2013/05/29
لؤي سلمان – تشرين
إن أجمل ما منحتنا إياه الأعمال الدرامية من غير قصد الشارة الموسيقية السمعية التي تحولت إلى نمط فني متقن في أغلب الأعمال السورية, بعد أن كان الهدف منها التعريف بطاقم العمل, و نقل المتابعين عبر هذه العتبة الموسيقية إلى عمق الحدث الدرامي,
فمن خلال فضح بعض الأحداث للجمهور عبر اللقطات التشويقية التي تظهر مع «تترات» الأسماء, تطورت وشاعت أغاني المسلسلات، إذ يمكن الجزم بأنها حققت جماهيرية واضحة, فبدأ الجمهور يتناقلها عبر هواتفه المحمولة، بل منهم من استخدمها عوضاً عن الرنات العالمية المصممة من قبل شركات الأجهزة المحمولة, فيستفسر عن المطرب الذي قام بغناء الشارة, حتى إننا نسمعها أحياناً تبث في بعض المحطات الإذاعية, وتباع بشكل منفصل عن العمل الدرامي على البسطات التي تحترف القرصنة, مع أن مدتها لا تزيد على الثلاث دقائق، وعلى الأغلب تُضاف بعض المقطوعات من الموسيقا التصويرية.
ما ميز الأغنية الدرامية السورية أنها لم تأخذ الشكل التجاري أو الذوق العام كما يحدث في بعض الدول العربية, ولم تقدم وجبة موسيقية منفصلة عن السيناريو، أو عن فكرة العمل كما كانت تُقدم في بعض الأعمال, بل حافظت على وظيفتها الرئيسة ببنية ورؤية خلقها المؤلف الموسيقي من خلال ربط الفكرة الرئيسة باللحن والكلمات؛ ليبين رسالة العمل للجمهور، مع الحفاظ على مستوى فكري معين, غير أن بعض الشركات المُنتجة بدأت تستعين بنجوم الوطن العربي لغناء الشارة، فحسب وجهة نظرها أن أسماء مشاهير الطرب تجذب الجمهور, حتى إن مطربين كباراً قاموا بأداء الأغنية الدرامية كالفنان جورج وسوف في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» والفنانة جاهدة وهبة التي قدمت شارة مسلسل «ذاكرة الجسد» بألحان الفنان شربل روحانا مع المخرج نجدت أنزور, في حين قدمت الفنانة ميادة بسيليس قصيدة الشاعر طلال حيدر في مسلسل «قيود الروح» التي لحنها سمير كويفاتي, بينما غنى المطرب الشعبي علي الديك شارة «ضيعة ضايعة»..
ومع أن هناك أصواتاً مبدعة لم نكن نعرفها, أثبتت قدرتها وموهبتها المميزة, و استطاعت أن تبين إمكانيتها الجيدة من خلال تجربة واحدة فقط لم تزد على ثلاث دقائق كزمن للعرض التلفزيوني، لكن البعض رأى أن الشهرة التي حققتها الأغنية الدرامية ترجع للتكرار اليومي على عدة فضائيات. بالطبع من الممكن أن يحقق العمل الدرامي وشارته الموسيقية الانتشار, لكن من الصعب إقناع الجمهور بصوت ضعيف ولحن رديء, وكثيرة هي الأعمال التي لم تحقق شهرة منها لفنانين كبار بينما قصيدة الشاعر ابراهيم طوقان حققت نجاحاً وشهرةً وانتشاراً بصوت المطرب عامر خياط الذي قدم أيضاً أغنية الشارة لمسلسل«سحابة صيف» واللحنان للفنان طاهر مامللي, إذ أسهم الصوت واللحن في تعريف الملايين بالقصيدة, فمن منا لا يذكر موسيقا مسلسل «الزير سالم» أو شارة مسلسل «الولادة من الخاصرة» التي أدتها المغنية فرح يوسف, وشارة مسلسل «وشاء الهوى» ألحان رضوان مصري وغناء لينا شماميان, ومسلسل «وراء الشمس» وصوت المطرب أسامة نعمة,ألحان طاهر مامللي؟
يمكن أن نعد الموسيقا الدرامية تؤسس لأغنية سورية جديدة, وذلك على مستوى فني راقٍ بعيد عن المفهوم التجاري لأنها ترتبط بأعمال درامية وأسماء مؤلفين, عدا عن قدرتها على الانسجام مع أشكال الموسيقا العربية والغربية, لتعوضنا عن هوية الأغنية السورية المفقودة منذ عقود, ويمكن أن تصل للعالمية من خلال اتحادها بالدراما, لما تحمله من لغة سمعية بصرية, و مفاهيم فكرية, ورسالة فنية ابتعدت عنها للأسف معظم الأغاني الحديثة، فلا يمكن أن نتجاهل الأماسي التي أقامتها فرقة أورنينا بقيادة الفنان طاهر مامللي للأغاني الدرامية على عدة مسارح وفي دار الأوبرا, والجوائز التي حصدوها على أعمالهم المرتبطة بالأعمال الدرامية خاصةً... لكن، هل تبقى الأغنية الجميلة رهينة الأعمال الدرامية, أم إننا سنشهد ولادة أغنية سورية على قياس الإبداع الدرامي ومنفصلة عنه؟!!.