إيلاف المصري: تواجه مهنة المكياج الدرامي حالة فوضى لعدم وجود نقابة مهنية ننتمي إليها.

  خاص بوسطة – أحمد الشيتي شخصية طموحة, حالمة, متعاونة, أثبت جدارته من خلال أعماله الدرامية التي قدمها على الشاشة الفضية, فحقق في مهنته ما لم يحققه غيره بسبب الموهبة الكبيرة التي يمتلكها، وترك بصمة واضحة في عالم المكياح الدرامي أوجد من خلالها جواً من الثقة جمعته مع الكوادر الفنية والتقنية في الدراما السورية والعربية, إنه الماكيير إيلاف المصري...   في البداية, نريد أن نعرف عن نشأة المكياج الدرامي. منذ الأزل الشعوب القديمة لجأت لأمور التجميل, الشعوب الصينية كانت تستخدم مساحيق الأرز وتطور معها الفن المسرحي, واليابانيون كان لهم فن خاص للتجميل, وهناك شعوب استخدمت عدة أنواع من الأصبغة أيضاً لغرض التجميل والتزين, وجميع هذه العوامل طوَّرت فن المكياج, لحين نشأة المكياج السينمائي والتلفزيوني. خبراء التجميل الذين أسسوا هذه المهنة وضعوا مرتسماً للوجه تحت شعار "المكياج يجعل الفتاة الجميلة أجمل والمرأة القبيحة تظهر أقل قبحاً", المكياج التلفزيوني والسينمائي يعتمد على تقسيم الوجه بمبدأ ثلاثي الأبعاد طول عرض وعمق والمرتسم يحوي فقط طول وعرض ويلغي العمق, وهنا يأتي دور الماكيير  ليرسم الوجه ويظهره على الشاشة بعد عمل التعديلات المطلوبة. ما هي أهداف المكياج التلفزيوني والسينمائي؟ أهداف المكياج الأساسية هي: تحسين طبيعة البشرة، لأن هناك بشرة تعاني من الشفافية, فعند الإضاءة تظهر بقع غامقة، والماكيير يحاول عمل تجانس للوجه ليظهره بطريقة جميلة, إضافة لتعديل نوعية الأداة المستخدمة التي تعاكسها الكاميرا, لتتجاوب مع الإضاءة أكثر, وهناك وجوه تملك بروزات واضحة نبسطها لتلائم الكاميرا أيضاً. في هذه المهنة نعتبر الوجه البيضوي هو أفضل أنواع الوجوه الملائمة للكاميرا. فنحن نحاول قدر الإمكان أن نجعل وجه الممثل بيضوياً من خلال لعبة الألوان, والهدف الأساسي للمكياج هو صنع كاركتر الشخصية, (التكبير والتصغير، الشيخوخة والشباب). أعلم أن دراستك ليس لها علاقة بهذه المهنة، فهل المكياج يعتمد على الممارسة قبل الدراسة؟ صحيح, أنا حاصل على شهادة هندسة نظم شبكات, ومعهد متوسط إليكترون, أما بالنسبة للسؤال, فمنذ صغري وأنا أرافق والدي (محمد صبحي المصري) الذي هو أول ماكيير درامي, عمل في التلفزيون العربي السوري منذ بدايات تأسيسه, فكنت دائماً أجلس لفترات طويلة أراقب والدي كيف يعمل, وكيف يستعمل المواد, وكيف يظهر الوجه قبل المكياج وبعده, فأصبحت هذه المهنة تستهويني بشكل كبير, والدي هو معلمي الذي تدربت على يده, إضافة إلى اعتمادي على مناهج مقروءة وفيديوهات لها علاقة بمهنة المكياج, وأهم شيء تجربة الصح والخطأ, كنت دائماً أعمل وجهاً معيناً وأراقب كيفية ظهوره على الكاميرا, وأبقى أعدل حتى أرى النتيجة التي ترضيني, فالممارسة كانت مهمة جداً لتطوري في المهنة. إذاً أنت تمارس مهنة المكياج منذ فترة طويلة. فعلياً اتخذت قرار الدخول إلى هذه المهنة منذ حوالي 13 سنة, والذي شجعني على ذلك التصوير الذي كنت أعشقه وله علاقة بشكل أو بأخر بمهنة المكياج. وأحمد الله أنني حققت ما أطمح إليه على الصعيد العملي. مع العلم أنني كنت متردداً قبل دخولي المهنة. هل كانت هناك صعوبات في بداية احترافك للمهنة؟ لم تكن هناك صعوبات بالمعنى الحقيقي, لكن الصعوبة كانت تكمن في تأمين مواد المكياج من الخارج, لأنه في البدايات كان يمنع استيراد المكياج, وحتى الآن هناك مواد يصعب تأمينها, خاصة بوجود مدة صلاحية معينة للمواد, فيجب أن تصل في وقت محدد قبل انتهاء مدتها, وكما قلت الصعوبة مازالت قائمة. هل الماكيير قادر على إنجاح عمل أو إفشاله؟ بالتأكيد, مهام الماكيير في أي عمل تلفزيوني أو سينمائي يعتبر من الأساسيات, فالتجميل المبالغ فيه يكون مرفوضاً في جميع الحالات, ونحن في سورية تجاوزنا هذه المرحلة, على سبيل المثال عندما نرى ممثلة مستيقظة من النوم واضعة مكياجاً كاملاً, فإن ذلك يدل على عدم مصداقية وهو شيء غير منطقي, لكن الآن الممثل وصل لمرحلة وعي قادر معها على تجاوز هذه المشكلة بشفافية. فيجب على الماكيير أن يكون ملماً بأمور الحرفية الدرامية. أصحاب هذه المهنة, برأيك، هل نالوا حقهم في الدراما السورية؟ صراحة, الأعداد التي دخلت للمهنة مبالغ فيه, ومعظمهم لا يمتلكون قدرة على العمل في المكياج الدرامي بمعنى الكلمة, المهنة غير محمية بنقابة الفنانين, لأن القانون رقم 13 لم يشمل مهنة الماكيير التلفزيوني على الرغم من أننا قدمنا طلبات لكن للأسف لم نكن في حسابات المسؤولين, لذلك مهنة المكياج غير مشمولة في أية نقابة، وأعتقد أنه يجب حماية أشخاص المهنة وتثبيت حقوقهم. ماهي الاختلافات في مكياج الدراما عن المكياج العادي؟ التجميل التلفزيوني أصعب برغم عدم اعتماده بالدرجة الأولى على الألوان وظلال العين, بقدر اعتماده على معالجة البشرة وعيوبها. كما هناك بنود ليست متواجدة في المكياج العادي, فالمجال التلفزيوني أوسع ويحتاج إلى قدرات أكبر, وباب الاجتهاد فيه مفتوح. لعدم وجود قوالب جاهزة يعتمدها الماكيير لشخصيات محددة. ماهي المواصفات التي يجب أن تتوافر في خبير الماكياج؟  أن يعتمد على الحيلة, بمعنى أن يكون لديه أفق, لا أن يعتمد بشكل أساسي على المواد الأصيلة, بمقدروه أن يستخدم مواد أولية، وإجادة رسم وجه درامي تظهره بنتائج جيدة, ومن جهة أخرى يجب أن يمتلك الخبير الموهبة والحس الفني, ليستطيع المنافسة أمام العدد الهائل من خبراء هذه المهنة. هل الخبرة كافية في هذا المجال الذي يتسم بالمنافسة؟ إلى حد ما, لكن البصمة التي يحققها أي ماكيير هي البصمة التي تميزه عن غيره، والقدرة على إيصال فكرته ورؤيته في آن واحد. إضافة إلى الذوق الذي يتمتع بها الماكيير بتكوين الخطوط الرئيسة لشخصيته، ولكل مجتهد نصيب. هل هناك أمور لا يستطيع الماكيير أن يقوم بها في المكياج التلفزيوني؟ هناك ثلاثة أشياء الماكيير غير قادر على عمله. إذا كان الشخص سميناً لا نستطيع تنحيفه, إذا كان الشخص صاحب بشرة غامقة لا نستطيع تفتيحها, وإذا كان الممثل كبيراً بالسن أيضاً لا نستطيع  تصغيره (نفعل ذلك لحدود) لكن العكس صحيح في جميع هذه الأمور.  كيف تصنف علاقتك مع المخرجين, هل هناك تدخلات بعملك من قبل المخرج؟ علاقتي معهم جيدة جداً, بما أنني أستوعب وجهة نظر المخرج حول الشخصية, كما أنه شيء طبيعي أن يتدخل المخرج بصفته رب العمل, وهو المسؤول عن العمل ككل, لكن في بداية أي عمل أدرس طبيعة الشخصيات وأحاول قدر الإمكان إيصال الشخصية المكتوبة على الورق للواقع, ويبقى النقاش والتشاور مستمراً بيني وبينه طيلة فترة التصوير. من المخرج الذي ترتاح للعمل معه؟ الأستاذ خالد الخالد، خاصةً وأنني أتعامل معه للمرة الثانية بمسلسل "أقاصيص مسافر", بالفعل هو يتعامل مع الكادر التقني ككل بأريحية تامة بعيداً عن التوترات. إضافة إلى المخرجَين غسان جبري ومأمون البني. أي نوع من الدراما تفضل العمل فيه؟ أعشق الأعمال التاريخية على الرغم من أن مجاله أصعب وطبيعته التصويرية تتسم بالصعوبة أيضاً, خاصة وأن التصوير يكون في أماكن مفتوحة, لكن تبقى لها خصوصية, لأن الماكيير يترك فيه بصمة جميلة وتميزاً بشخصيات العمل. هل هناك فنان معين أو فنانة تحب العمل معها؟ بدون دبلوماسية, أحب العمل مع جميع الفنانين, لأن كل فنان يملك مواصفات تختلف عن الآخر, وهذا يحفزني على التميز دائماً. هل هناك صعوبات أو خلافات دارت بينك وبين أي ممثل؟بشكل عام لا, لكنني أفضل عند جلوس أي ممثل على كرسي المكياج أن يكون أسيراً له, وأتضايق من الممثل الذي  يتكلم على المحمول ويحرك وجهه, هذا الشيء يقلل تركيزي ويتعبني. مثل من؟ بدون تعليق.   هل أنت مع التعددية في فريق عمل الماكيير؟ أصبحت أؤيد موضوع التعددية, بمعنى أن يكون ضمن فريق المكياج أكثر من شخص, العمل الدرامي صعب ويحتاج إلى مجهود ووقت, فيجب أن يكون لديك فريق يساندك للخروج بنتائج شبه مثالية, لأن هذا العمل مرهق للأعصاب ويحتاج إلى مساعدين. من الذي يساند إيلاف المصري في عمله؟ مدام لارا الحلبي التي تتعاون معي منذ حوالي سنة ونصف, والتي أثبتت جدارتها في هذه المهنة. ما هي أهم المسلسلات التي عملت فيها؟ مرايا، سيف بن ذي يزن، أبناء القهر.  ماهي أمنياتك للمهنة؟ ضروري جداً أن يكون هناك تأمين للذين يعملون بهذه المهنة, وأن تكون هناك رخصة عمل بهذا المجال, لحفظ الحقوق المعنوية والعملية, وحالياً تواجه مهنة المكياج الدرامي حالة فوضى تسيء للمهنة لعدم وجود نقابة مهنية ننتمي إليها. شكراً جزيلاً لك..