السوري بكل هذه الجهود، وسط إجاباتٍ غير مقنعة، منها أنّ إجازة التصوير، لاتعني بالضرورة منح الإذن بالعرض، هكذا تبدو صناعة عملٍ تلفزيوني سوري جاد، يحاول "بموضوعية" رصد ما يجري في البلاد خلال المرحلة الحالية، أمراً بالغ التعقيد، ورهيناً لمعايير الرقابة الرسمية المرحلية، وشروط المحطّات الخارجية، وإملاءاتها المباشرة، وغير المباشرة، وتدخلاتها في النصوص، والشكل الفني، واختيارات النجوم... وهكذا لن يبدو مستغرباً بعد اليوم، رؤية المزيد من أعمال كـ "صرخة روح" وأخواته، ونسخاً كثيرة جداً، مستنسخة لأقصى درجات الملل عن "باب الحارة" تكرس في عقول المشاهدين عن سبق الإصرار، صورةً يتم الإيغال بحفرها لمجتمع متخلفٍ، متفسّخ، يضع قدميه في حاراتٍ افتراضية يرسمون ملامحها بما يجافي الحقائق التاريخية، ويسند رأسه على أسّرة سفاح القربى.