2012/07/04
بوسطة
يتواجد المخرج الشاب الليث حجو في بيروت بشكل متكرر في هذه الفترة، استعداداً للبدء بمسلسل اجتماعي لبناني جديد يقدمه في رمضان المقبل 2012، وذلك في ظل الأزمة التي تعانيها سورية نتيجة الحصار الاقتصادي عليها، وما تمر به من أحداث.
حجو، الذي يعتبر أن الأزمة في سورية لم تنته بعد، قال في لقاء مع صحيفة السفير اللبنانية: «يجب علينا كقائمين على الإعلام، والدراما جزء منه، أن نشعر بالمسؤولية أكثر، لأن الدراما تحولت الى سلاح، ولم تعد مجرد أعمال ترفيهية».
وأضاف حجو: «أرغب في إخراج عمل اجتماعي بالاستفادة من مساحة الحرية التي أصبحت موجودة أكثر في الشارع. وكنا بحثنا قبل سنتين في مشروع مسلسل مع الكاتبة كلوديا مرشليان في محاولة للإطلالة على الدراما اللبنانية. ولكن ارتبطت وقتها بمسلسل "الخربة". فلبنان مكان خصب جداً لصناعة دراما جديدة عربياً. وأعتقد أن لديه مقومات لصناعة الدراما الأفضل اليوم، وأن المقومات والمؤهلات الموجودة في سورية لصناعة دراما جديدة، متوفر ما هو أفضل منها في لبنان، كالحرية الفكرية، والتنوع بكل مستوياته بما فيه الطائفي، والأهم هو حرية وديمقراطية النقاش. فلبنان بلد منفتح على العالم بشكل متسارع، وهذا يتيح مجالاً هاما للمنافسة الدرامية ولصناعة إعلام متطور».
وعن مستوى المسلسلات اللبنانية يقول حجو: «لا يمكنني تقييمها لأن الشرط التسويقي ما زال يفرض نفسه بقوة. عندما نشاهد عملا يتجاوز هذا الشرط، ولديه المساحة الكاملة من الحرية، يمكننا عندئذ تقييمه. فالشرط التسويقي يشكل حصارا والعائق الوحيد لصناعة دراما متقدمة».
وعن الدور الذي يلعبه ضعف النصوص في هذا المجال، يعتبر حجو أنه «عندما لا يكون هناك توزيع جيد في الأسواق العربية والخليجية، تُقدم عندئذ تنازلات فكرية وفنية في العمل، لقيامه بناء على فكرة مموّل وليس لصالح مشروع ثقافي. وعندما يكون هناك ميزانية محدودة فإنها تتحكم بالنص وتؤثر على آلية التفكير تجاه العمل، أي إنه يتم تفصيل العمل بناء على ميزانية وأفكار مسبقة. وخلاف ذلك، فإننا سنشاهد عملا جيدا، يعبر فعلا عن الحالة الفكرية الموجودة في لبنان».
وعن الممثل اللبناني الذي تعامل معه في عدد من أعماله، يقول حجو: «إنه مظلوم، وهو يستحق أكثر من الفرص المتاحة له في الدول المجاورة، يستحق دراما ناجحة خاصة به. لقد شاهدنا فيلم "هلأ لوين" يشارك فيه ممثلون غير محترفين، فما بالك بالمحترفين؟ ليس صحيحاً القول إن الممثل اللبناني طاقاته متواضعة، بل إن الفيلم قدم أناساً من الشارع كانوا أقدر من ممثلين محترفين في الدول المجاورة. أستغرب الأفكار المسبقة التي تروج لعدم وجود نصوص أو ممثلين أو مخرجين جيدين في الدراما اللبنانية. والسينما اللبنانية مع كل الظلم الذي وقع عليها، ما زالت أكثر تسويقا في الدول المجاورة، باستثناء مصر. وسورية بكل المقومات التي تمتلكها لم تستطع إنتاج فيلم جماهيري مثل "هلأ لوين"، رغم أنه لا يعتمد على نجوم، ولا على تاريخ تسويقي لفنانين كبار».
ورداً على سؤال حول مسلسله الأخير "الخربة" يقول الليث: «لم أتوقع في الظرف السياسي الراهن مشاهدة أعمال درامية، وكوميدية تحديدا، تبعا للمزاج العام. وكنت أرى أن الدراما الوحيدة الممكن رؤيتها هي دراما النشرات الإخبارية. وفي الوقت نفسه، شكل "خربة" العمل الوحيد الذي يمكن أن أطلّ عبره على الشارع، فلم يكن بالإمكان تجاهل ما يحدث».
وحول كيفية التنسيق مع الكاتب ممدوح حمادة الموجود خارج سورية، يوضح حجو: «لم يعد هناك حالياً ما يمكن أن يحجر على الأخبار، وكنت أسمع أحياناً من حمادة أخباراً عن سورية قبل أن تصل إلينا. وكنا نتناقش بالفكرة وكان قابلاً للتفاعل سريعاً مع الحدث. وتطرقنا في "الخربة" إلى كيفية تعاطي الأنظمة العربية مع ثورات الربيع العربي وواكبنا الأحداث، وإلا لكنت ترددت في تبنيه».
وعما إذا كان ثمة قلق جراء تضمين "الخربة" رسائل سياسية داخلية، خصوصاً بعد تخوينه وزملاءه من موقعي بيان «سقف الوطن»، يقول مخرج "ضيعة ضايعة": «كنا قلقين من اعتبارنا أننا استغللنا الظرف لنمرر وجهة نظرنا الخاصة من الأحداث، ولكن هناك أيضا من يقول بأن حاجز الخوف انكسر لدى الجميع. الدراما السورية كانت قبل الثورات العربية متقدمة على الشارع أحياناً، فكان من المعيب أن تكون متأخرة عنه اليوم، حتى ولو كانت بعض النتائج تنطوي على خطورة. ولكن رغم ذلك، الشارع اتهم الفنانين بأنهم لم يكونوا بمستوى الأحداث، وطبيعي أن يقولوا ذلك لأنهم في حالة غضب، ولكن الغضب ليس لسان حال الفن، فهو مشروع ثقافي يفترض به الحفاظ على أساليبه ولغته الثقافية والفنية، مهما ارتفعت وتيرة الحوار أو الغضب في الشارع. وهذا لا يعني أيضاً أن الفن كان متأخراً أبداً».