2012/07/04
لميس علي - الثورة
غالباً.. هي تعويذة تمارسها الخشبة في كل مرة تنعش فيها ذاكرتنا تجاه نص من نصوص كبار المسرح العالمي، ولطالما ازدحمت الذاكرة بنصوص دراما (المأساة) التي برع فيها كبير المسرح الإنكليزي وليام شكسبير دون أن ينسى نوع (الملهاة).
نص (الليلة الثانية عشرة) يتشبع قطفات رومانسية، تفيض مفارقات كوميدية.. ودعابات ساخرة.
إذ تبدو الكوميديا رافعة النص.. الوتر الملعوب عليه بذكاء ودقة وصولاً لغاية التأثير في المتلقي.. ضحكاً.
تماماً بهذا الاتجاه تم العمل على النسخة الجديدة من هذه المسرحية التي قدمها طلاب السنة الثالثة- قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية، إخراج الدكتور عجاج سليم، احتفالاً بيوم المسرح العالمي على الخشبة الدائرية.. طلاب ستنسى معهم أنهم يواجهون الجمهور لأول مرة.
العمل يحافظ على أجواء الدراما الشكسبيرية.. يأتي بالحكاية ذاتها..بأبطالها أنفسهم ضمن إحداثيات القصة عينها.. ويُدعم ذلك بأزياء نقلت مناخات ذات الزمان بألقابه وتفاصيل التدرجات الاجتماعية لأناسه.
لربما شغلت البال، بالدرجة الأولى قصة الحب التي شكلت بذرة الحكاية..ومع هذا لايعدم متأمل للنص الشكسبيري وقارئ حقيقي له (الحبكة) المشغولة بفهم ووعي كامل لذاك المجتمع، وهو مايؤمن غوصاً جلياً في بنى الطبقات الاجتماعية آنذاك.
فالدوق (أورسينو) يحب الليدي (أوليفيا)، وهذه تقع بهوى رسوله إليها، وهو في واقع الأمر ليس إلا الفتاة (فيولا) التي تعشق بدورها الدوق.
لعبة درامية.. تقوم على تصعيد (الحبكة) عبر (تعقيد) خيوطها، وصولاً إلى لحظة الذروة، عند اجتماع كل الشخصيات وتكشف الحقائق، فالرسول (التابع) المزعوم هو (فيولا) التي تتشابه تماماً مع أخيها سباستيان الذي تتزوجه في نهاية (أوليفيا).
تصعيد الحكاية.. الذي يبنى على وجود (لغز) لايدركه المتلقي سريعاً..
يُحل بهذا النوع من الدراما (الملهاة) بأيسر السبل، ويكفي أن نكتشف لحظة الخاتمة أن سباستيان الذي تخاله (أوليفيا) على أنه من أحبت وتزوجت هو شقيق (فيولا) الذي اختبأت بشخصية رجولية.
لاتقدم المسرحية (العرض) تعليلات أو تفسيرات مبررة، فراق الشقيقين وقيام الأخت بلعب دور الرجل.. لاتنشغل بكل هذا..
فالمهم البناء على هذه المفارقة.. وتفرعها إلى مفارقات أخرى كانت جوهر الكوميديا في النص.
أيضاً يمكن التنبه إلى وجود عالمين في بنية مجتمع ذاك الزمان..
يرصد النص، ولو كان رصداً لامباشراً، عوالم الطبقات العليا والطبقات الدنيا.. على التوازي كل منهما ينسج حكايته الخاصة.
(الليلة الثانية عشرة) عبر كوميديا مطعمة برومانسية، عبر أداء لشباب في وقوفهم الأول أمام الجمهور.. تمكن من قطف ردود أفعال مأمولة من جموع المتلقين، مع ملاحظة أن الكوميديا كانت ذات شقين: أدائية (حركية)، ونصية بالعموم..
وهج الكوميديا.. الانسياق وراءها لم يؤدِ لنوع من انفلاش أيضاً..
هناك حالة عمد إليها تمثلت بكسر (العودة إلى الوراء).. والانفلات، ولو قليلاً، من الطقس الدرامي الشكسبيري.. عبر إدخال موسيقا عصرية كانت بمثابة فواصل تُنعش الممثل والمتلقي على حد سواء.. ثم تعيد تواصله - أي المتلقي- من جديد مع الحكاية المقدمة إليه.
كما تم استخدام بعض الكلمات والعبارات من اللغة المحكية..وكأنما جاءت هذه إحياء لنوع من تواطؤ ظريف ومشروع مابين المرسل والمرسل إليه.
احتيالاً والتفافاً على النص.. أو وسيلة لعقد اتفاق مابينهما إشعاراً بكون المعروض مجرد حكاية ماضوية لا أكثر.
الممثلون:
أسامة الحفيري، إيناس زريق، جيانا عنيد، روبين عيسى، ريما سلوم، حسين الشاذلي، شادي عفوف، محمد حمادة، محمد رفاعي.