2013/05/29

أهمية استمرار تأهيل وتدريب العاملين في الدراما والإعلام
أهمية استمرار تأهيل وتدريب العاملين في الدراما والإعلام


عدنان حبال- البعث

يظن معظم العاملين في الصحافة والتلفزيون والسينما أنهم صاروا أساتذة معصومين عن الخطأ وأنهم بلغوا ما يريدون من شهرة ودخل مادي جيد، وليسوا بحاجة إلى المشاركة في دورات التأهيل والتـــــدريب التي تدعــــــو إليــــها أحياناً وتقيمها مراكز التدريب الإذاعي والتلفزيوني أو وزارتا الإعلام والثقافة، والمعاهد العليا للصحافة والفنـــــون الدراميــــــة وبعض المراكز الثقافية .

لقد بلغت الثقة المغشوشة بالنفس ذروتها عند بعض الممثلين والممثلات بعد أن صارت الصحافة الاستهلاكية تطلق عليهم لقب النجوم والنجمات فأصيبوا بالتحجر في أماكنهم ومستوياتهم ولم يرغبوا في بذل أي مجهود لتحسين أدائهم أو دراسة النصوص التي تعرض عليهم قبل توقيع عقود المشاركة فيها ، وهم يقلدون بذلك كبار المخرجين الذين لمعت أسماؤهم في العقدين الماضيين وارتبطوا بعقود عمل مع شركات خارج سورية بحجة أن الأوضاع في سورية لم تعد ملائمة لهم " ولإبداعاتهم " .

أما المخلصون القلائل من الفنانين الذين ظلوا أوفياء للدراما السورية فقد اضطروا للعمل في مسلسلات نتوقع لها للأسف الفشل أو البعد على الأقل عن مستوياتها وأجزائها السابقة ولا سيما في الأعمال الكوميدية والاجتماعية وسترون أن الأزمة الهمجية الشرسة التي تواجهها سورية سوف تُحشر حشراً في بعض المسلسلات التجارية بلا مبرر وأن أحداثها التي رسمها الكاتب في بعض المحافظات سوف تنتقل إلى دمشق الآمنة البعيدة نسبياً عن الانفجارات والقناصين وحملات التطهير التي ينفذها جنود جيشنا الباسل ضد المرتزقة والخونة .

إن الكتابة عن الأزمة لا يمكن بالطبع ارتجالها وتصويرها على عجل كي تلحق بالعروض الموسمية الرمضانية. ولكن هذا لا يسمح لنا بحشرها في مسلسلات أو أعمال فنية كانت جاهزة للتصوير قبل بدء العدوان الآثم الذي تحتاج الكتابة ولاسيما الدرامية عنه إلى وقت طويل وبحث وثائقي دقيق وعلمي ، لا يجوز لنا التسامح معه كما تسامحنا مع " باب الحارة " و" أهل الراية " و" زمن البرغوت " و" الدبور " .

إن ما نطالب به الآن هو بدء عملية تأهيل وتدريب يشارك فيها كتاب سيناريو أجناس الدراما كلها والمخرجون والممثلون والفنيون من الجنسين . وتشمل هذه الدورات العملية تذكيرهم جميعاً بالأخطاء الاجتماعية التي ارتكبوها حتى الآن وعدم تكرارها في أعمالهم القادمة ولنذكر من هذه الأخطاء مثلاً ضعف تقمص الشخصية وعدم فهم دوافع تصرفاتها وإقناع المجتمع المتلقي بهذه التصرفات وصدقيتها في الواقع ، وارتباك الأداء ورتابته. ويقول بعض المخرجين إن الممثلين الكبار من النجوم لم يعودوا ينفذون توجيهاتهم وأن كل واحد منهم يغني على ليلاه، ولا يستطيع عملياً إدراك الفرق بين خشبة المسرح التي درس عليها التمثيل واستوديو التصوير السينمائي أو التلفزيوني، وإذا غضب المخرج هدده النجم بالانسحاب والالتحاق بعمل آخر لدى شركة أخرى ، وقد تتكرر هذه الخلافات مع مهندس الإضاءة والصوت والماكياج والتسجيل المرئي ولاسيما مع مندوب الإنتاج ... ويتوجب من خلال دورات التأهيل والتدريب المقترح معالجتها، وإيجاد آليات التعاون المثمر بين الجميع بإدارة المخرج .

هذا ما يتعلق بالدراما وإنتاجها ، أما العاملون في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع فهم بحاجة أيضاً إلى دورات تأهيلية سنوية يصححون من خلالها أخطاءهم في اللغة والصرف و صياغة الجملة والتركيز فيها على الكلمات الأهم، ولقد كتبت عدة مقالات بهذا الخصوص، واعترضت على نصب الفاعل أو كسره وأغلاط تشكيل اسم الفاعل من الفعل الرباعي أو الخماسي مثل قدم فهو مقدم بكسر الدال والمقدمة في الجيش أوله أو طليعته، وكذلك بالنسبة للفعل الخماسي ارتزق فاسم الفاعل منه هو المرتزِق بكسر الزاي، واسم الفاعل من استجد مستجد بكسر الجيم، ومن فعل ازدوج مزدوج بكسر الواو، والمطلوب أيضاً الانتباه للأسماء الممنوعة من الصرف مثل أسماء التفضيل، ومن وزن مفاعل ومفاعيل والأسماء الأعجمية، وهي أسماء لا يجوز تنوينها ولا تعرب في آخرها إلا إذا كانت مضافة لاسم يأتي بعدها.

ثمة أيضاً أخطاء في الصحافة المقروءة تتعلق بصياغة الخبر والمقالة وكذلك في كتابة الريبورتاجات والمواضيع الثقافية والزوايا الأسبوعية التي نادراً ما تأتي بأفكار جديدة مفيدة أو توحي بأي مجهود فكري يبذل في كتابتها ويرمي إلى تثقيف القارئ وإمتاعه بها، وأقول لكم أخيراً إن شبكة الإنترنيت والاتصال الإلكتروني لن تكون بديلاً عن التلفزيون والإذاعة والصحف المقروءة، ولن تلغيها من حياتنا كما أنها لم تستطع إلغاء الكتاب الذي مازلنا نلجأ إليه ونضمه بحب إلى صدورنا وعقولنا، كما نرجو أن نفعل قريباً بأصوات المذيعين والمذيعات والممثلين والممثلات ووجوههم أو وجوههن الصادقة المقنعة بعد أن يتخلص أداؤهم من الرتابة واللحن والضغط على حروف أواخر الكلمات وبعد أن ينظموا عملية التنفس أثناء الكلام ويتعلموا أين تبدأ الجملة الإعلامية وأين تنتهي. إن المشاركة في الدورات التأهيلية والتدريبية تساعدهم بانتظام على النهوض بمستوياتهم الإعلامية والدرامية وتطورهم في أداء مهنهم وتحسين ظروف حياتهم المعاشية والنفسية .