2013/05/29
خاص بوسطة_ عوض القدرو
من يعلم ومن لا يعلم .. من يدري ومن لا يدري ... من يتجاهل ومن يتبرأ ... فالواقع يقول أن هناك سينما سورية بدأت عام 1928 سينما عمرها الزمني اليوم أربعةٌ وثمانون عاماً و لا يوجد هناك مكانٌ واحد نستطيع الرجوع إليه لنتعرف على تاريخ السينما السورية بكافة قطاعاته ( الخاص ,,,العام ... و الإنتاج السينمائي الخاص بالتلفزيون العربي السوري ... و الإدارة السياسية ... ) إذا حاولنا الخوض في هذه المعمعة فسنجد أنفسنا أمام كارثة وطنية فنية حقيقية ,,, لا مكان فيها للمسامحة أو الغفران ..... أجيالٌ بأكملها لا تعرف عن تاريخ السينما السورية أي شيء وربما تعرف القليل ممن حاول القراءة أو البحث المتوفر بشكل فقير عن هذه السينما ... شاء من شاء يجب الاعتراف أن هناك عمالقة و أسماء كبيرة وكبيرة جداً حفرت أسمائها بالذهب في مسيرة صناعة السينما السورية و يعود الفضل لها بصناعة سينما سورية غابت اليوم معظم أسُسها وقواعدها وحتى أبسط أبجدياتها ... لنعترف ونقول أننا اليوم أشباه هواة بصناعة السينما ورواد السينما السورية السابقون هم المحترفون ... لو حاولنا اليوم الغوص في كافة المفردات لوجدناها ضائعة وتائهة في أروقة التجاهل والجهل والعلم بالشيء ... فهل من المعقول أنه لا يوجد اليوم في سورية مكتبة سينمائية يوثق ويحفظ تاريخ السينما السورية .... هناك من صرخ و طالب بإحداث معهد عالي للفنون السينمائية و أعتبره البعض أنه ضرورة وحاجة مُلحة و طبعا أنا من المؤيدين بشدة لهذا الطلب ولكن قبل الخوض بهذا المشروع ألا يوجد أسس يجب أن يقوم عليها هذا المشروع ... لو نظرنا إلى مصر لوجدنا أن هناك معهد للسينما ولكن يوجد أيضا المركز القومي للسينما الذي يجمع كل تاريخ السينما المصرية من فيلم العزيمة أول فيلم مصري عام 1927 ولغاية يومنا هذا .. في روسيا أيضا الأمر كذلك بكل معاهد السينما في العالم هناك على الطرف الموازي مركز قومي للسينما أو سينماتك أو مركز أرشيف سينمائي يُتيح و يُسهل للطلاب التعرف على تاريخ و صناعة السينما في البلد الذي يُدرس فيه .. فمن درس السينما في مدارس الاتحاد السوفيتي عاد وعنده المعرفة الكاملة بالسينما السوفيتية والروسية كذلك الأمر بالنسبة للذين درسوا في فرنسا أو اليونان أو بلغاريا أو رومانيا أو مصر .... ففي حال تم إحداث معهد عالي للسينما في سورية على أية سينما سيتعرف هذا الطالب و إلى أي مكان سيذهب للبحث ومعرفة سينما وطنه في حال كان الطالب سورياً أم إذ لم يكن سورياً فلن يجد شيئاً أبداً .... فلو فكرنا كثيراً أو قليلاً يجب أن لا يتم تجاهل تلك الحاجة الملحة لإحداث مركز قومي للسينما ,,, قد يقول البعض لي عن سينما تتحدث وعن أي تاريخ سينمائي ... فبكل بساطة أستطيع أن أقول لهم ألا يستحق حوالي الألفي فيلم بين روائي قصير وطويل ومتوسط الطول بين وثائقي وتسجيلي ما بين أنتاج القطاع العام والخاص والتلفزيون السوري و الإدارة السياسية أن يكونوا ضمن مؤسسة تحتفظ بهذا الإرث وفق آلية علمية صحيحة تتيح للملايين التعامل معها و الاستفادة منها وبذلك تعود بفوائد مالية ضخمة على الدولة ,,, قد لا يروق للكثيرين أو البعض كلامي وربما سينظرون إليه على أنه استعراض أفكار ولكن عندما نجلس مع الشباب السوري وما أكثرهم المولعين بحب السينما ونرى الكثيرون منهم لا يعرف شيئاً عن تاريخ السينما السورية سنصاب بالصدمة عندما نكتشف أنهم يعرفون عن تاريخ السينما المصرية والأوروبية و الأمريكية أكثر مما يعرفونه عن السينما السورية .... وهذا الشيء بالطبع ليس دليل عافية و إن حاولنا السؤال أو الاستفسار عن عدم معرفتهم بالسينما السورية فستكون الإجابة كيف ؟ التظاهرات السينمائية الخاصة بالسينما السورية على هامش مهرجان دمشق السينمائي لا تكفي .. وبالطبع هذا الكلام صحيح بنسبة معينة ...
اليوم نحن بأمس الحاجة لمركز قومي أو وطني للسينما مكان يحتفظ بكل تاريخ السينما السوري المرئي منه والمقروء ... مركز نرى فيه انجازات الرواد في السينما السورية وعلى كافة المستويات و الأصعدة ...
لو حاولنا أن نسأل عن الأرشيف السينمائي العائد للقطاع الخاص أو حاولنا التفتيش والبحث عنه فلن نجد من مئات النسخ السينمائية إلا حوالي نسبة عشرة بالمائة من أرشيف قطاع الخاص والنسخ المتبقية والموجودة غالبيتها غير صالحة للعرض أو للتخزين وبحالة فنية مزرية والله فقط عليم أين أصول هذه الأفلام هناك القليل من أصول أفلام القطاع الخاص موجودة لدى مستودعات المؤسسة العامة للسينما وهو قليل ولكن الغالبية العظمة أين ؟ هل هي في ستديوهات مدينة بعلبك أو هارون اللبنانية أم في معامل السينما في مصر أم في تركيا أم اليونان لا أحد يعلم وبالطبع هناك العديد من الأفلام السورية قد باعها أصحابها للمحطات التلفزيونية وتحديداً لمحطات الأوربيت والارتي وقد تنازلوا عن حقوقها مدى العمر ... اليوم لو حاولنا أن نبحث عن تاريخ السينما الخاص بالثنائي دريد ونهاد فلن نجد شيئاً وللعلم بالشيء فإن غالبية أفلام دريد ونهاد هي سورية الإنتاج ... أفلام الأبيض و الأسود أين هي و أين أصولها لا أحد يعرف عنها أي شيء ... في سورية كان هناك حوالي الخمسين منتجاً سينمائيا هل من احد يعرف عنهم وعن إنتاجهم السينمائي أي شيء ؟ هذا شيء يبعثٌ القلق والحزن لما آلت إليه السينما السورية بتاريخها وذكرياتها الجميلة وإلى ماذا ستؤول ؟؟؟
الكبار من كتاب السيناريو السوريون منهم والعرب كتبوا للسينما العربية ومنتجين كبار ومخرجين وممثلين وممثلات من الصف الأول كان لهم أيادي بيضاء في صناعة السينما السورية .... لو حاولنا التمعن بشيء آخر على سبيل المثال لا الحصر هل هناك شارع باسم أحد رواد السينما السورية أو هل هناك قاعة من قاعات دار الأوبرا الوطنية أو قاعات المراكز الثقافية عليها أسم أحد كبار السينما السورية أو هل هناك صالة عرض واحدة بكل سورية تحمل أسم ممثل من المخضرمين من السينما السورية ... كيف سنستطيع أن نُحي هذا الإرث ونحنا بعيدون عنه كل البعد حتى في أبسط الأشياء التي تدل على وفائنا لتلك الأجيال التي تعبت وقدمت الكثير وفي النهاية رحلت ورحل إرثها وتاريخها معها .... الأمر لا يُكلف شيئاً .. كل ما هنالك مزيدا من الوفاء لتاريخنا و إرثنا ... من شدة إهمالنا لتاريخنا السينمائي هناك أفلام سورية عديدة قد نسبها النقاد والمؤرخون للسينما اللبنانية والمصرية والتركية وهي تحمل بصمة الإنتاج السوري ... مركز وطني أو قومي للسينما هي خطوة أولى و أساسية وملحة من أجل النهوض بصناعة سينمائية سورية جديدة وحديثة .. صناعة تتمايز بكل شي ... السينما السورية اليوم ليست بحاجة إلى كلمات و أحاديث مقاهي وصحف وندوات ومواقف السينما السورية اليوم بحاجة لكل من يحب السينما في هذا البلد بحاجة إلى عقول شريفة وصريحة تضع يدها على الجرح لتستطيع أن تنهض وتنفض عنها غبار التثاقف و التنظير بكل شيء ..
نعم المركز الوطني للسينما هي حاجة وطنية وهذا الموضوع المُلح والهام هو بعهدة أعلى السلطات نظراً لما يحمل من قيمة ثقافية مهمة لسورية وللحركة الفنية والثقافية ...
و أنا من خلال هذه الكلمات لا يسعني سوى أن أكون حالماً لكي أكحل عيوني بمركز وطني للسينما أرى فيه تاريخ السينما السورية يفرش الدرب والطريق نحو صناعة سينمائية سورية جديدة ... شعارها الإنسان وهدفها سينما سورية لأجل الإنسان والمجتمع السوري أولا .