2012/07/04
بوسطة
رفض الفنان رشيد عساف ما يسمى بقوائم العار التي تم تصنيف الفنانين السوريين فيها إبان الاحتجاجات الشعبية ذات المطالب المحقة وما رافقها من أعمال عنف من بعض المجموعات المسلحة، مشيراً إلى أنه دائماً مع الوطن وليس مع الخراب.
وفي حوار أجراه معه موقع "إيلاف" الإلكتروني، قال عساف: «أنا أرفض ما يسمى بقوائم العار للفنانين السوريين، وهي من ألاعيب الصحافة، فدخل الإعلام في لعبة اصطياد الفنانين، وكأن القضية قضية فنانين، وبسبب غياب السياسيين أصبح الإعلام يلجأ إلى الفنان، وأود هنا فقط توضيح موقف شخصي بعدما فسروا كلامي في أحد اللقاءات الصحافية، وعلى ما أذكر كانت في يوم 8 آذار، يعني قبل الاحتجاجات بفترة، وقالوا إنني أستبعد التغيير، وقالوا حينها إن رشيد عساف يريد بقاء النظام من دون أن يتمموا الكلام الباقي بأنني مع الاصطلاح الجذري، ولكني في النهاية مع الوطن، ولست مع الخراب».
وانتقد عساف استخدام تصريحات الفنانين كوسيلة ضغط، وقال: «لا يجوز استخدام الفنانين منذ البداية، وأخذ موقف منهم، سواء من طرف السلطة أو من طرف المحتجين، ويجب أن يظل الفنان بالوسط كي يبدي رأيه في ما بعد، لذا يجب عليه أن يكون مقبولاً من قبل الجهة الداعية للإصلاح، ومن الجهة التي تملك القدرة على الإصلاح على الأقل في هذه الفترة، فالفنان رجل توافقي وليس رجلاً سياسياً، وهذا هو دور الفنان الأساسي، لذا لا يجب إلغاؤه لمجرد أن المعارضة لا تملك سياسيين أو جبهة معارضة حقيقية تتكون من أحزاب سياسية، سواء كانت يمين أو يساراً، فالمهم أن تكون هناك حالة ديمقراطية صحيحة وشفافة يطلبها الفنانون، كما الشعب على الصعيد السياسي والاقتصادي، لأنه ليس من العدالة أن تأكل مجموعة من التجار كل الخير السوري، بل يجب أن يعمّ على الجميع».
وأضاف عساف أن «الفنان السوري ليس برجل سياسة، لكن نتاجه هو وسيلة تعبير عن هموم ومشاكل الوطن والمواطن، وهذا بالنتيجة هو موقف إنساني تجاه المجتمع، إذاً هو ينادي بالحرية والإصلاح واحترام الذات الإنسانية واحترام كل المطالب المشروعة بالعيش الكريم وحفظ كرامة وحق المواطن، وأنا شخصياً في النهاية أعتبر كل الذين سقطوا، سواء من احتجّ على وضع معين أو من دافع عن الوطن من درعا إلى القامشلي "شهداء" لكنني لا أرغب في تدمير هذا الوطن الجميل».
كما أوضح الفنان السوري أنه لا يجوز للفن أن يكون أبيض أو أسود، مشدداً على ضرورة أن لا تتم مطالبة الفنان بموقف صارم في البداية كي لا يلغى حضوره، كما أنه يجب أن يكون مقبولاً لدى كل أبناء الشعب السوري كي تصل كلمته.
وعن سبب الأزمة برأيه، قال عساف: «ممارسة السياسات الاقتصادية الخاطئة في السنوات السابقة، والتي فرضت علينا تلبيةً لمطالب صندوق النقد الدولي، وكان الهدف وقتئذ من ممارستها هي الدخول بالشراكات الأوروبية والأطلسية، وهو ما أوصل البلاد إلى هذه المرحلة».
وأوضح عساف أنه «لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الإقليمي الكبير لسورية، ولا يوجد سياسي في العالم قادر على أن يثبت أن سورية دولة غير ممانعة ومقاومة، والممانعة تعني من وجهة نظري أن سورية غير قادرة على الحرب، لكنها قادرة على أن تعطل السلام الانهزامي، فلا حرب من دون مصر، ولا سلام من دون سورية، لكونها تملك بيدها المفاتيح اللازمة لذلك، وسورية قادرة على إبراز الشروط لتحقيق السلام الطبيعي والعادل والحقيقي للشعب العربي، لذا أعتبر إن ما يحاك لها من مؤامرة دولية هدفها تقسيم البلاد، ولكن هذا لا يكفي، فالإصلاح الحقيقي الشامل الذي يرتفع بمستوى معيشة الفرد ويحصن كرامته لا ينتقص من ممانعتك، بل يكملها ويقويها، والاهم محاسبة كل الفاسدين، لأنهم بالتأكيد خونة هذا الوطن».
أما عن الحل فقال عساف: «ليس هناك من حل إلا بالاستجابة للمطالبة الحقيقية في الإصلاح، والإصلاح الجذري الذي يحقق العدالة للجميع وصولاً إلى الإصلاحات السياسية والتي تكمن في فصل السلطات، وإيجاد قانون عصري للانتخابات، وتأسيس قانون لتأسيس الأحزاب، وصولا إلى حالة مثلى من الديمقراطية الحقيقية والديمقراطية التي لن تكون قوية وفاعلة إلا بإصلاح القضاء، ومن ثم الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحقق للمواطن لقمة العيش الكريم وتحافظ على كرامته».
وأضاف عساف: «أتمنى ومع غياب أحزاب سياسية واضحة المعالم والتوجه أن يتنادى عقلاء الوطن من معارضين ومحتجين ومثقفين ومن كل الشرائح والنشطاء في هذا المجتمع لإيجاد صيغة للحوار للخروج من هذه الأزمة وصولاً إلى الإصلاحات الحقيقية التي ترضي كل مكونات المجتمع السوري، التي أتمنى أن تتحقق من دون جر البلاد إلى حالة من الدمار».
وعن دور الدراما في الإصلاح قال عساف: «من واجب الفنانين والكتاب بالدرجة الأولى أن يعيدوا الاعتبار إلى الدراما، وأطالب الجهات المعنية المنتجة بتكليف كتاب واعين تماماً لموضوع الإصلاح لإنتاج العديد من الأعمال التي من شأنها أن تطرح قضايا الإصلاح بشكل جريء جداً، وأحياناً يجب عليهم تسليط الضوء على الفاسدين وبالأسماء لأنهم ساهموا في تدمير البلد، وأن يكون الطرح بوجود هامش الحرية الواسع لملامسة الجرح حقيقة من دون أن يتم تجميل الواقع».
من ناحية أخرى، أكد عساف أنه يحضر في رمضان المقبل لمسلسل كوميدي مع الفنان الكبير دريد لحام هو "الخربة"، الذي يتناول البيئة الجبلية، للمخرج الليث حجو، مشيراً إلى أنه يعقد عليه آمالاً كبيرة لكونه متميزاً في كل عناصره، كما أنه يشارك في بطولة مسلسل "رجال العز" للمخرج علاء الدين كوكش، كاشفاً أنه اشترى عملاً لينتجه على حسابه عن شخصية الثوري حسن الخراط.
وعن هذا الموضوع أضاف عساف: «الشخصية جديرة بعمل خاص عنها لكونها من الثوار الحقيقيين، خصوصاً أن الدراما الشامية تناست الثوار، وهؤلاء الثوار من السهل أن تجد شبيهاً لهم في زمننا الحالي على الأقل على مستوى الحالة والفكرة وعلى صعيد مناهضة الظلم الذي يوازي مناهضة الاستعمار، إضافة إلى أن العمل كان مكتوباً وجاهزاً من قبل الكاتب عبد الله رضوان، وبعدما طلبت إعادة إعداده، ولكن للورثة رأياً آخر، وأنا أوافقهم في رأيهم لأكثر من سبب، لأنه ليس من المجدي استحضار اسم الشخصية بمسلسل لن يضيف عليها شيئاً، بل على العكس، ربما يشوهها لأن الفنان مهما اجتهد فإنه لن يعطيها حقها في الاستحضا».
وبالحديث عن مسلسل "الحسن والحسين" الذي يجسد فيه عساف شخصية "معاوية بن أبي سفيان"، أكد الفنان السوري أنه انتهى من تصوير المسلسل في الأردن، بعد أن رفضت دول كثيرة استقباله كالمغرب ولبنان لأنه إشكالي وفق الحسابات الدينية، معتبراً أنه من الخطأ اتخاذ مواقف هجومية مسبقة على فكرة المسلسل، ومن الضروري مشاهدة المسلسل من قبل كل من ينتقده، وأضاف: «أخطر ما يعرضه العمل هو قضية نهاية الخلافة وبداية الملك، فمعاوية كان أول مورث في الإسلام».
عساف يجسد شخصية حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر، في مسلسل تلفزيوني وفيلم سينمائي، والمسلسل سيكون من إنتاج شركة "المها" الكويتية، وعن هذا الموضوع قال عساف: «سأحاول تقديم شخصية حسن البنا من منظور جديد، والدور مهم جداً بالنسبة إليّ، كما إنه نقلة مهمة على صعيد تاريخي الفني، خصوصاً وأنني أبلغت عن الدور قبل أسبوع واحد فقط، فبدأت على الفور التجهيز للعمل بالقراءة عن الإمام، لمعرفة المزيد عن دوره الدعوي في العالم العربي، ويتناول الفيلم محطات رئيسة في حياة البنا، ومواقفه إزاء الأوضاع السياسية في مصر والمنطقة العربية، فيما يتناول المسلسل سيرة حياة الإمام، بدءاً من طفولته حتى اغتياله».