2012/07/04
بوسطة
اعتبرت المخرجة رشا شربتجي أن مسلسل "ولادة من الخاصرة" لا يمكن أن يعكس صورة وافية عن المجتمع السوري، موضحة أنه لم يتم تعديل أي شيء في نصه بناء على الثورات العربية والأحداث في سورية، لكن الكاتب كان يملك حدساً في أسباب انفجار المواطن العربي العادي.
وفي حوار نشره موقع "CNN" العربية، قالت شربتجي: «لا يمكن أن يعكس أي مسلسل صورة وافية عن صورة أي مجتمع، لأن ذلك يتطلب الكثير من الإحصائيات الدقيقة عن مكوناته، ولا يستطيع أي عمل درامي فعلياً الإحاطة بكل تلك التفاصيل. أما مسلسل "الولادة من الخاصرة" فتناول بصورةٍ رئيسية ثلاث طبقات؛ طبقة العشوائيات المحيطة بدمشق، والتي مثّلت برأيي أكثر النماذج الإنسانية توافقاً على المستوى النفسي والاجتماعي، والطبقة الثانية هي رجال الأعمال، والثالثة هي طبقة ذوي السلطة ممثلةً في العمل بشخصيات متوسطة الدخل، إلا أنها تمتلك السلطة بحكم وظيفتها في المجتمع، ولكن كل الشخوص التي تناولها المسلسل تتسم بكونها حالات فردية، غير قابلة للتعميم، إلا أنها تنتمي إلى بيئات غنيّة وواقعية، وهذه تركيبة ذكية جداً قدمها الكاتب سامر رضوان بحيث تبدو مغرقة في واقعيتها رغم خصوصيتها الشديدة».
وأضافت شربتجي: «إذاً مسلسل "الولادة من الخاصرة" يسلط الضوء على فئات من مجتمعنا، لا يمكننا القول إنها تمثل المجتمع السوري ككل، حيث غابت الطبقة الوسطى عن العمل، وورد ذكرها بشكلٍ عابر في شخصية صاحب عيادة الإجهاض، بما تمثله العيادة من حلقة ربط بين الشخصيات والأحداث، هذا المكان الذي يختلط فيه الأمل بالألم في لحظة ولادة غير طبيعية، ومن هنا يأتي التركيز على عدة حالات من الولادة المتعسرة؛ ولادة الحلم، الحق، والأمل لشخصياتٍ خاصة يتناولها المسلسل».
كما اعتبرت شربتجي أن الحكم على شخصيات المسلسل بأنها أحادية اللون أو الطبيعة (أبيض، أسود، طيب، شرير...) هو حكم غير صحيح، مشيرة إلى أن كل الشخصيات التي «يفترض أن تكون شريرة في العمل مرّت بلحظات إنسانية، وإن كانت مستقطعة؛ كأبو مقداد، ورؤوف، وحتى الشخصيات الطيبة والمستسلمة، كشخصية جابر التي بدت متمردة على واقعها، وتخلت عن طيبتها ولو للحظات قليلة، في أكثر من موقف».
وأشادت شربتجي بأداء الفنان سلوم حداد في المسلسل، معترفة بأنه أبكاها أكثر من مرة وراء المونيتور، «لأنه أدى دوره في هذا العمل بإحساسٍ عالٍ جداً، ورسم كل تفاصيل شخصية واصل بمنتهى الاقتدار»، مؤكدة أن جميع الفنانين المشاركين أدوا أدوارهم بشكل جميل جداً.
شربتجي اعتبرت أن المسلسل أعاد الاعتبار للبطولة الجماعية التي كانت تميز الدراما السورية، «لأن تركيبة النص الذي كتبه سامر رضوان صحيحة، وكما قلت اشتهرت المسلسلات السورية عموماً بالبطولات الجماعية، لكن قد تطغى شخصية على أخرى في بعض الأعمال، لاسيما تلك التي تركز على خط درامي واحد، وقد يميل لها المشاهد باعتبارها لا تشتت تركيزه. إلا أن مسلسل الولادة من الخاصرة أثبت العكس، لأن أحداثه تتحرك على أكثر من خط، وجميع شخصياته متساوية بالفعل والإحساس دون أن تشتت المتلقي، بهذا المعنى اعتقد بأن المسلسل نجح في إعادة الاعتبار لأعمال البطولة الجماعية».
وأوضحت شربتجي أنه لم يتم تعديل أي جملة من سيناريو المسلسل بناء على الأحداث التي شهدتها سورية أو دول عربية أخرى، وأن المسلسل صور كما أجازته الرقابة السورية، وأضافت: «ولكن حينما بدأت الأحداث في مصر كنّا في آخر عشرة أيام من التصوير، وشعرت بالذهول من مدى قدرة الكاتب على استقراء ما يجري على الأرض قبل حدوثه، وبدا لي أن سامر رضوان يملك مقدرة خاصة على قراءة وجع الناس الذي يمكن أن يولد نوعاً من الانفجار، على هذا النحو الذي يجري في الشارع العربي».
وبخصوص مسلسلها الذي كلن من المقرر أن تقدمه هذا العام أيضاً "حياة مالحة"، أكدت شربتجي أنه ما كان ليتعارض مع "ولادة من الخاصرة"، لأنهما مختلفان بالطرح، مشيرة إلى أن «"حياة مالحة" يركز بصورة رئيسية على أن المعرفة قد تتحول في بعض الأحيان إلى لعنة أو عقاب، ويطرح سؤالاً جدلياً: أيهما أفضل؛ أن لا تعرف، أو تعرف وتسكت؟».
سينمائياً، شرحت شربتجي أسباب عدم وجود أي فيلم في رصيدها إلى الآن، وقالت: «خلال مسيرتي المهنية عرض علي خمسة أفلام في مصر، من جانب شركات إنتاج مهمة لها سمعتها في هذا المجال، لكن النصوص التي عرضت لم تكن بسوية ما أنجزته في الدراما التلفزيونية وقدمته بروح السينما. وحينما أبحث عن فرصٍ سينمائية لتكون ضمن قائمة أرشيفي المهني، فهذا يعني بالنسبة لي أن تكون على مستوى يلبي طموحي في هذا الفن. وبالمقابل لم تعرض عليَ المؤسسة العامة للسينما في سورية سوى فيلم واحد، كما أن صناعة السينما في سورية متعثرة بسبب عوامل عديدة، منها قلة عدد دور العرض. ويمكنني القول إن الفرصة لم تأتِ بعد، لكنني حريصةٌ على ذلك».
وبالعودة إلى الدراما، أكدت شربتجي أنه لا تترد في تقديم الأعمال الكوميدية التي بدأت عن طريقها مشوارها الإخراجي، وذلك عندما تجد النص المناسب، نافية في الوقت نفسه وجود أزمة في النصوص الكوميدية، «بدليل وجود عمل مثل "ضيعة ضايعة"، و"الخربة" لليث حجو».
وإلى موسم العام 2012، اعتبرت شربتجي أن الصورة المتعلقة بالدراما في الموسم القادم تبدو ضبابية بالنسبة لها حتى الآن، وأضافت: «على المستوى الفني عرض علي أكثر من نص رائع، أي أن الأساس لدراما جيدة موجود، والكتاب السوريون يقدمون أفضل ما عندهم، ولكن هذا لا يكفي، فهناك وضع المنتجين السوريين في ظل الظروف الحالية، وعلاقتهم بالمحطات العربية، لكن أملي يبقى كبيراً، فما زالت الدراما السورية محببة لدى المشاهد العربي، وقادرة على استقطاب المعلن، وهذا في غاية الأهمية بالنسبة للمحطات العارضة. كما أتوقع أن يلعب قانون الإعلام الجديد الذي صدر في سورية مؤخراً دوراً في ازدهار هذه الصناعة، عبر منح المزيد من التراخيص لمحطات فضائية محلية جديدة، نستطيع من خلالها طرح أفكارنا على المستوى الوطني، وإنتاج دراما مغرقة في المحلية، والتي تعتبر ضمانةً رئيسية لتحقيق انتشار أكبر، عربياً، وعالمياً على المدى البعيد».
وعن مشاريعها الجديدة، قالت سربتجي: «بانتظار توفر الشرط الإنتاجي الجيد؛ هناك الكثير من النصوص المغرية كـ "مسلسل تركي طويل" ليم مشهدي، "وصايا كانون" لسامر رضوان، "ثنائيات الكرز" لمحمد ماشطة، بالإضافة لمسلسل "حياة مالحة" للكاتب فؤاد حميرة، وهو الأقرب للإنجاز خلال الموسم المقبل، لأننا بدأنا بتصويره خلال الموسم الماضي»، مضيفة: «يوجد عرض من مصر قدّمه وليد يوسف، ومحمد فوزي، وربما يكون مسلسلاً صعيدياً، أو لايت (خفيف).. أبقى بانتظار التمويل واتضاح الرؤية».
شربتجي أكدت أن المشروع القائم على نص للكاتب المصري الراحل أسامة أنور عكاشة ما زال قائماً، «لكن ما جرى في مصر أخّر الموضوع، أعتقد أن الدكتور مجدي صابر يعمل على استكمال نص مسلسل "رز الملائكة"، الذي كان بالأصل مسلسلاً كتبه الراحل عكاشة للإذاعة، وبدأ بتحويله إلى التلفزيون، قبل أن يغيبه الرحيل، ويسعدني أن يكون على قائمة المشاريع المستقبلية، إذا انتهى النص بالكامل، وتوفر التمويل».