2012/07/04

أفضل مئة أداء في تاريخ السينما (4)
أفضل مئة أداء في تاريخ السينما (4)

ترجمة عـهد صبيحة

85- جيسيكا لانغ (بدور فرانسيس)  في فيلم Frances فرانسيس 1982

سواء تحدّت موظفي الأستوديو الميالين إلى تحويل فارمر إلى نجمة سينمائية غبية، أو خضعت لمعالجة بالصدمة الكهربائية بين أيدي أطباء يقنعونها بأنها مجنونة، فإن لانغ نجحت بإظهار ضعف امرأة تصارع سلامة عقلها بينما تحافظ على استقلال عنيد لا يمكن نسيانه. عكَس أداءُ لانغ تقديراً عميقاً لامرأة حريتها كانت دائماً تهديداً لأولئك الذين تُحكَم حياتهم بالكبت.

84- انجليكا هيوستن (بدور ليلي ديلون) في فيلم The Grifters المحتالون 1990


دور هيوستن، المحاط بسياج، لمحتالة معمّرة جعلنا متوترين. وكلما تبخترت في الغرفة بمشيتها المثيرة فإن شكوكنا حول شخصيتها تصبح مشوشة مع تعاطفنا مع الممثلة. هل هيوستن حقاً تعبة لهذه الدرجة؟ هل يجب على ليلي أن تحاول بجهد أكبر؟. إنه عمل الممثل الدائم أن يخدع المتفرجين فهي تقطع أنفاسنا عندما نشاهدها تبكي ولَدها المحتضر كحيوان بائس (مهلاً، هل قصدت أن تقتله؟) وبعد لحظات قليلة نراها تعتلي المصعد هادئة رابطة الجأش.

83- هيلاري سوانك (بدور براندون تينا) في فيلم Boys don't Cry الأطفال لا يبكون1999.


في أدائها لدور امرأة حقيقية تعيش في نبراسكا، قادها إصرارها على العيش كرجل إلى نهاية مأساوية عنيفة. ترتّب على هيلاري سوانك أن تكون معقولة في أداء دورها كرجل ومقبولة من قبل المشاهدين. يقول المخرج كمبرلي بيرس: «أخضعنا كلّ هؤلاء الممثلات الشابّات لتجارب الأداء لكنهن لم يحسنّه فقد فشلن وأدّين الدور على نحو خشن وغير مقنع. ومن ثمّ أخضعنا فتيات أخريات لتجارب الأداء، كنّ قادرات على المغازلة وإظهار الرغبة لكنهن لم ينجحن في أداء شخصيات ذكورية. أمّا هيلاري فقد كانت الشخص الوحيد القادر على القيام بدور الرجل والمرأة. ففي أدائها للدور ما عليك سوى أن تشعر بالإثارة التي شعر بها براندون كونه براندون. لقد كان ذلك الشعور جوهر الفيلم وروحه». حضّرت سوانك نفسها عن طريق لعب دور رجل في حياتها واستماعها للأشرطة الصوتية التي تقتنيها الشرطة عن براندون. وكان عثورها على صوت شخصيتها شيء وتخيل الطقس الشكلي اليومي شيء آخر تماماً. لقد أدت سوانك دورها ببراعة: نظرة مستعجلة ومقاومة على جسدها في المرآة وهي مرتدية المنشفة، و«أنا لست هنا.. أنظر» و إجفالها وهي تحاول سد الجرح بقطنة، وابتسامة التثمين التي ظهرت عليها وهي ترتدي ثيابها الداخلية المصنوعة من القطن الرقيق. وتجردها الإنساني الخارجي الأخير من -همسها الموجع بشفتيها المشقوقتين مسلِّمة بأزمة هويتها الجنسية- كان كل ما طمح إليه المخرج بيرس. تقول سوانك: «كان هناك احتمال كبير أن أمضي إلى القمة، وأنت لا يمكن أن تفعل ذلك، في اللحظة التي بدأ فيها براندون يشفق على نفسه لم نعد نشعر تجاهه بأي شيء، هذا أداء عظيم، عندما يعرف الممثل كيف يكبح».

82- جورج سي سكوت (بدور الجنرال جورج. إس باتون الابن)  في فيلم Patton باتون 1970.

بصوته الأجش ومشيته الملكية وصفاته التي تأخذ من صفات النسر يصعقنا الممثل سكوت بتصويره لشخصية باتون، الجندي الذي بقدر ما يتمتع بعبقرية عسكرية بقدر ما هو شخص غريب الأطوار ومغرور. فنحن نشعر في دمنا كيف أن هذا الرجل يستطيع أن يلهم جنده ويقودهم إلى النصر، ولكننا أيضاً نرتجف من غروره الذي أدّى به إلى تجاهل الأوامر العسكرية سعياً وراء تحقيق مجد له. وهكذا نرى سكوت في أدائه لشخصية باتون التي لا تسَعُها الحياة والتي تتسم بالإنسانية الهشة الفكهة في آن معاً، يقود الممثلين لأداء مثير في المشهد الأول الأيقوني من الفيلم والذي فيه يُلقي سكوت خطاباً مقتبساً من كلمات باتون الحقيقية، نراه هناك واقفاً لوحده على نحو يثير الرعب والضحك في آن معاً.

81- كيت ونسلت (بدور كلمنتين كروذنسكي) في فيلم Eternal Sunshine of Spotless Mind "الاشراق الأبدي للعقل الصافي"  2004.


لم يقحم المخرج مايكل غوندري أية كلمات خلال تدرب الممثلين على أداء أدوارهم في فيلم "الاشراق الأبدي للعقل الصافي" وذلك لأنه أراد أن يبقي على شعور بالعفوية بينما كانت الكاميرا تصوِّر. وإخلاصاً منها لرغبات مخرج الفيلم نجد أن كيت ونسلت تؤدّي دورها في تلفظ كلمات الحوار باندفاع ذاتيّ منها وكأن كلمنتين ذات الشعر ساطع الألوان تنقصها القدرة على مراقبة نفسها. فهي تؤدّي وبشجاعة دور شخصية مناقضة لأنماط الشخصيات المعهودة وذلك بطرحها لشخصيتها الإنكليزية الوردية الضيقة من أجل شخص بوهيميّ سكّير لا يهدأ عن الكلام يعمل على محو صديقها السابق (جيم كاري) من ذاكرتها. يقول المخرج مايكل غوندري: «توجّب عليها أن تكون قوية بحق، فلقد كانت شخصيتها أكبر في اللون من شخصية جيم كاري على الورق». هذا وعلى الرغم من وجود نقاط ضعف وانتهاكات في شخصية كلمنتين، إلاّ أن كيت ونسلت تبقينا في حالة حبور من بداية الفيلم وحتى نهايته.

ملاحظة: المقال منشور في الحياة السينمائية العدد 60