2012/07/04
خمس الحواس – دار الإعلام العربية
لا ينكر أحد حجم الإنجاز التاريخي الذي شهدته مصر أخيرا، وأودى بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وهو الحدث الذي بدأته مجموعة
من شباب الفيس بوك قبل أن يتحول إلى انتفاضة شعبية أصبحت حديث العالم أجمع
لكن أن يتحول الحدث إلى هوجة في الأغاني يطلق عليها «هوجة المناسبات» يتخللها عشرات الأغاني التي يتم إطلاقها سريعا للاستفادة من
الحدث، فالأمر يدعو للحيرة والتساؤل عن مصداقية هذه الأغاني، ومدى امتلاكها لمقومات الاستمرار.. تساؤلات ناقشناها مع عدد من المختصين
بمجال الغناء، والتفاصيل عبر السطور التالية
تزامنا مع الانتفاضة الشعبية في مصر وقبل أن تكتب لحظات انتصارها، فوجئ الجمهور بإذاعة عدد من الأغنيات التي تتناول الحدث وتعبر عن
الحالة التي تشهدها مصر، من بينها أغنية «إزاي» لمحمد منير التي جسدت العنف الذي ظهر مع المتظاهرين من قبل قوات الشرطة، ورفض
التلفزيون المصري في البداية إذاعتها قبل أن يعدل قراره بعد نجاحها على المحطات الفضائية
ودخل على الخط، المطرب والملحن محمد ضياء الذي سارع بتسجيل «ديو» بعنوان «يا مصر شدي حيلك» مع المغنية الصاعدة زهور، على أن
تتضمن الأغنية بعض المشاهد المأساوية من أحداث الانتفاضة الشبابية
حماقي وأنغام وشعبان
وجاءت أغنية الفنان العراقي ماجد المهندس ضمن باقة أغنيات المناسبات، وهي بعنوان «قالوا عنها يا محلاها اللي يشرب منها ما ينساها»،
كذلك غنت أنغام للثورة أغنية جديدة بعنوان «يناير»، وكانت الساحة خالية أمامها لتقوم بعرضها على شاشة التلفزيون المصري عقب إقالة وزير
الإعلام أنس الفقي الذي كان يمنع إذاعة تلك الأغاني، وتقول كلماتها «كنت فاكرة الأرض ثابتة والسنين متكررين وكنت فاكرة الجنة أبعد من أيادي الطيبين» في حين قدم محمد حماقي أغنية لشهداء الميدان بعد اتهامه بالهروب وعدم المشاركة في التظاهرات، وتم بثها على نجوم FM، كما
انضم لقائمة مطربي المناسبات شعبان عبد الرحيم وغيره من المطربين
وعلى العكس من المغنين السابقين، وجد المطرب إيهاب توفيق نفسه في مأزق لا يحسد عليه، بعد أن سجل أغنية يؤيد فيها سياسة الرئيس
مبارك وحكمته في إدارة شؤون البلاد، وكانت بعنوان «يلا نرجع مصريين» وصورها فيديو كليب وهي من ألحان أشرف سالم وكلمات وائل غرياتي
وتوزيع يحيى الموجي، لكن تنحى الرئيس مبارك منعه من إذاعتها سواء على التلفزيون المصري أو الفضائيات
مع الحدث وضده
وبينما يواصل مغنون آخرون إعداد أغان سريعة تتناسب والحدث، يعلق الموسيقار عمار الشريعي، على هوجة أغاني المناسبات بقوله: المصلحة
الشخصية للأسف في تلك الأحداث تطغى على المصلحة العامة، فيقوم بعض المطربين باستعراض عضلاتهم خلال تلك المناسبات لسببين؛ الأول
اكتساب شعبية أكبر من خلال المشاركة، والثاني التغطية على عدم الحضور في التظاهرات والثورة التي قام بها شباب 25 يناير، والدليل على
ذلك عدم مشاهدة محمد منير أو حماقي أو أنغام خلال تلك الفترة العصيبة، بالرغم من تواجد عدد كبير من الممثلين والملحنين أيضاً. وعن إمكانية
استمرار هذه النوعية من الأغاني قال الشريعي: «الأغنية المناسباتية تحمل معنيين، مع الحدث أو ضده، وبحسب سياق الأحداث والنتائج فإنه
يحكم على استمرارها من عدمه، حيث كانت ثورة الشباب تحمل معنيين، إما الفشل أو النجاح، لكن مع هذا النجاح الرائع للثوار فسوف تعيش
الأغاني المعبرة عنها لسنوات طويلة
ولفت الشريعي الى أنه في المقابل كان هناك عدد كبير من الأغاني قد تولد مع مناسبات سابقة لكنها ماتت بانتهاء الأحداث، ومنها الأغنيات
التي قدمها عدد من المطربين للرئيس السابق مبارك عند نجاته من الاغتيال في أديس أبابا، حيث عاشت عدة أعوام وبدأ الجميع يتناساها حتى
جاءت الأحداث الأخيرة ووضعتها في طي النسيان، لكن هناك العديد من أغاني المناسبات التي صاحبت ثورة يوليو أو انتصارات أكتوبر ما زالت
تعيش حتى الآن رغم مرور عشرات السنين
أغان مسلوقة
في حين أوضح الملحن محمد رحيم، أن أغاني المناسبات أقرب إلى الأغاني المسلوقة، حيث يتم إطلاقها أحيانا خلال عدة ساعات، وبالتالي
تكون ممتلئة بالأخطاء، حيث يحرص كل مطرب على طرح أغنيته قبل الآخر؛ لذلك فإن أهليتها للاستمرار في ظل تلك الأخطاء تكون ضعيفة
وأشار في نفس الإطار الى أن الأغاني التي تكون خارج المناسبة يكون عمرها أطول بكثير، وذلك لعدة أسباب أولها الطريقة التي يتم تحضير
الأغنية بها، بالإضافة إلى جودتها في التسجيل أو التلحين واختيار الكلمات أيضاً، وفوق كل هذا وذاك الحالة النفسية والمزاجية للجمهور الذي
ينتظر بشغف طرح ألبوم مطربه المحبب بعيدا عن المشاكل الأخرى التي تجذب انتباهه
في الاتجاه المعاكس
إلا أن الشاعر أيمن بهجت قمر، اعتبر أن الأغاني الوطنية والحماسية التي تشحذ الهمم وتكرس وتقوي المعاني الجميلة بين أبناء الشعب الواحد
على اختلاف مذاهبهم وانتماءاتهم هي التي تعيش وتستمر، خاصة إذا كانت كلماتها صادقة ومعبرة عن الحدث وحال الوطن في أفراحه ومحنه،
حيث تلامس الوجدان والأحاسيس وتلهب مشاعر المواطنين للدفاع عن وطنهم
وقال إن الهدف من الأغاني التي طرحت متزامنة مع أحداث ثورة شباب 25 يناير، هو مباركة ثورة الشباب ودعمهم نحو الإصلاح وحب البلد؛ لتشهد
تاريخاً فارقاً في مصر بين الحرية والعبودية التي كان يعيشها الشعب على مدى 30 عاماً؛ لذلك يعتقد قمر أن أي أغنية طرحت في هذا التوقيت
«سوف تعيش» حتى لو كانت كلماتها ضعيفة وألحانها لا ترقى إلى المستوى
يذكر أن المطربة أنغام أصدرت أغنية جديدة بعنوان (يناير) تخليدا لذكرى شهداء ثورة 25 يناير، وقد تم إذاعة الأغنية لأول مرة على شاشة
التلفزيون المصري، وبالتحديد في برنامج (مصر النهاردة) في أول حلقة يعود فيها الإعلامي محمود سعد للبرنامج بعد منعه من الظهور منذ بداية الثورة، حسب موقع «في الفن»
الأغنية من كلمات إسلام جاد وألحان إيهاب عبدالواحد وتوزيع حسن الشافعي.