2012/07/04
بوسطة _بيان صحفي
في معرض الحديث عن المؤامرة على سوريا - الذي لم أنفه في لقائي مع جريدة المصري اليوم – أظن أن لاشئ يخدم المؤامرة بقدر هذا الكذب و الإفتراء التي تمارسه بعض المواقع و صفحات الفيس بوك التي تدعى أنها وطنية و أنها ستحمي الحمى. إن هذه المواقع تقوم بنشر الفرقة و البغض و التحريض على العنف ضد كل من يرفع صوتا حرا ينادي بالإصلاح الذي لا ينزع فتيل المؤامرة غيره. قلت مع من قال، و لا نزال نكرر القول أن لغة التخوين و التحريض و خاصة في مواقع تعتبر شبه رسمية- لأن كل سوري يعرف كيف تُدارهذه المواقع - هذه اللغة لن تقدم لسوريا إلا مزيداً من الإنقسام و التحريض على العنف و إعطاء الإنطباع بأن الحوار مرفوض في سوريا و هذا بالضبط كما بات يعرف القاصي و الداني بوابة التدخل الخارجي .فكيف ستحاور من تصفه بأنه خائن ؟
كما هو واضح لمن يخاف على سوريا و يريد أن يرى الحقيقة أن البديل عن الحوار هو العنف الذي سيوصلنا إلى الحرب الأهلية و التدخل الخارجي المدمر و كلاهما سيحرق البيت بمن فيه. أستغرب أهيانا كيف أن الكراهية تمنعنا من أن نعتبر مماجرى.
موقع جهينة كذب بوقاحة عندما ادعى أنني أجريت لقاءً مع قناة الجزيرة شكرتها فيه باسم الفنانين السوريين على ماسماه الموقع و صاحبته فاديا جبريل التغطية الموضوعية و النزيهة للأحداث السورية.كما هو واضح أنا لم أجر أي لقاء أتناول فيه الأحداث في بلدي سوريا لا مع الجزيرة و لا مع غيرها أثناء و جودي في مهرجان الدوحة السينمائي و السيدة فاديا لم تستطع أن تقدم دليلا على خبرها الكاذب. لكن يبدو أن افتراءها الوقح لا يحتاج لأي دليل.
استكملت السيدة مقالها بسيل من التعليقات البذيئة و الشتائم الجنسية و طبعا مضافا إليها الطعن و التخوين. لقد نشرت هذه التعليقات دون غيرها في لعبة إعلامية مكشوفة و رخيصة كي تعطي الانطباع بأن عموم الشعب السوري يساندها و يؤيدها فيما ذهبت إليه من كذب وافتراء.و إذا كانت السيدة جبريل تعتبر نفسها و قلمها هم الموالاة فيالبؤسها من مولاة.
أولا أنا لست مخولا ولا يمكن أن أتحدث باسم زملائي الفنانين لا في هذا الأمر و لا في غيره لأننا لسنا على رأي واحد و لا من طينة واحدة.إنما نحن نعكس هذا الواقع السوري بكل جماله و قبحه، فما نحن برأيي إلا جزء منه. إلا أن هذا لا يمنعني بالطبع من القيام بواجبي في أن أعبر عن رأيي كمواطن - قبل أن أكون فنانا - فيما يجري لأنه يخص حياتي كما يخص حياة كل مواطن سوري. لقد شاركت بعض زملائي الفنانين في الأيام الأولى للأزمة و عبرنا عن رأينا الوطني من خلال بيان أعطيناه عنوان تحت سقف الوطن و يذكر الجميع كيف أن حملة تخوين شنت ضدنا من قبل بعض السلطة و بعض المعارضة و لكن هاهي الأسابيع و الشهور قد مرت و سال فيها دم سوري كثير و فتحت جراح لا أحد يعرف متى و كيف ستلتئم و أحرقت فيها ممتلكات عامة و خاصة و تطور الوضع بحيث أصبح للكل إصبعا به و لم يعد شأنا سوريا خالصا و لكن يبقى هذا البيان من وجهة نظري وطنيا و مخلصا و موضوعيا لأبعد الحدود و كنت سأندم كثيرا لو لم أوقع عليه.
صحيح أم الأحداث قد تجاوزته، لأن أحدا لم يصغ إليه، و أصبح مجرد وثيقة من وثائق الماضي القريب، و لكن عنوانه أصبح مصطلحا سياسيا يستخدمه الموالون و المعارضون. "تحت سقف الوطن "إنه شعار لكل وطني يغار على سوريا يأبى أن يكون جزءا من المؤامرة عليها قاصدا أو غافيا.و يومها و في تعليقي عن البيان لفضائية ال ب ب س قلت إننا نريد أن نقفز و لكن ليس إلى المجهول.و كنت أعني بالمجهول مانعيشه هذه الأيام من بغض طائفي و دعوات للتدخل الأجنبي و رصاص يصم صوته الآذان متفوقا على أي صوت للعقل.إذا نحن اليوم لسنا تحت سقف الوطن.و موقع جهينة بسلوكه الرخيص ليس تحت سقف الوطن و إنما تحت سقف المؤامرة التي يتحدثون عنها و هي وأد أي مؤشر لحوار وطني يؤدي إلى التغيير السلمي.
بعدها كان لي الشرف أن أكون واحدا من الموقعين على بيان المبادرة الوطنية السورية و بياناتها اللاحقة و التي تصر أنه لابد من الإفراج عن المعتقلين السياسيين و وقف الحل الأمني مقدمة لحوار ينبذ العنف بكل أشكاله كي ننتقل إلى سوريا الديموقراطية التي تتسع للجميع كي يشارك في مستقبلها السياسي و يطلق إمكانات شعبها و يستفيد من خيرها بالعدل و يحافظ على دورها القومي في مقاومة المشروع الصهيوني و تحرير الأراضي المحتلة.و عندما نقول تتسع للجميع نقصد أحزابا و أديانا و قوميات و مذاهب.و بناء على هذه المبادرة كان لنا لقاء مع رئيس الجمهورية استمر لثلاث ساعات عبرنا فيه عن رأينا و قلنا لا بد أن يكون هناك دستورا جديدا تعدديا مدنيا يضمن حرية الأحزاب و الإعلام و يفتح الطريق أما مشاركة كافة أطياف المجتمع السوري في صنع مستقبل سوريا. هذا البلد العظيم الذي تلطخت سمعته بفعل أشخاص كفاديا جبريل و موقعها الألكتروني البائس.
سهل جدا أن ننحط إلى لغة الشتيمة و التخوين كما فعلت أيتها السيدة فاديا جبريل و تلذذت بنشر كل تلك التهديدات و التعليقات البذيئة – التي لم تخدش حياءك كامرأة- دون غيرها اتجاهي، على أنها تعبيرات عن حس وطني لأشخاص وطنيين. لكن ما لا يدركه أمثالك أن المواطن السوري لن يقصد موقعك الألكتروني كي يأخذ شهادة بالوطنية و أنه من الصعب جدا عليكي و على أمثالك من التخوينيين أن تنلوا من سمعة و وطنية أناس مثلي كانوا على الدوام مخلصين لما يقولون و يفعلون. الأصعب و الأهم من ذلك هو أن نكون شجعانا و عميقي البصيرة في إيجاد مخرج لأزمتنا يجنبنا الحرب الطائفية و التدخل الخارجي و يحافظ على سوريا و وكيانها الذي صنعه الإنسان السوري على مدى آلاف السنين.
أنا لم أخف يوما على الرأي العام أنني مؤيد للحراك السلمي الذي يقوم به أهلي في سوريا كما لم أخف يوما يأييدي للمشروع الإصلاحي الذي تحدث عنه الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم و في لقاءاته الصحفية أو في لقاءاته الشخصية التي كنت في عدد منها .لم أخف ذلك لا أمام الرأي العام و لا أمام الرئيس نفسه أو أي من رجال السلطة اللذين قابلتهم و لم أكترث يوما بافتراء بعض المعارضين - اللذين لا يقلون افتراء عنك- على أنني رجل السلطة لأنه لا يضيرني ذلك إذا كانت السلطة ستقدم الخير لي و لأهلي و تجعل من سوريا بلدا ديموقراطيا عصريا و كذلك سأعارضها علنا إن لم تفعل ذلك .و كذلك لن أكترث اليوم لكذبك و افترائك عندما تعتقدين أنت وعصابتك أنني بعت نفسي للبترودولار. أنا بعت نفسي نعم .و لكن لبلدي و إبني و زوجتي و أهلي و أصدقائي و شعبي اللذين أحبهم و أشكرهم لأنهم هم من صنعني و هم من أريد أن أرد له الجميل.
و عليه فقد راجعت نفسي و اكتشفت أنني مخطئ بعودتي إلى القاهرة و بقائي فيها حفاظا على سلامتي الشخصية التي قد تنتهك بفعل مقالك الكاذب و قررت أن لا أحضر زوجتي و إبني إلى مصر التي أحبها كما أحب بلدي سوريا.و أحملك و من وراءك المسؤولية الأخلاقية و القانونية في حال حياتي لأي أذً.
قررت أن أعود إلى وطني، لأن سوريا وطناً لأمثالي و ليست لأمثالك.
جمال سليمان
القاهرة 30-11-2011