2013/05/29
وائل العدس – الوطن السورية
حققت المخرجة رشا شربتجي الحضور الأقوى خلال الموسم الدرامي الأخير من خلال عملين اجتماعيين هما «بنات العيلة» و«ساعات الجمر» في حين تتحضر لبدء العمليات التصويرية لـ«منبر الموتى». وكشفت عن عودة علاقتها مع والدها إلى مجراها الطبيعي بعد فترة من المقاطعة، وأرسلت له رسالة قصيرة عبر «الوطن» تبدي فيها اعتذارها عما بدر منها سابقاً. «الوطن» التقت بشربتجي خلال الحوار التالي:
البداية من «بنات العيلة» حيث يقال إن الممثلات تسابقن إلى ارتداء الأزياء الفخمة في «بنات العيلة»؟
لا علاقة للممثلات بذلك، والصورة التي خرج بها العمل كانت رؤيتي، فأنا حين أقدم عملاً عن العشوائيات أرفض أن تضع الفنانة «مسكرة»، وكذلك الأمر ينطبق على «بنات العيلة»، فأرفض شخصية تخرج من المنزل دون أن تقوم بما تفعله بالعادة، لأني حريصة على نقل الشخصية كما هي، وكما قرأتها على الورق وأحببتها وتبنيتها، لذلك فإن لباس وماكياج وشكل كل ممثلة كان مناسباً للتركيبة النفسية للشخصية التي أدتها في العمل.
هل فُرضت عليك بعض الممثلات في هذا العمل؟
لا يستطيع أحد فرض ممثلة واحدة على خياراتي، لا الآن ولا في المستقبل، لكن أي شركة منتجة لديها اقتراحات تتعلق بالتسويق والعلاقات الشخصية، وقد آخذ بها إن كنت مقتنعة بها أو أرفضها.
إذاً هل فرض أن يكون العمل مخملياً؟
أعود وأكرر، أنا لا يفرض عليّ شيء، بل ارتأيت ضمن الوجع وصور الحرب والدمار التي نعيشها عرض شيء جميل من خلال مجموعة من النساء الجميلات بمضمون كبير وقصص مؤلمة، لنخرج إلى الشيء الجمالي والقسم الآخر من سورية، فهناك أناس يعتقدون أن سورية عبارة عن مناطق عشوائية، وأعترف أنني شريكة بإعطاء هذه النظرة، ولذلك اتجهت لأؤكد أن في سورية مناطق غنية وبنات جميلات.
تم الحديث عن مشاكل وأجواء مشحونة خلال التصوير.
أبداً لم يكن هناك أي من هذه الأمور، فأنا أحترم الممثل ووقته وأداءه وأحاول أن أضيف له وأوفر له جو مريح ليقدم ما عنده بأبهى صورة، فالممثل بالنسبة لي أهم حلقة في علاقتي وعلاقة العمل مع المشاهد، وبالعكس تماماً لما قيل فـ«بنات العيلة» كان من أسهل الأعمال التي قدمتها.
ما المشهد الذي مر في «بنات العيلة» وتمنيت ألا يقدم؟
هناك مشاهد عديدة، ولو امتلكت وقتاً أطول لكانت مشاهد كندا حنا في مشفى الأمراض السرطانية أكثر إبهاراً، وعلى الرغم من المشاهد القوية التي كان لها تأثيرها، إلا أنها صورت بأربع ساعات فقط.
بالانتقال إلى «ساعات الجمر» الذي لاقى متابعة جماهيرية سورية وعربية بكل ما يتضمنه من عنف، فهل الشارع العربي عنيف بداخله؟
بالعكس، فالعمل وضع يده على وجع الناس، وهم يحبون من يتحدث عن وجعهم، ويحبون أيضاً متابعة الشخصيات العنيفة في الدراما فقط بعيداً عن حياتهم، لأنهم غير قادرين أن يكونوا أشراراً، ومع ذلك لم يكن هناك خير مطلق وشر مطلق، وحتى «رؤوف» و«أبو نبال» كان لكل منهما لحظاته الإنسانية، و«جابر» المظلوم كان ظالماً وظلم زوجته. في مجتمعاتنا يوجد الأبيض والأسود والرمادي، مجتمعنا ليس خالياً من العنف والكره والبغض، وأعود وأكرر «لنوسع دائرة الحب والتسامح».
هل يتحمل العمل جزءاً ثانياً وثالثاً وربما رابعاً؟
نعم، وأنا أتوقع أنه العمل الوحيد الذي يتماشى مع إيقاع الحياة ويلامس أزمة الناس ووجعهم، ولو لم يكن يستحق جزءاً ثانياً لكان من المستحيل عمله، وهناك الكثير لقوله في الجزء الثالث.
هل يتم استغلال نجاح الجزأين الأول والثاني ليبنى عليه نجاح الثالث؟
لو لم ينجح الجزآن المذكوران، فما كان هناك جزء ثالث، فنحن نصعد على نجاحاتنا ونعيش عليها، لكنني لا أقبل تقديم شيء لغرض تجاري.
أنا والكاتب سامر رضوان غير مستعدين للمغامرة باسمينا للحظة، بل نريد قول شيء بأعمالنا بضمير وحيادية ودون تطرف.
هل يعني أنك مع سياسة الأجزاء؟
أبداً لست معها.
إذا لماذا الأجزاء في «الولادة من الخاصرة»؟
المتابع يشعر باستطاعته متابعة «ساعات الجمر» كعرض منفصل، وهناك الكثيرون ممن تابعوا الجزء الثاني لم يتابعوا الأول.
وهل سيكون هناك جزء ثان من «بنات العيلة»؟
إذا كان ذلك، فلن أكون أنا المخرجة.
شاركت بدور صغير في «ساعات الجمر»، هل أغراك الوقوف أمام الكاميرا؟
لا شك أنه مغر وممتع، ولكني افتقدت لمن يوجه لي الملاحظات، وكنت بحاجة لمن يقول لي «أعيدي التصوير».
بعدما تابعت نفسك على الشاشة، كيف قيمتِ الأداء؟
** كان هناك العديد من الانتقادات الذاتية التي وجهتها للدور، وهي تجربة لطيفة أحببتها ومرت من دون خسائر.
هل توثقين بعض الملاحظات على أعمالك؟
لا يوجد عمل كامل، فعندما أتابع ما صورته من أي عمل أنتقد ذاتي حول كيفية تمرير جملة ما، أو لقطة كادر للمشهد، أو مشهد من زاوية معينة... الخ من هذه الملاحظات التي أوجهها لأعمالي، وأحياناً أقول لو أني أمتلك وقتاً إضافياً لتنفيذ رؤيتي وتلافي ملاحظاتي، لكن الوقت عدو العمل.
هل الوقت يجعلك مقصرة بحق أعمالك؟
في بعض الأحيان نعم، وأتغاضى عن بعض المشاهد بسبب عدم توافر الوقت الكافي.
كونك المخرجة الوحيدة الفاعلة في سورية، لماذا لا نرى مخرجات أخريات؟
المخرج بحاجة إلى بنية عصبية قوية وللتفرغ لعدد كبير من الساعات وإعطاء إجازة للأنوثة في موقع التصوير، ولا تبدو كافة النساء قادرات على ذلك، وثقة شركات الإنتاج أتت من خلال النصوص التي دعمتني ففتحت لي أبواب العمل في سورية.
الإخراج ليس عملاً ذكورياً بحتاً، بل يحتاج لوقت طويل يتضارب مع تفرغ المرأة لرعاية أبنائها، ويحتاج لبنية عصبية قوية ولسلوك ذكوري في بعض الأحيان بمعنى «أخت رجال».
ولا شك أن والدي أعطاني الاسم على طبق من فضة ودعمني، ولا شك أن حب المحيطين بي ودعمهم لي فتح الباب أمامي على مصراعيه.
هل يوجد قلة للمواهب في سورية؟
هناك مواهب نسائية كثيرة، لكن لا تستطيع كل امرأة تحمل ضغط العمل العصبي، وهناك مخرجات سينمائيات كثيرات لأن السينما بحاجة إلى مجهود أقل ووقت العمل مريح بالنسبة لها، في حين العمل بالإخراج التلفزيوني يحتاج إلى تفرغ وبنية عصبية قوية وتخل عن ثوب الأنوثة وتقمص دور الرجل في موقع التصوير كما أسلفت.
كيف تصفين الدراما السورية 2012؟ وما رؤيتك لموسم 2013؟
الدراما السورية كانت حزينة كما دمشق وسورية، وواضح أنها موجوعة وقلقة كحال البلد، أما موسم 2013 بالنسبة لي فهناك غموض ووجع، وأتوقع أن يحدث شيئ من الغياب وأتمنى ألا تتحقق هذه التوقعات وأن نستطيع تجاوز الصعوبات.
ما مشاريعك في موسم 2013؟
هناك مجموعة مشاريع لم يتم استقرار الرأي عليها، منها الجزء الثالث من مسلسل الولادة من الخاصرة وسيكون بعنوان «منبر الموتى»، وهناك مسلسل «حبة حلب» إضافة إلى مسلسل مصري وما زلت في طور التفاوض مع الشركة المصرية.
من المتعارف عليه أنك متعاونة مع الإعلام إلا موسم 2012، لماذا؟
أعتبر نفسي صديقة لمعظم الصحفيين، وخلال وقت التصوير يكون هاتفي مع مساعدتي، فإذا استطاعت حددت مواعيد للقاء وإذا لم تستطع تعتذر، وبالتالي لم يتواصل معي هذا الصحفي أو ذاك بشكل مباشر. وفي العام 2012 لا يوجد عتب على أحد، كنا نصور بظروف قاسية، ووجود الصحافة كان للحظة يسبب بإعاقة العمل، وفي بعض الأحيان كان الطريق مخيفاً، فكيف سأقول للصحفي «تعال إلى عدرا» حيث موقع التصوير؟، فالأمر لا يتعلق بالتعاون أو عدم التعاون بقدر ما يعود إلى ظروف البلد.
هل تعاتبين أحداً بسبب نقد في الإعلام؟
أنا متعاونة جداً مع الإعلام، وضمن ظروف 2012 كنت مضغوطة بوقت العمل، وعموماً كانت ظروفي صعبة بالتصوير، فلم أقرأ الانتقادات بشكل كامل ورأيت أن الايجابي منها أكثر بكثير من السلبي، وأعتبر نفسي محظوظة هذا العام.
ولا توجد لدي مشكلة بالنقد إذا كان نقداً أستفيد منه، لكن عندي مشكلة بالتدخل بخصوصياتي، فأنا قبل أن أكون مخرجة أنا إنسانة لدي خصوصياتي.
هل تفكرين بمغادرة سورية؟
لن أترك سورية بهذه الظروف، على الرغم من وجود خيارات عديدة عندي، كالجنسية المصرية، وفيزا إلى كندا، لكني لن أغادر وسأبقى، ومادامت عتبة الألم والخوف لا تزال تتحمل، وحبي مازال يغلبني ومادمت أستطيع العيش وأستطيع العمل في الدراما ولا أغيب فسأبقى.
في السابق كنت أسافر كثيراً وأقضي فترة الصيف في مصر أو سياحة في دولة أخرى، وما كنت أشعر بالغربة، أما الآن أصبحت تصيبني حالة غريبة جداً، فعندما أخرج من دمشق أشعر أنها تهرب إن لم أرجع، وتصيبني حالة خوف شديد ورعب إضافة إلى اشتياق كبير لدمشق، وأشعر أن روحي معلقة فيها.
من أين تستمدين القوة للوقوف خلف الكاميرا والعمل؟
لا أعرف، فأنا كـ«رشا الإنسانة» لا تشبه «رشا المخرجة»، وأنا بيتوتية ومسالمة وأقرب للمرأة الضعيفة والهادئة والحالمة والرومانسية وربة المنزل، ولا أشبه نفسي عندما أذهب إلى العمل والتصوير، وفي بعض الأحيان أتساءل عن مصدر القوة في الشخصية، وهناك فصل كامل بين عملي وبين حياتي الشخصية وعلاقاتي الاجتماعية.
من أصدقاؤك في الوسط الفني؟ وما الأماكن المحببة لك في دمشق؟
أحب دمشق القديمة، وهي المفضلة لديّ مع جبل قاسيون، وأصدقائي المقربون في الوسط الفني المونتير إياد شهاب ومساعدتي وداد نعم، والفنانات كندا حنا وسلمى المصري ويارا صبري، والماكييرة حنان دوبا، وهناك أصدقاء كثر، ولكن هؤلاء ألتقيهم بشكل يومي.
مؤخراً، عادت علاقتك بوالدك إلى مجاريها الطبيعية، كيف تم ذلك بعد فترة من القطيعة؟
كان ذلك بجرأة مني، فاشتقت له، وقد أكون آلمته ولكن من غير قصد، فاعتذرت منه لأنني أوجعته بتصرفاتي، التي قد تكون صحيحة أو مخطئة من وجهة نظره. وكنت في كل عام أرسل له الورود في عيد ميلاده، لكنه لم يكن يقبلها، وبعد ذلك ذهبت إلى منزله، وطرقت الباب، فاستقبلني بمنتهى الود والرحمة والتسامح، وهذا ليس غريباً عنه، وقلت له «إنني آسفة، ولم أقصد أن أوجعك»، وتقبلني أطال اللـه بعمره. وأعود وأقول له عبر وسيلتكم الإعلامية «آسفة على كل لحظة وجع سببتها لك، فعلاً لم يكن بقصدي».
هل لوالدك علاقة بانفصالك عن زوجك؟
لا علاقة لوالدي بانفصالي عن زوجي أبداً، فعلاقتي مع والدي عادت منذ رأس السنة قبل الماضية، ووالدي تفاجأ بانفصالي وعرف من خلال الصحافة كأي شخص آخر، وزرت والدي أكثر من مرة بعد انفصالي ولم يكن يعرف، ولم نتحدث بذلك، وبالعكس قد يكون رأيه الآن «يا بنتي ضبي بيتك واقعدي»، ومن الظلم والقهر الحديث عن علاقة والدي بهذه القضية، حتى إن طليقي «ناصر» تربطه علاقة جيدة بوالدي.