2013/05/29
بشار إبراهيم – الحياة
يستعين كثير من القنوات الفــضـــائية بنـــجوم ونجمات، من الممثلين والممثلات. لا تفسير لذلك إلا توسّل مزيد من الإقبال على مشاهدة البرامج التي تقوم على بريق هذا النجم، أو تلك الممثلة. ربما يكون الأمر مفهوماً إن كان ذاك في برامج تحتاج لبراعات في التمثيل وتنويعات في الأداء وقدرة على التفاعل الضاجّ، سواء داخل الأستوديو، أم بين الشاشة وجمهورها.
لم يعد الأمر جديداً، مرّ على ذلك سنوات، عرف فيها غير نجم الطريق إلى الشاشة الصغيرة، ولكن ليس من باب أدواره في هذا المسلسل أو تلك السهرة الدرامية، بل من خلال حلقات برامج يبقى عنوانها الأبرز، وقوتها الضاربة، متمثّلة في الحضور الأدائي التمثيلي الذي يتميز به الممثلون والممثلات، أكثر من الحاجة ههنا إلى المهارات في مجالات التقديم والحوار، التي يتمتع بها المذيعون والمذيعات!
ستبقى الحال مقبولة، ولن يُواجه النجوم بعلامات استفهام، أو إشارات استغراب، طالما أن الاستعانة بأهل التمثيل محلّ أهل التقديم تجري في مجالات محددة، لا يباريهم فيها أحد. هذا ممثل يستعين بما لديه من طاقات وإمكانات تمثيلية، غايتها القدرة على المزيد من الإضحاك وجذب الانتباه وشدّ الجمهور وتسميره أمام الشاشة. يمكن لهذا الممثل أن يتقافز هنا، ويتراقص هناك، ويقوم بحركات استعراضية، فيها أشياء من تلك الخفّة، التي يتمنّع كثير من المذيعين عن القيام بها، على الأقل لأسباب تتعلّق بوقار صورتهم وجدية ظهورهم وحفاظاً على رصانة أدائهم، وبالمقدار الذي تتطلّبه هوية الشاشة التي يعملون فيها.
لا تبتعد مسألة الاستعانة بنجم من أهل التمثيل، عن فكرة الاستعانة بنجم من أهل الرياضة أو السياسة أو حتى الفكر! لكنّ الرائز الأساس في هذه الاستعانات، ينبغي له أن يبقى ملتزماً بحدود المهنة والاختصاص وأهميته وجدواه وعائده! كما ينبغي أن لا تتغافل هذه الاستعانات عن التخصّص المهني الذي يمتلكه كلٌّ في مجاله، بدءاً من بدهية أن تقديم البرامج وإدارة الحوارات هي شأن احترافي أولاً، فضلاً عن كونه مهارة ثانياً، بالتالي يُختار ممتهنه وفق معايير مهنية وضوابط عملية وشروط لا غنى عنها، وانتهاءً بأن «يُعطى الخبز لخبّازه»!
نتساءل: ما المبرّر أن يقوم كاتب صحافي، لا يملك خامةً صافيةً في الصوت، ولا سلاسةً رقراقةً في اللفظ، ولا رشاقةً باديةً في المظهر، ولا مرونةً ظاهرةً في الحضور، بتقديم برنامج أساسه ضوابط اللغة ومبادئ الفلسفة وركائز العقيدة؟ ولماذا يجلس ممثل رقيق في مقعد المذيع ليحاور في شؤون السياسة والاجتماع والاقتصاد والدين؟ ومن تراه ينتبه إلى عدد الشيوخ وأئمة المساجد الذين تركوا المنابر، وتحولّوا إلى شاشات يناوشون عبرها هذا وذاك، ويردّون على هذه وتلك، فيخوضون في مجالات السياسة والفن والاقتصاد والفلك وحديث الثورات؟
أليست هذه استعانات نافلة، لا ضوابط لها... ومعايير لا تنبئ إلا عن اختلاط الحابل بالنابل؟