2013/05/29
زبيدة الإبراهيم – البعث
صوته جزء من ذاكرتنا الجمعية ورنين هذا الصوت ومناقشاته مع الرائد هشام جعلت من المساعد جميل ركناً أساسيا في برنامج حكم العدالة الإذاعي وفي متابعتنا له، وفي هذا العام استطاع بمشهد واحد في مسلسل " زمن البرغوث" من تأليف محمد الزيد وإخراج أحمد إبراهيم أحمد أن يقدم جملة انفعالات دفعة واحدة فها هو المختار أبو قاسم الرجل العصبي الشهم والطيب يرى ابنه بعد قطيعة لأكثر من عشر سنوات بسبب طرده له إثر وشاية لم تكن صحيحة فتكون العودة كبيرة بحجم الغياب، في هذا المشهد قدم الفنان أحمد مللي كل تناقضات تلك الشخصية وعواطفها وعاينا الشوق المكبوت مترافقا مع الندم، هذا الأداء الراقي يدفعنا لسؤال الفنان أحمد مللي عن سبب تغيبه عن دراما البيئة الشامية كل هذه السنوات فنحس الألم يتصاعد من نبرة صوته حين يقول:
حقي مهضوم في أعمال البيئة الشامية فهناك أعمال كثيرة هامة لم أشارك فيها مثل: "باب الحارة، الخوالي، ليالي الصالحية" ومشاركتي الأولى في هذه الأعمال كانت في العام الماضي من خلال مسلسل "الدبور" وفيها قدمت شخصية أبو ماضي -طبعا عرض علي أدوار في الماضي ولكنها لم تكن مقنعة بالنسبة لي ويحز في نفسي ألا أكون من المشاركين في هذه الأعمال- وأنا بالمناسبة غير متطلب فعندما أشعر أن دوراً من لحم ودم والشخصية تنبض بالحياة أوافق فورا دون أن أقيس حجم دوري بعدد المشاهد . وأنا أؤمن بمقولة أنه ليس هناك دور كبير ودور صغير هناك ممثل كبير وممثل صغير وأنا أشعر في داخلي أني بطل المسلسل حتى لو مثلت في عدد محدود وصغير من المشاهد ، ففي مسلسل " زمن البرغوت " عملت 50 مشهداً فقط وأشعر أني واحد من أبطال العمل . فأنا أحاول جهدي خدمة الشخصية لأنه بقدر ما يخدم الفنان الشخصية و يتفاعل معها ويفهمها يستطيع إيصالها للناس وتصل للجمهور هذه هي البطولة بمفهومي والدور لا يقاس بالشبر، والعمل الفني هو عمل جماعي بامتياز، فالدراما السورية نجحت وتميزت باعتمادها على البطولة الجماعية وليس على البطولات الفردية وهذا ليس شيئا جديدا على الدراما السورية بل هو موجود حتى من أيام الأسود والأبيض .
كما شاركت في مسلسل "أوراق بنفسجية" الذي يتضمن بعض كوميديا الموقف وأنا بالذات لست محسوبا على "الكوميديانات" وأنا مقل جدا في هذا النوع والحقيقة لا يعرض علي أعمال كوميدية ربما بسبب شكلي الذي قد يوحي بالقسوة لكن أنا أتمنى أن أشارك في جزء من أجزاء بقعة ضوء لأنها من الأعمال التي أحبها، وبالنسبة لي أنا من الفنانين الذين لا أحب أن أشارك بأكثر من عمل أو عملين في العام والحقيقة أنا أنتقد زملائي الفنانين الذين يشاركون في أعمال متعددة في العام وأنا برأيي أن عملين يمكن أن يكونا كافيين.
والحقيقة أننا بدأنا نلمس بعض السلبيات التي بدأت تتسلل إلى الدراما السورية فنبدأ من التفاوت غير المعقول في أجور الفنانين وهذا بات مرض الدراما السورية وهو موضوع غير منطقي فأنا اليوم عمري الفني أكثر من 40 سنة ومن الممكن أن يأتي خريج جديد "مع احترامي للجميع " ويأخذ أجري مضاعفا عشر مرات هكذا ببساطة هذه المعادلة لم أجد لها حلاً وأسأل نفسي هل نحن دخيلين على المهنة أم فنانين حقيقيين فإذا كنا دخيلين فليقولوا لنا اذهبوا الله معكن وهذا مرض من أمراض الدراما السورية وأرجو أن يجدوا له حلاً.
السلبية الثانية أن بعض شركات الإنتاج للأسف وبعض المخرجين يبحثون في الحلول الجاهزة فعندما ينجح ممثل بدور ما نجدهم يكررون هذا الممثل في الأدوار المشابهة والعمل الفني يحتاج لمغامرة ومفاجأة الجمهور، لكن وللأسف باتت هذه المغامرات نادرة بالرغم من محبة الجمهور لها، ففي هذا العام غامر المخرج حاتم علي بالفنان الشاب سامر إسماعيل الذي أثبت مقدرة عالية ولفت الأنظار إليه وكان من العوامل الإيجابية التي ساعدت في نجاح مسلسل عمر، وأنا ضمنياً أعلم أنه لا ينقصني شي ء لألعب دور البطولة في عمل ما بل بالعكس وقد جربتها سابقا في عدد كبير من المسلسلات الأردنية في بداية التسعينيات من القرن الماضي ونجحت فيها، وهنا أؤكد أن المغامرة هي ما نحتاج القيام به .
من المعروف أن الفنان مللي من الممثلين الذين يعملون بجد كبير في الدراما الإذاعية وهو يعتبر نفسه عاشقا للإذاعة ويعمل بها على مدار العام في البرامج أو المسلسلات وأدى شخصية المساعد جميل لأكثر من عشرين عاماً، لكن عندما تحول هذا البرنامج الإذاعي إلى عمل تلفزيوني باسم "وجه العدالة " أدى دوره الفنان جرجس جبارة فكان لا بد أن نعرف من الفنان مللي عن سبب عدم مشاركته في وجه العدالة ليجيبنا:
الحقيقة لم يطلبني أحد للعب الدور وسئلت أكثر من مرة ولم يكن لدي إجابة فالفنان سامر المصري الذي كان المنتج المنفذ لوجه العدالة هو من رشح الفنان جرجس جبارة للعب الدور والصراحة أنا انزعجت فسني كان مناسباً لهذا الدور وقد لعبته لأكثر من عشرين عاما إذاعيا حتى بات باستطاعتي ارتجال بعض الأشياء بالنسبة لهذه الشخصية وأسر الفنان سامر المصري لأحد أصدقائي الفنانين بأنه أخطأ بعدم إسناد الدور لي .