2012/07/04
عبد الرحمن السيد- البعث
إسماعيل خلف وجه بارز من الوجوه المسرحية على مستوى الحركة المسرحية والفنية في القطر فهو كاتب وممثل ومخرج مسرحي قدم العشرات من الأعمال المتميزة عبر رحلة زادت عن ربع قرن وهو شاعر له مجموعتان شعريتان بالإضافة الى تجاربه في الكتابة للتلفزيون، كما أنه قام بإخراج أعمال كبيرة مثل افتتاح دورة الوفاء بالحسكة واختتامها وافتتاح عيد الشبيبة وعيد الفلاحين ومهرجان الفنون الشعبية بالحسكة.
كرّم في العديد من المهرجانات وفي العديد من المحافظات وآخرها تكريم دار فنون عربية في العراق عن عطائه المسرحي ، وتكريم اتحاد الكتاب العرب في دمشق له بعد حصوله على جائزة المسرح لعام 2011 .
عمل مديراً للمسرح الشبيبي الجامعي والعمالي وحالياً هو مدير للمسرح القومي بالحسكة، وللتعرف على تجربته كان لنا معه هذا الحوار:
< حقق المسرح القومي بالحسكة خلال العام المنصرم حضوراً متميزاً في كافة الفعاليات الثقافية والفنية في المحافظة ونستطيع القول إنه قفز قفزة نوعية فما سر هذا النجاح ؟؟
<< العمل المؤسساتي هو عمل جماعي فوزارة الثقافة ومديرية المسارح قدمت لنا كل ما يلزم لكي يكون للمسرح القومي حضوره المتميز على الساحة الثقافية في المحافظة إضافة إلى تعاوننا الدائم كمسرح قومي بمسارح المنظمات ولا يفوتني هنا الإشارة إلى التشاركية التي تربطنا مع مديرية الثقافة، والأهم جهود الفنانين الذين يعملون معي كخلية نحل في سبيل أن نؤسس لكل ما هو متميز .
< عملت لسنوات طويلة في مجال المسرح الشبيبي والجامعي ماهي ذكرياتك عن تلك الفترة؟
<< الفترة ليست بعيدة وما زلت متواصلاً مع هذين المسرحين كمشرف فني لما أكنّه لهما من فضل وتقدير كبيرين، إذا جاز أن نقول إن تلك الفترة أصبحت بحكم الذكريات فأقول إنها ذكريات عطرة مفعمة بالعذوبة والحماسة والحب حيث الإخلاص والعشق والتفاني لخشبة المسرح، هذه الخشبة كانت منبع السعادة والوقوف عليها سواء كبر حجم الدور أم صغر هو ذروة الفرح،لا مطامع مادية ولا بحث عن شهرة إنما إرواء عطشنا وتحقيق ذاتنا، فترة أشبّهها بتراتيل دينية من قلوب صادقة الإيمان .
< وكيف ترى واقع المسرح السوري ؟؟
<< أنا أعتقد أن مشكلة المسرح تكمن في المسرحيين، كلنا نعشق المسرح... هكذا نقول.. هو الحب الأول والأخير، أنفاسك مع عبق أنفاس الجمهور... دقات قلبك ملتحمة بنبض الصالة، هذا التوحد والالتحام والنشوة لا يعرفها إلاّ من وقف على خشبة المسرح، هكذا نردد دائماً ولكن يبدو أن هذه الأحاسيس أصبحت اليوم شفهية حيث إن كاميرا التلفزيون اختطفت أغلب الممثلين الموجودين على الساحة، حتى إن المعهد العالي للفنون المسرحية كأني به يخرج كوادر لخدمة صاحبة الجلالة الكاميرا التلفزيونية، ورغم هذا فأنا متفائل وأشعر أن الواقع المسرحي بخير فهناك اهتمام من قبل وزارة الثقافة ومديرية المسارح وهذا الاهتمام ظهر واضحاً في العروض الأخيرة التي قُدمت على أغلب مسارح المحافظات إضافة إلى وجود مخلصين، رائحة خشبة المسرح بالنسبة لهم أزكى من كل عطور الدنيا، وثمة فنانون استطاعوا أن يوزعوا جهودهم بالعدل ما بين الخشبة والكاميرا .
< من المعروف عنك اهتمامك بالممثل بالدرجة الأولى والكثير من الممثلين يحققون حالة تميز عندما يعملون تحت إدارتك ما السر في هذا؟؟
<< لا يوجد سر في المسألة إنما هي مسألة علم وتعاون فني مابين المخرج والممثل، فالشخصية الموجودة على الورق أقرب ما تكون للصورة النيكاتيف وإظهارها وتلوينها ومن ثم بث الحياة فيها باستيعابها وتقمصها من قبل الممثل واستيعاب العمل استيعاباً كاملاً والتركيز على دور هذه الشخصية في مجريات أحداثه وعلاقاتها مع الآخرين، صراعها الدرامي معهم أو مع ذاتها، لماذا فعلت ما فعلت وقالت ما قالت، أما كيف فعلت هذا وكيف واجهت الموقف ذاك وكيف قابلت الشخصية تلك فهذا يتطلب منا الاعتماد على النص الذي بين أيدينا أن نبحث في ماضيها ولحظة وجودها في ساحة العمل، هذا الماضي بالطبع متخيل لكنه يجب أن يكون متناغماً ومنسجماً مع ما عرفناه عنها من خلال النص، هذا الماضي هو البيئة التي ترعرعت فيها الشخصية، الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للعائلة، تأثيرها وتأثرها بمحيطها باختصار كيف عاشت حياتها حتى وصلت إلى أول ظهور لها في النص المكتوب .
ويتابع خلف، إحاطتنا بما تقدم يوصلنا إلى فهم أعمق للحالة النفسية للشخصية وتركيبتها ونكون قبلاً قد حددنا عمرها ووضعها الاجتماعي بكل تفاصيله ؟ ننتقل بعدها الى معرفة تفاصيل حياتها وحركتها، ومع التدريبات نقوم بردم الهوة بين شخصية الممثل والشخصية المسرحية حتى تتشربها مسامات الأنا فتصبح قادرة على نقل الممثل من ذاته إلى الشخصية وبالعكس .
< أصدرت قبل فترة كتاباً عن تاريخ المسرح في الحسكة وحديثاً صدر لك كتاب عن مسرح الهواة في سورية كيف تقيم تجربتك في التوثيق المسرحي ؟؟
<< هذان الكتابان هما استحضار لقصيدة الفن الأرقى التي كتبها على الخشبة أولئك المفعمون بروعة نادرة على إنتاج الحياة من عصارة الألم والأمل، لقد غاب كثيرون ولكنهم ظلوا متألقين كما تفعل الشمس حين نخدع بزوالها وراء الآفاق آخر كل يوم . الكتابان هما تحية عرفان للكثير من المسرحيين الماثلين في ساحة ذاكرتي .
< أمنية أخيرة :
<< على مستوى العام السعادة والطمأنينة والفرح لكل أطفال العالم وعودة الأمان والاستقرار لبلدنا الحبيب.
على المستوى الشخصي : أن أملك عربة وحصاناً أتجول من قرية لأخرى أبيع السكاكر للأطفال وأستمع من راديو عتيق لأغاني فريد الأطرش وسعاد محمد دون أن يكون لي أية دراية بما يجري في هذا العالم .