2012/07/04
بوسطة - مواقع عالمية لا يَخفى على المتابع لفيلم "The Ghost Writer"، للمخرج الشهير رومان بولانسكي أن الشخصية الرئيسية في الفيلم مستوحاة كثيراً من شخصية رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، فالقصة تتناول عدة أبعاد تتعلق تحديداً وبشكل أساسي بالحرب على العراق وبالعلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة وبريطانيا. ويتناول الفيلم قصة رئيس حكومة بريطاني سابق مهدد بالمثول أمام محكمة جنائية دولية لارتكابه جرائم حرب، والشبح هو مذكرات رئيس الحكومة البريطانية آدام لانغ. الفيلم مستوحى من رواية للكاتب روبرت هاريس الذي قال إنه تأثر بموجة الغضب ضد بلير وسياساته ومطالبة الكثيرين بمثوله أمام محكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ولكن السؤال ما هو مدى الواقعية الذي يتمتع به هذا الفيلم؟ وهل من الممكن أن تقوم يوما ما أي محكمة جنائية دولية بملاحقة بلير أو غيره من رؤساء الحكومات البريطانيين؟ إن ذلك ممكن من جهة نظرية، لأن المحكمة الجنائية الدولية تتمتع بصلاحية ملاحقة أي رئيس دولة حالي أو سابق، ولكن المشكلة تبدأ في المرحلة الثانية وهي معرفة ما إذا كانت هذه المحكمة هي الجهة الصالحة للبت بالقضية. في الفيلم، يُتهم آدام لانغ بالتخطيط والأمر بخطف 4 مواطنين بريطانيين يشتبه بعلاقتهم بـ (منظمات إرهابية)، وتجري عمليات الخطف في باكستان، تنفذها القوات الخاصة البريطانية، التي تسلمهم بعد ذلك إلى الاستخبارات الأمريكية CIA التي تمارس عليهم التعذيب، ما يؤدي إلى مقتل أحدهم. ويقول الخبراء في مجال القانون الدولي إنه يمكن وصف ما جرى بجرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، وهما المجالان اللذان تملك المحكمة حق النظر فيهما، ولكي تصبح المحكمة الجنائية جهة صالحة لملاحقة المجرمين يجب على الجرم أن يتضمن التهجير أو القتل عمداً، وأن يكونا من ضمن سياسة تطبق على نطاق واسع. أما في الفيلم، فإن الجريمة المرتكبة ربطت بإطارها الأوسع وهو قضية الحرب على العراق، ويتضمن مشاهد لمناهضي الحرب يتظاهرون أمام منزل لانغ مطالبين بإحالته إلى المحكمة. هذا ما حصل على أرض الواقع، لأن مدعي عام المحكمة الجنائية قام بالتحقيق بدور بريطانيا في حرب العراق، إلا أن خلاصة التحقيق الحقيقي آلت إلى الإعلان أن المحكمة الجنائية الدولية ليست الطرف الصالح للبت بالقضية، بينما في الفيلم، هناك إمكانية بأن تسير الأمور في منحى آخر. وينجح الفيلم كذلك في عملية تفسير وتبسيط لقضايا مثل القانون الدولي وجرائم الحرب وخطف المشتبه بهم وتسليمهم لاستخبارات بلد آخر، كما ينجح في جعل هذه الأمور، وهي عادة بالغة التعقيد، بسيطة يسهل فهمها.